لبنان: روايات ودراسات.. والشعر غائب

محمد دكروب و رشا الأمير
TT

الروائية والناشرة اللبنانية، صاحبة «دار الجديد» مع تمويض القراءة، أي جعل بعض الكتب موضة دائمة، لا تنتهي بفوات الموسم الذي تصدر فيه. لذلك، تقول إنها قرأت هذه السنة كتبا جديدة، لكنها في الوقت نفسه، اشترت نسخا من الأدب الصغير والأدب الكبير لابن المقفع كهدية للأحبة والأصدقاء في نهاية السنة. وتضيف رشا الأمير «أنا مع كتاب جميل يبقى على مقاس الإنسان ويناسبه وإن تغيرت المواسم والظروف. وإلى جانب ابن المقفع أهدي أصدقائي هذه الأيام نسخا من مؤلفي الجديد (كتاب الهمزة)، لأنني أعتقد أنه طريف وجدير بالقراءة».

أما الكتب الجديدة التي قرأتها ووجدت فيها متعة، فمن بينها كتاب «الحرير والشرق» للكاتبة الفرنسية فلورانس أوليفريه. وتشرح الأمير: «هذا الكتاب عنوانه مضلل، وهو عن مصانع البروكار الدمشقية الآيلة إلى الانقراض. ومما نتعلمه من الكتاب أن ملكة بريطانيا الحالية إليزابيث، كانت قد طلبت أن يكون فستان عرسها من هذا الحرير الدمشقي، الذي باتت مصانعه الآن شبه متوقفة، أو أفلست بالخالص».

وتقول رشا الأمير «قرأت أيضا (قضايا قاتلة) لحازم مصغية، وهو مجموعة مقالات طويلة، موزعة على خمسة فصول، صادر عن (دار الجديد). كما قرأت رواية هدى بركات الجديدة (أقرأ ملكوت هذه الأرض)، الذي تتطرق فيه الكاتبة إلى بعض قصص رجال الدين المسيحيين، بكثير من الطرافة وخفة الدم. وتصف من خلال راويتها حكاية قريتها التي تعرفها جيدا وتدين بعض الممارسات فيها. إنها ليست رواية بالمعنى التقليدي، لكنها تلامس موضوعا حساسا، وهي تخلط بين الفصحى والعامية، بظرف ومن دون كبير تكلف».

تنصح الأمير من يريد أن يقرأ بالفرنسية أن يهدي نفسه كما ستفعل هي كتابا عنوانه «كيف سيبدل بروست حياتنا» للكاتب ألان دو بوتون، أو «لو لوكس دو ليبان» الذي قدم له الشاعر أدونيس، كما أنها معجبة جدا بسلسلة «قاموس عشاق القواميس» الذي بدأت أجزاؤه بالصدور منذ عام 2000. السلسلة ليس لها روح الموسوعة، بقدر ما هي كتابة فيها حب، بحيث يتناول كل كتاب من المجموعة موضوعا بعينه من عدة زوايا وبأقلام عدد من الكتاب.

محمد دكروب: الرواية نسجا ونقدا سيدة الموقف

الكاتب والباحث محمد دكروب، الذي يحتفي هذه الأيام بعودة مجلته «الطريق» للصدور بعد 8 سنوات من التوقف، يتحدث عن سعادته لأن عددها الأول نفد بمجرد أن نزل إلى السوق، وتمت طباعته للمرة الثانية. ويقول دكروب إنه قرأ الكثير من الكتب التي أعجبته هذه السنة. من بين هذه الكتب إصدار جديد للناقدة يمنى العيد اسمه «الرواية العربية، المتخيل وبنيته الفكرية» صادر عن «دار الفارابي». ويضيف «إنه كتاب كبير جمع فيه عدد من الدراسات، نلحظ من خلالها تطورا لمفاهيم يمنى العيد، ورؤية للروايات العربية أوضح مما كنا نراه في كتاباتها السابقة. هو مجموعة دراسات نشرت متفرقة، لكنها حين أصبحت كتابا، تميزت بانسجام وتكاملية في ما بينها. قارئ الكتاب يستمتع بدراسات طويلة ووافية عن روايات عربية مختلفة المشارب، بعضها قديم، وغيرها جديد، هناك دراسة مثلا عن إحدى روايات نجيب محفوظ وأخرى تتطرق بشكل مسهب إلى مشروع ربيع جابر الروائي. الكتاب في 300 صفحة لكنه لا يقرأ على عجل وإنما يحتاج قراءة إلى كثير من التأني والتأمل.

كتاب آخر ينصح محمد دكروب بقراءته عنوانه «جنود الله». وهي رواية جديدة للسوري فواز حداد، اللافت فيها «قدرة الكاتب على الخروج من ذاتيته الصرف التي باتت لوثة الرواية العربية الحديثة إلى التوثيق الروائي الجميل. حين يكتب فواز حداد عن التكفيريين في العراق، نظن أنه يعيش هناك، ويعرف تفاصيل الأحداث، وحين نقرأه يكتب عن لبنان نظن أن الكاتب مقيم فيه. عمل محبوك وفيه شغل متقن، وتوثيق محكم.

رواية أخرى يعتقد محمد دكروب أنها تستحق القراءة وهي «بروفا» للسورية روزا ياسين حسن. وهي حكاية مكلف رسمي بالتنصت على المكالمات الهاتفية، يغرق في اللعبة حتى الثمالة. في الرواية ربط بين الأسماء والقصص والأصوات، كما انسجام تكاملي بين موضوع الرواية وبنيتها. حكايات فيها نقمة على المجتمع منسوجة بعناية.

لينه كريدية: الشعر بات محبطا

لينة كريدية روائية وناشرة، أخذت على عاتقها منذ سنوات، إصدار عشرات الدواوين الشعرية، حيث باتت «دار النهضة» في بيروت بفضل هذا المشروع مقصدا للشعراء العرب. لينة كريدية التي تحتفي حاليا بصدور روايتها الجديدة «نساء يوسف» تقول بعد مشوارها الاستثنائي مع الشعراء، أن المستوى مخيب، وبات قليلا ما يعثر القارئ على ديوان يتميز بصوره، وقدرته على إخراجنا من الروتين الكلامي العادي، إلا أن بعض الشعراء لحسن الحظ لا يزالون يمتعوننا. وقد سعدت بقراءة الديوان الجديد للشاعرة سوزان عليوان «ما يفوق الوصف». «فالديوان فيه صور جميلة وجديدة، ويحمل في كل صفحة مفاجأة. سوزان تمتاز دائما بالشفافية والرقة، وبضرباتها الشعرية». وتنصح لينة كريدية بقراءة رواية الشاعر والروائي المغربي محمد الأشعري «القوس والفراشة» التي ترى أنه «رغم الأخطاء في الأسماء التي شابتها، فإنها تنطوي على خلفية تاريخية غنية، وفيها عمل لافت على الأماكن، وهي ممتعة للقراءة». كما تنصح كريدية بقراءة رواية السورية سمر يزبك «لها مرايا» لما فيها من تشويق وقدرة على الجذب حتى صفحتها الأخيرة. وتقول أيضا إن كتاب «العنف الأسري على الطفل» الذي «يتضمن دراسات وإحصاءات مهم لأنه يفتح أعيننا على حقيقة أن العنف يتصاعد في مجتمعاتنا، والسبب أن العنف يولد عنفا أكبر منه وليس العكس، مما يستدعي الانتباه على ضرورة كسر هذه الحلقة الجهنمية».