الفلسطينيون وأخطاؤهم الذاتية

حوارات مع أبو غربية في «مرافئ الذاكرة»

TT

صدر مؤخرا في عمان الكتاب الجديد للكاتب الصحافي والناقد سليم النجار بعنوان «مرافئ الذاكرة: حوارات مع بهجت أبو غربية»، ليشكل إضافة إلى مجموعة من الكتب والدراسات تخصصت في الشأن السياسي والثقافي والاجتماعي وتأريخ الحالة الوطنية في العالم العربي خاصة في ما يتعلق بأوراق القضية الفلسطينية على مستوى الساحة الفلسطينية والمنطقة ككل. وأتى الكتاب الصادر عن دار «ينابيع» ليمثل رحلة في ذكريات بهجت أبو غربية المناضل الوطني العربي الفلسطيني الذي أفنى غالبية حياته كعنصر فاعل في النضال ضد الاستعمار منذ الثلاثينات من القرن الماضي.

وما زال أبو غربية شاهدا على القضية الفلسطينية في مختلف فصولها ومراحلها، ويعد إحدى المرجعيات التي يمكن اللجوء إليها باطمئنان في المسائل الوطنية، لزهده في المناصب والنزاعات السياسية التي كانت تعج بها الساحة الفلسطينية، وصراحته المعهودة في التعبير عن أفكاره وآرائه، وجرأته في تناول القضايا المسكوت عنها.

الكتاب، بجانب ما يقدمه من ذكريات تسعى لمقاومة النسيان والمحو خاصة لدى الأجيال الجديدة، يطرح رؤية أبو غربية في عالم يتفكك داخل صراعات اجتماعية مصطنعة، وأزمات اقتصادية خانقة، أنتجتها أو فبركتها قوى عالمية عرفها العالم العربي منذ مطلع القرن الماضي بأسماء مختلفة، فمن الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس والتي غيبت فلسطين عن الخارطة الدولية، إلى الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وحديثا الاتحاد الأوروبي الذي يعيد إنتاج المطامع الأوروبية في المنطقة. ويصر أبو غربية في حواره على ضرورة التفريق جيدا بين رؤية المتغيرات الدولية المعاصرة، والانخراط فيها بشكل أعمى، ويربط فهم هذه المتغيرات برؤية العرب لذواتهم بين التقدير الحقيقي، والتحول إلى كيان هامشي وظيفته أن يتلقى الصدمات وحسب.

جاء الكتاب في اثني عشر عنوانا تناولت مسيرة المناضل بهجت أبو غربية، ابتداء من وقوفه أمام الحقائق والنتائج التي أفرزتها ثورة 1936. وهو يرى أن الظرف الموضوعي آنذاك تجاوز كل إمكانات الشعب العربي الفلسطيني، فكانت المؤامرة العالمية مكتملة الحلقات حول الفلسطينيين والعرب.

ومن المواضيع التي يعالجها الكتاب، الخطأ التاريخي الذي وقعت فيه الحركة الوطنية الفلسطينية، التي أغفلت أسباب الضعف الذاتي وكذلك سبل التغلغل في النفسية الاجتماعية والتعرف عليها، من أجل توجيهها للتغيير. ويقول النجار إن المشهد الثقافي الفلسطيني منذ سنة 1917 وحتى النكبة، لم يحض على الثورة ضد الأوضاع السائدة في تلك المرحلة لتغييرها عبر تثوير الفلاحين ومساعدتهم على الخروج من الخمول والاستلاب نحو المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية على وجه الخصوص.

الكتاب من إصدار دار «ينابيع» للنشر والتوزيع في عمان.