الحضور الثقافي للمرأة السعودية.. أزمة تطل من جديد

ملتقى المثقفين السعوديين الثاني لم يسفر إلا عن جدل عقيم

الملتقى.. وجبات ثقافة في غياب المثقفين
TT

بينما كان السعوديون يستعدون لإطلاق مشروع طموح لتوطين آلاف الوظائف النسائية، وفتح فرص أمام عشرات الآلاف من الفتيات السعوديات للعمل في محلات بيع الملابس والمستلزمات النسائية، رغم ما خلفه من جدل كبير، جاءت العراقيل أمام حضور المرأة هذه المرة من المثقفين الذين اجتمعوا في الرياض في ملتقى المثقفين السعوديين الثاني.

في الملتقى الكبير، الذي احتشد بوجوه الثقافة والإبداع، وغصّ بأوراق العمل، والطموحات العالية التي ساقها المنظمون للمرة الثانية للعمل على «هيكلة» القطاع الثقافي، لم يسفر الملتقى إلا عن جدل «عقيم» حول وجود المرأة، واختلاطها في محفل عام مع زملائها المثقفين.

ثمة عناصر «استفزها» مجرد حضور المرأة في مكان عام، ففتحت الجدل على مصراعيه مرة جديدة حول أزمة المثقفين السعوديين مع المرأة، أو أزمة المرأة في المشهد الثقافي السعودي.

ثمة مثقفات تحدثن خلال الملتقى، اعتبرن أن المرأة شكلت أزمة في التعاطي الثقافي والاجتماعي، وذلك لحزمة من الصور الذهنية المتحجرة، مشيرين إلى أن حضور المرأة لا يتناسب مع وجودها الفعلي إحصائيا، في الوقت الذي يبقى إدخالها كعضو فاعل في المؤسسات الرسمية غير فعال إلا بقرار حاسم من صانع القرار.

* لمياء باعشن: أتهم وزارة الثقافة

* في ورقتها المهمة التي ألقتها في ملتقى المثقفين، تحدثت الناقدة السعودية الدكتورة لمياء باعشن، أستاذة النقد والأدب الإنجليزي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، عن التهميش الذي تعاني منه المرأة المثقفة، وخاصة من قبل وزارة الثقافة والإعلام، من خلال تحديد دورها الوظيفي في قطاعات الوزارة المختلفة، والحدّ من مشاركتها المحلية والخارجية، وتقليص أدوارها في الأندية الأدبية، واستبعادها عن مجالات تكون فيها فاعلة بشكل قيادي.

وترى باعشن أن التعاطي مع المرأة يدخل من اعتبارها «كائنا متطفلا على الثقافة»، محملة وزارة الثقافة المسؤولية لإقصائها. وأشارت باعشن إلى «استبعاد الوزارة للمرأة من اللجنة الأساسية لوضع لائحة الأندية الأدبية، وبعد إقرار اللائحة، فصعقت النساء من تغييب تاء التأنيث من جميع سطورها، وقاومت الوزارة كل مطالبات النساء بإضافة الحرف التأنيثي معللة أن كلمة الأديب تشمل الجنسين. وفي كل دورة تعديلية للوزارة تشكل لجان خماسية وسداسية، ولكنهم لا يدعون إليها امرأة واحدة»، مشيرة إلى أنه عندما شكلت اللجان الإشرافية على انتخابات المجالس البلدية لم تحصل المرأة على عضوية رسمية فيها.

* د. عزيزة المانع: تحطيم الصندوق

* من جانبها، رأت الدكتورة عزيزة المانع، أستاذة التربية بجامعة الملك سعود، في ورقتها التي شاركت بها في هذا الملتقى، أن الدور الثقافي الذي تقوم به المرأة يتحدد غالبا من خلال المجتمع الذي تعيش فيه، وحسب المساحة المحددة لتحركها، لذا لا يتاح لها أن تحقق دورا إيجابيا بارزا ما لم يغير المجتمع موقفه الثقافي تجاهها.

وفي محور آخر، تناولت التصور المرسوم في الذهن المحلي عن المرأة المثقفة، وهل هو الدور الذي تؤمن به المرأة نفسها أم الدور الذي يفرض عليها، مشيرة إلى أن دور المثقفة في البدء يجب أن يبدأ من أسرتها حين تأخذ على عاتقها تربية النشء إناثا وذكورا على أهمية احترام قيم العدالة والحرية والديمقراطية واحترام الإنسان لإنسانيته وليس لنوعه. وأشارت أيضا إلى دور المدرسة في هذه العملية، وإلى أهمية «تحطيم الصندوق الضيق الذي حشرت فيه المرأة إعلاميا، وبناء جسور ثقة بين الجنسين».

* د. ثريا العريض: أزمة المرأة.. جسدها

* في الورقة التي قدمتها للملتقى، توقفت الشاعرة الدكتورة ثريا العريض عند منهجين في حديثها عن دور المرأة: الأول تأسيسي، وهو المنهج النبوي في حقوق المرأة ومنها عدم التمييز بينها وبين الرجل في حق التعبير عن الرأي، ومسؤولية المساهمة في بناء المجتمع، وفي ذلك التأكيد خروج واضح عن السائد وتأكيد لمبدأ التطور.

ولكنها تأسف لأن هذا الموقف النبوي المتنور ضيعه اللاحقون، فيما أن المنهج الآخر تطبيقي، يتعلق بالمستقبل المرغوب بهدف البناء الشامل عبر منهج الاعتدال والعدالة وعدم التمييز الفئوي.

وأكدت العريض في ختام ورقتها أن حضور المرأة لا يتناسب مع وجودها الفعلي إحصائيا إذ تمثل 50 في المائة من خريجات المؤسسات التعليمية، في الوقت الذي يبقى إدخالها كعضو فاعل في المؤسسات الرسمية غير فعال إلا بقرار حاسم من صانع القرار.