الآخر في الرواية الخليجية.. الخروج من أسر الصورة النمطية

العدواني: لا توجد منطقة تعايشت مع الآخر تنوعًا وتسامحًا كما عاشت المنطقة الخليجية

الناقد السعودي د.معجب العدواني متحدثاً عن صورة الآخر في أبوظبي الأربعاء الماضي
TT

بعنوان «الآخر في الرواية الخليجية.. إدراك الذات في نص التعدد»، تحدث الناقد السعودي الدكتور معجب العدواني، أستاذ النقد والنظرية بجامعة الملك سعود بالرياض، في محاضرة نظمتها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، يوم الأربعاء الماضي، عن الحاجة إلى تجاوز الأفكار النمطية التي يجري تكوينها عن الآخر.

وقال العدواني إن هذه الأفكار التي «تجسد صور الآخر ناظرًا أو منظورًا إليه»، مشيرا لأهمية تجاوز الأفكار المسبقة والمتداولة عن الآخر «بمحاولة تفكيك الظاهرة بصورة قد تبدو أكثر ممارسة وتحليلا نقديين». وقال: «لأن الأفكار المسبقة تمثل منعطفًا مهمًا في التعامل مع الآخر، إذ كثيرا ما نعرف عن صورة العربي لدى الآخر الغربي على سبيل المثال، قبل 2001 أنه (ثري نفطي يعاقر الخمر)، وبعد 2001: (إرهابي عنيف)، ويمكن اختزال صور الشعوب لدينا في مفردات واحدة مثل إيطالي: (مافيا)، اسكتلندي: (بخيل)».

العدواني الذي انطلق من قاعدة أن إدراك الذات لا يتحقق دون معرفة الآخر، رأى أن الحديث عن الرواية يأتي بوصفها الوعاء الأكثر شمولا والأقدر على الانفتاح، ويتوافق مع ذلك كون الرواية نص التعدد وأفقه.

وفي حديثه عن الإطار الجغرافي للرواية الخليجية، رأى العدواني أن هذه الدول (الخليجية) التي تختلف في مساحاتها بين الصغيرة والكبيرة لكنها تتفق في أعرافها وتقاليدها وفي علاقاتها مع الآخر، الذي ظل فؤاده يهوي إلى هذه المنطقة مدفوعًا برغائب دينية أو اقتصادية في مستواها الأولي.

وقال: «لا منطقة في هذا الكون تعايشت مع الآخر تنوعًا وتسامحًا كما عاشت هذه المنطقة، لكن هذه المقدمة لا يعني أن ننام في سباتها ونؤمن بها كمسلمة لا تقبل النقض وتستعصي على التفكيك، متكئين على هذه العلاقة، ولا يعني أننا ملائكة تمشي على الأرض، فالأزمان كفيلة بكسر ما يثبت في الأمكنة من ثقافات ومواقف».

في الإطار النقدي، اعتبر العدواني أن ترسيخ مفاهيم نقدية مثل الاختلاف، التماثل، الحوار، الخلاف، تساعدنا على استقصاء التجربة الروائية وتتبعها، «وبالتأكيد فإن أي عمل لن يكون بعيدًا عما أشرنا إليه من المفاهيم الأربعة السابقة في النظر إلى الآخر».

تحدث العدواني عن المتن الروائي «المستهدف من نصوص روائية كتبت لمعالجة هذه القضايا بوعي أو دون وعي»، وصنف تلك الأعمال اعتمادًا على بعدين هما: ما يتصل بمهمة الرواية ودورها الذي يكشف باقتدار عما يخترق التعامل مع الآخر وآلية نقده. والبعد الثاني: يعتمد على الإيمان بمهمة النقد التي تتجلى في الكشف عن الأعمال التي تدعم هذا الاتجاه أو ذاك.

وقال: نتيجة لذلك ظهرت لدي مجموعات روائية ثلاث لها حضورها في معرفة الآخر:

المجموعة الأولى: النصوص التي تشير إلى الظاهرة ولا تكشف ولا تحفز على تفكيكها، ويندرج في هذا أعمال كثيرة قد تجعل من الآخر علاقة تماثل واستدعاء ولا سيما (الغرب) ويلاحظ أن معظم الأعمال الروائية تطرح هذه الثيمة بصورة متواترة.

المجموعة الثانية: نصوص تشير إلى الظاهرة، وتحفز على التفكيك، حيث تقع النصوص نفسها أمام مساءلة نقدية يتم من خلالها استنطاق تلك الأعمال في إطار سياقاتها الاجتماعية والسياسية والثقافية. وأستشهد بثلاثة أعمال روائية: «قلب من بنقلان» للروائي السعودي سيف الإسلام بن سعود، و«رحيل اليمامة» لمواطنه إبراهيم الخضير، و«ريحانة» للكاتبة الإماراتية ميسون صقر.

المجموعة الثالثة: وتبدو في نصوص تبدع في تفكيك الآخرية، وتحللها بطريقة نقدية، ويتحقق هذان الشرطان بفاعلية أكبر في عملي: الروائية الكويتية سعداء الدعاس «لأني أسود»، وبصورة مماثلة لدى مواطنها محمد الرجيب «أما بعد».