الكتب السياسية تتصدر قائمة قراءات الكتاب عام 2011

مصر : قراءات فرضها إيقاع ثورة 25 يناير وحالة الحراك السياسي

فارس خضر و هدى وصفي
TT

طغت التحولات السياسية التي تشهدها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير على قراءات الكتاب والمثقفين والشعراء في عام 2011، وانعكست على اختياراتهم لنوعية الكتب؛ فبعضهم انصرف عن قراءة الكتب ذات الثقل الفكري والفلسفي، وركز على الكتب السياسية التي تتناول تاريخ الثورات ومظاهرها المختلفة في العالم، وبعضهم علّق عملية القراءة مؤقتا مكتفيا بمتابعة المشهد السياسي بكل تبدياته التي سادت العام الماضي، ولا تزال ممتدة للعام المقبل.. لكن في كل الأحوال لم يغب الكتاب عن طاولة النشر والبحث والمعرفة، خاصة أن عددا من المبدعين انفعل بالثورة إبداعيا، وحاولوا تجسيد تجلياتها، سواء في شكل مذكرات سردية، أو مجموعات شعرية، أو معارض تشكيلية خاصة.. وهنا نماذج من هذه القراءات:

الشاعر شوقي حجاب يقول: «من أبرز ما قرأته في هذا العام كتاب (الشخصية المحمدية) للشاعر العراقي معروف الرصافي، وهذا الكتاب من الكتب النادرة التي تقدم تحليلا للشخصيات التي التفت حول الرسول (عليه الصلاة والسلام)، ويحكي عن أشخاص حتى فترة العصر العباسي، ويعرض لكثير من الأكاذيب التي روجت عن البعض منهم. كما قرأت على مدار العام الكثير من الكتب، خاصة الشعر، لعبد الوهاب البياتي، وصلاح جاهين، وبيرم التونسي الذي قرأت له المقامات التي تعد أعظم أعماله من وجهة نظري، إضافة إلى الاطلاع على المقالات والتحليلات السياسية فهذا العام سيطرت فيه السياسة على كل شيء في مصر.

أما الدكتورة هدى وصفى أستاذة الأدب الفرنسي فتقول: «قرأت مؤخرا كتاب (سقوط الآلهة) للدكتور محمد الباز، وهو يتناول انهيار النظام وسقوط الحكم. وخلال هذا العام لم أستطع قراءة الكثير من الكتب، وكانت كل قراءاتي متعلقة بالسياسة، خاصة المقالات والتحليلات، حيث كان من الصعب الانفصال على الواقع وعن الأحداث، فمعظم الأحداث الثقافية والعروض الفنية كانت مرتبطة بالثورة، وحتى معظم الإصدارات هذا العام كانت سياسية سواء للكتاب للكبار أو الشباب، فهناك نتاج كبير لأدب الثورة خاصة للشباب حتى إن جائزة نجيب محفوظ لهذا العام قررنا منحها لإجمالي إبداعات شباب الثورة».

ويقول الشاعر محمود قرني: «آثرت هذا العام أن أقوم بقراءة بعض كتب التراث القديم لأنها تساعدني على إنجاز بعض الأعمال الإبداعية في اللحظة الراهنة، منها الأعمال الشعرية الكاملة لأبى العلاء المعري، وكتاب (فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء)، وهو كتاب عبارة عن جزأين استكمالا لمشروع كتاب (الأغاني) لأبى الفرج الأصفهاني، وهو نموذج للحكاية العربية السردية، وفي الوقت نفسه قرأت بعض الترجمات وآخرها مختارات الشاعر ميروسلاف ميوش البولندي الذي ترجمه دوروتا متولي وهناء عبد الفتاح، كما طالعت بعض الكتب التي أصدرها مثقفون عن الثورة وبكل أسف أستطيع القول إنها نموذج تلفيقي للثورة، ولا تعدو أن تكون مجرد تسجيلية مريضة هدفها إثبات الذات والتوقيع في دفتر الحضور في ميدان التحرير، لكن القراءة العميقة والأمينة والمعمقة للثورة لم تكتب بعد، والشعر بدلا من أن يضيف إليها استطاع أن يخصم من رصيدها، لأنه كتب بلغة شعرية وعظية مفتعلة معظم الوقت، وهي لا تختلف بالمطلق عن شعرية أباطرة الدول القومية الذين أيدوا الحكم الديكتاتوري وعاشوا في كنفه».

وتؤكد الشاعرة غادة نبيل أنها لم تستطع إطلاقا الانفصال عن الأحداث السياسية هذا العام، لذلك «كانت كل قراءاتي منحصرة في المواضيع والتحليلات السياسية، فهذا العام لم يكن هناك مجال لقراءات أخرى في أي مجال آخر من مجالات الفكر، بخلاف بعض القراءات في مجال الثقافة بحكم عملي».

ويقول الفنان التشكيلي محمد عبلة: «آخر قراءاتي في هذا العام هو كتاب (نجيب محفوظ الإنسان) وهو من تأليف الأديب السكندري سعيد سالم، وما يميزه أنه يتناول جزئية غير مطروقة كثيرا وهي نجيب محفوظ في الإسكندرية باعتبار أنه عادة ما يتم تناول نجيب محفوظ في القاهرة، خاصة في جو القاهرة القديمة، ولكن هذا الكتاب يتناول علاقة نجيب محفوظ بأدباء الإسكندرية وأهلها، وهو مفيد في التعرف على جوانب أخرى من حياة نجيب محفوظ. كما كان لي بعض القراءات عن الإصدارات الحديثة المتعلقة بالثورة مثل كتاب الأديب إبراهيم عبد المجيد (لكل أرض ميلاد.. أيام التحرير) وكتاب الكاتب القاص أحمد الشيطي (مائة خطوة من الثورة) وهو تجربة شخصية ولكنها ثرية».

ويقول الشاعر فارس خضر، رئيس تحرير مجلة «الشعر»: «آخر قراءاتي في هذا العام هو ديوان للشاعر العراقي صلاح خلف، بعنوان (زنجي أشقر)، وهو أحد الوجوه الشعرية الجديدة والمتميزة في عالم قصيدة النثر. وبالطبع كان التركيز هذا العام على السياسة على كل المستويات ولم يكن هناك مجال لقراءات كثيرة، وإن كان هناك كثير من الإصدارات التي صدرت مؤخرا وكان الكثير منها على مستوى عال جدا، سواء لأفراد أو مؤسسات، كما أن العام الماضي شهد الكثير من الفعاليات الثقافية المتميزة على كل المستويات؛ فدور المثقفين مهم وفعال ولا يمكن تجاهله، وعليهم أن يقولوا كلمتهم».