«مغرب الكتب» تكريس لفرنكوفونية مغاربية

رواج كتب الثورات العربية في معرض بباريس

TT

احتضنت بلدية باريس نهاية الأسبوع الماضي الدورة الـ18 لصالون «مغرب الكتب» الذي تنظمه جمعية «ضربة شمس» منذ عام 1994. وتميزت دورة هذه السنة بتكريم الكتاب المغاربة بعد أن كرمت الكتاب التونسيين العام الماضي، وحسب رئيس الجمعية، جورج موران، الذي التقته «الشرق الأوسط» لاستيضاح بعض جوانب المظاهرة «المغاربفركفونية» حتى إشعار جديد، فإن موعد الدورة الـ19 سيكون مع الكتاب الجزائريين.

استقت «جمعية شمس» تسميتها من انتماء مؤسسها موران المولود في قسنطينة الجزائر الفرنسية إلى بلدان المغرب «المركزي»، كما أطلق عليه في الملف الصحافي، وعلى رأسها الجزائر باعتبارها أكثر بلد مغاربي يشمل فرنسيي جمعية «ضربة شمس» التي تذكرنا دوما وأبدا بكتاب «أعراس» لألبير كامو. وتهدف الجمعية التي تأسست عام 1985 إلى جمع الكتاب المتحدرين من أصول مغاربية بنظرائهم الفرنكوفونيين المغاربيين - مفصولين عن الليبيين والموريتانيين - بهدف دعم الروابط بغض النظر عن انتماءاتهم الجغرافية والعرقية والتاريخية (سواء كانوا من العرب أو البربر أو اليهود أو الأوروبيين أو المهاجرين أو الفرنسيين المرحلين)، كما تتطلع إلى تكريس العطاء الثقافي المغاربي في المجتمع الفرنسي. عمليا، تطبق الجمعية أهدافها من خلال التفكير في تاريخ المغرب «المركزي»، وفي الاندماج الثقافي القائم على اللغة الفرنسية أساسا خلافا لحقيقة تنوع المغرب المركزي لغويا وحضاريا، كما قلنا لرئيس الجمعية استيضاحا لتناقضها مع المادة الثانية من القانون التأسيسي الداخلي: «مناضلو (ضربة شمس) يسعون إلى بناء مجتمع فرنسي أخوي يثق في نفسه وينفتح على العالم، ويجسد مصير شعوب البحر المتوسط الغربي».

حضر دورة هذه السنة 165 من مبدعي الكلمة في شتى أصناف الإبداع الأدبي والفكري المغاربي من بينهم نحو 30 كاتبا جاءوا من المغرب، فضلا عن الذين يعيشون في فرنسا، وتجاوز عدد دور النشر التي عرضت أكثر من 5 آلاف كتاب على امتداد مساحة ألف متر مربع، الـ100، تعود الكثير منها عرض الكتب على جمهور يتراوح سنويا ما بين 6 آلاف و6 آلاف ونصف الألف، وبتوقيع ومناقشة المنشورة حديثا في 156 ندوة نظمت في المقهى الأدبي. فإلى جانب الأسماء المغاربية والفرنسية المعروفة من أمثال أنور بن مالك وعبد اللطيف اللعبي والطاهر البكري والحبيب السالمي ومايسة باي وجيلالي بن شيخ وفضيلة مرابط وبنيامين سطورا وآخرين، كان لوجود الكتاب المغاربة الجدد نسبيا الوقع الطيب على التظاهرة. من هؤلاء كبير مصطفى عمي وغيتا الخياط وفدوى إصلاح وكريم بوخاري الذين ناقشوا في الندوة التي حضرتها «الجزيرة نت»، رواية «مردوكي» وكتاب «قصص من المغرب» ورواية «سقطت في أيدي الفرنسيين»، وقالت الخياط أن روايتها رفضت في فرنسا الأمر الذي تسبب في عدم عرضها واضطرارها لنشرها في بروكسل.

ومن بين الكتاب المغاربة الذين جاءوا بإبداعاتهم الجديدة اللافتة نذكر أيضا يوسف بلال «الشيخ والخليفة - سوسيولوجيا الإسلام السياسي»، وبوعزة بن عشير «رسائل خير الدين إلى زوجته زهور جند 1885 – 1995»، وعلي بن حدو «أنثروبولوجيا المغرب السياسية»، وعبد اللطيف شاويت «لا أحد ينتظر الأجنبي.. الأجنبي ينتظر وحده»، وزكية داوود «الشتات المغربي في أوروبا»، وحياة اليماني «قصص نينيو»، وبديعة حان ناصر «مستوى المذرات الثلاث»، وكوثر عشي «سعة النهب» ومصطفي قرمودي «المغرب سفر في الممالك الضائعة»، وسعيد لعقابي «السيد سامبا القناوي الأخير وفؤاد العروي - سيدة القصر الأخيرة -. وتمثل الحضور المغربي»، وأيضا في ندوات تضامن المغرب وتونس مع الجزائر خلال ثورتها التحريرية وتكريم عبد الكريم الخطابي والكاتب المغربي في مواجهة التعددية اللغوية.

وكما كان منتظرا اقتنى الكثير من الزوار الكتب التي راجت عن الثورات العربية، وسيطرت الكتب «الفرنكومغاربية» وعلى رأسها «الفرنكوجزائرية» بحكم كثرة الناشرين الجزائريين المفرنسين، وعرضت العناوين العربية التي لم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وكان أبرزها كتاب المحلل الاجتماعي ناصر جابي «الوزير الجزائري.. بحث سوسيولوجي».

وردا على أسئلة «الشرق الأوسط» التي التقته بعد جهد جهيد، حاول موران، رئيس جمعية «ضربة شمس»، نفي الخلفية الآيديولوجية لتظاهرة مغاربية تلغي البعد العربي وتضمن الأمازيغي بلغة فولتير وموليير وديغول، مقدما مبرر هوية الموقع ونوعية ثقافة الزائرين ولغة الإبداع الأدبي المنشور أكثر باللغة الفرنسية في البلدان المغاربية.

ولم يجد موران غير قول: «أطلب مساعدة المعربين»، بعد أن أعلم بأن قوله غير صحيح، وأن إبداعا هاما ينتج في المغرب «المركزي» باللغة العربية، لا سيما في الجزائر، وأن مبرر لغة الجمهور المهيمن غير منطقي لبناء مغرب ثقافي منفتح على العالم ما دامت الترجمة ممكنة في ندوات يحضرها مثقفون معربون أو مزدوجو اللغة من أمثال الأعرج واسيني وأمين الزاوي وعبد اللطيف العروي والطاهر البكري. أخيرا يلاحظ على التظاهرة حضور الكتاب أنفسهم في كل دورة وغياب آخرين، لا يقلون أهمية.