مثقفات لـ «الشرق الأوسط»: قيود النسق تكبل المبدعين رجالا ونساء

المرأة ستمضي في مشروعها الثقافي وسيقبل به المجتمع أولا ثم يصبح واقعا

TT

ترى الدكتورة عائشة يحيى الحكمي، أستاذ مساعد للأدب الحديث بجامعة تبوك، وعضو مجلس إدارة نادي تبوك الأدبي، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: أن المرأة شريك أساسي في المنتج الثقافي السعودي، رغم القيود التي حدت من حركتها وبينها دخولها للتعليم متأخرة سنين عن الرجل.

وأوضحت الحكمي أن المرأة السعودية تحتاج إلى مراحل قادمة تتمكن فيها من استيعاب حقوقها الفكرية وأهمية وقيمة مشاركتها في البناء الثقافي والاجتماعي المحلي والعالمي، وكذلك تحتاج إلى بيئة صحية يتربى فيها فكرها وهذا أمر يحتاج إلى تقادم الزمن.

وأضافت: «نحن في زمننا الحاضر نرى بعض البوادر التي تهيئ المجتمع إلى قبول المرأة كشريك قوي وفعال في صناعة المستقبل من خلال تكثيف دعوة أهل الفكر والرأي إلى تمكين المرأة من أداء دورها في الحياة».

وترى عائشة الحكمي أن المرأة بدأت تعي قيمة ذاتها كمفكرة ومبدعة، وأن المطلوب منها الآن «هو تأهيل ذاتها لكي لا ينظر إلى مشاركاتها بالدونية. المرأة تبحث الآن عن التفوق ولن ترضى بغيره، فنحن نرى في الساحة الثقافية الفنانة التشكيلية والمطربة والممثلة والمذيعة وإن كان حضور هذه الفئة ملموسا منذ زمن حتى على المستوى العالمي».

وتضيف: «حين بدأ المجتمع يستوعب أهميتها في مسيرة بنائه كانت المرأة جاهزة، فبادرت بالمشاركة في البناء والتطوير الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، ولم تكتفِ بالتعليم أو الوظائف بل أخذت تنتج المعرفة وتبني المؤسسات الاجتماعية والثقافية وأسهمت في إثراء الساحة الثقافية بكتاباتها الصحافية والقصصية والشعرية».

وعن مشاركة المرأة وحضورها الثقافي، تقول: «المرأة مكون مهم في السياقات الثقافية والاجتماعية وعلى كافة الصعد الإبداعية والثقافية لكنها تأخرت كثيرا في النزول إلى هذه الميادين، رغم أن هناك نماذج نسائية عبرن المحيط المحلي مثل الكاتبة (سميرة بنت الجزيرة) التي بدأت نتاجها الروائي في عام 1959، والشاعرة (ثريا قابل)، والمذيعة في هيئة الإذاعة البريطانية (هدى عبد المحسن الرشيد) التي عملت أكثر من 30 عاما في (بي بي سي)، وغيرهن. وتوضح الدراسات، مثل كتابي خالد اليوسف وسارة الأزوري، الحضور الثقافي والإبداعي للمرأة السعودية، الذي يكاد يفوق الرجل، كما إحصائيات عام 2006، التي صدرت في المملكة، أشارت لوجود 46 رواية أكثرها لكاتبات».

وترى الحكمي أنه فيما يتعلق بممارسة المرأة حقها في التعاطي مع المنتج الثقافي والاجتماعي فهو ما زال دون المأمول، فهي ما زالت ترتهن للمحيط الذي تعيش فيه تحترمه وتقدره طواعية دون تردد وتدين له بالولاء، لذلك ترى أنه سيكون لهذا الواقع تأثيره العميق في الحد من جرأة المرأة في البوح الفكري أو الثقافي والاجتماعي وتحتاج المرأة السعودية لأخذ زمام المبادرة في كسر تابو الرقيب الاجتماعي والثقافي، وهو التابو الذي يشترك معها الرجل في الخوف منه.

* ملاك الخالدي: المرأة لا تمثل أزمة ثقافية

* من جانبها، ترى الشاعرة ملاك الخالدي أن المرأة لا تمثل أزمة في التعاطي معها، فهي مكون وعنصر مهم في البناء الثقافي والاجتماعي على الصعيد الروائي أو الشعري أو القصصي أو ما شابه ذلك.

وتستدرك الخالدي قائلة: «حين نتحدث بشكل واقعي فإننا لا بد أن نقرّ أن المرأة هي ميدان التوترات دوما، فأينما تجد اسم المرأة ستجد نزاعا! لذا يجب أن يؤمن المجتمع بالمرأة كعنصر أساسي تشاركي في المجتمع ومن ثم يتركون لها الحرية في الاختيار دون أوصياء يقررون عنها وباسمها، إذ يجب أن تتحدث المرأة عن نفسها وباسمها وتقرر ومن ثم تمارس العمل الثقافي وفق رؤيتها في إطار محدد. وللأسف ما زالت ممارسة المرأة لحقها في البوح الفكري أو الثقافي أو الاجتماعي يمثل عقبة بسبب القيد الاجتماعي الذي لا يمت للدين بصلة، لذا تجدها توارب وتغرق في الرمزية في بداية مسيرتها الإبداعية حتى تصل لمرحلة تمكنها من التعاطي الثقافي دون أحجبة سيكولوجية أو ذهنية».

وترى الشاعرة الخالدي أن المرأة السعودية يمكن أن تنتصر لنفسها ثقافيا واجتماعيا من خلال الإيمان بمبدأ التشاركية المجتمعية ومواصلة مسيرة الإبداع الذي هو الجسر الحقيقي لوصول المرأة إلى ما تصبو إليه، والمسألة مسألة وقت وإصرار كذلك، مبدية خشيتها على المرأة من المرأة نفسها الغائبة عن فهم ذاتها الخلاقة أو المنساقة في نسق الصورة الذهنية التي شكلها المجتمع الذكوري في الأذهان.

وأشارت إلى أن كثيرا من النساء يحصرن دورها في زاوية ضيقة، وترى أن ممارسة العمل الثقافي والاجتماعي المتحضر نوع من التمرد الذي ترفضه، لذا يجب أن تمضي المرأة المثقفة في مشروع ذي جناحين، الأول الوصول للتشاركية الكاملة في بناء المجتمع، والثاني تصحيح الصورة الذهنية لدى شريحة غير قليلة لدى بنات جنسها.

ومع ذلك تنظر الخالدي إلى مستقبل التعاطي ثقافيا واجتماعيا مع المرأة في السعودية بتفاؤل، موضحة أن المرأة تقف الآن في المكان الصحيح والتعاطي معها ثقافيا واجتماعيا يسير بالاتجاه الصحيح وإن أثار البعض الضجيج هنا وهناك.

وتعتقد ملاك الخالدي أن المرأة المثقفة ستمضي في مشروعها الثقافي وسيقبل به المجتمع أولا ثم يصبح واقعا يحتاج إلى مزيد من تطوير.