«اللمة» تجمع شبابي «أرضي - افتراضي» يرفض الرأي الأوحد

يلتقون أسبوعيا في مسجد «السلطان حسن» بالقاهرة

مسجد السلطان حسن بالقاهرة يجمع شمل فريق «اللمة» أسبوعيا
TT

إذا فكرت أن تزور مسجد السلطان حسن بالقاهرة يوم السبت من كل أسبوع، ستجدهم هناك يفترشون الأرض، متحلقين في دائرة، في أحد أروقة المسجد، يغرسون بذور العلم، لتنمو شجرة الثقافة، حتى تجني بلادهم ثمار المعرفة بتثقيف شبابها. «اللمة»، مجموعة ثقافية، تتكون من الشباب وطلاب الجامعات المهتمين بالثقافة والعلم، يجتمعون أسبوعيا في نفس هذا المكان، للنقاش حول موضوع ثقافي معين، ويتسم النقاش بطابع من البساطة على شكل «دردشة» منظمة، حيث يتطوع أحد الحاضرين لتقديم الموضوع محور النقاش في خمس وأربعين دقيقة، ثم يفتح باب النقاش لكل الموجودين ليشاركوا في الحديث، سواء بطرح سؤال أو فكرة، ويدوم الحال على هذا النحو لأكثر من ساعة.

لا يتوقف الأمر هنا، حيث يتم تسجيل اللقاء صوتا وصورة، ثم يوضع على موقع إلكتروني يخص المجموعة لتجذب أعدادا جديدة من الشباب للمشاركة في «اللمة» عن طريق التعليقات، كوسيلة جديدة للتفاعل والانتقال من المساحات الافتراضية لتفاعل حي على أرض الواقع، بخلق مساحات اجتماعية وروابط ثقافية بين الشباب.

أحمد عبد المجيد، منسق عام «اللمة» صاحب الفكرة، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «فكرتنا بسيطة للغاية، كل ما نبغيه أن نجتمع لنتعلم سويا، ونتفاعل ونتشابك، نعبر حاجز الاختلافات ونستفيد من تنوع الاهتمامات والخلفيات ونتعلم أسس الحوار البناء».

وعن الفكرة يقول: «منذ نحو عام ونصف العام خطرت لي الفكرة، فقد سئمنا كشباب جو الندوات والمحاضرات التي تعتمد على أسلوب التلقي والتلقين، وأن يحاضر شخص واحد منفردا وكأنه أوتي جوامع الكلم بينما الحضور صامتون، أردت أن نخرج من عباءة التلقين ونتحدث كلنا. كانت البداية مع خمسة من أصدقائي ثم توسعت الدائرة وتزايد العدد وأصبحت «اللمة» مقصدا للكثير من شباب الجامعات من مختلف التوجهات والأطياف، ومن مختلف المحافظات أيضا، ونأمل أن تنتشر فكرة «اللمة» في كل جامعة في مصر وفي كل حي وشارع».

ويشير عبد المجيد إلى أن الفريق يجيد إدارة الاختلاف بالتزام كل فرد ببعض القواعد مثل عدم مقاطعة أي شخص أثناء الحديث، والإيمان بأننا نختلف حول الفكرة وليس الشخص.

تنقل أعضاء «اللمة» بداية بين عدد من المراكز الثقافية، ثم كان اختيار مسجد السلطان حسن ليعطي للكلمات عذوبة ويضفي جوا من الروحانية والبساطة، وشغفا بالعلم واحتراما له.

من بين أعضاء المجموعة يقول محمد محرز، ويعمل محاميا، عرفت «اللمة» عن طريق أخي الذي اصطحبني معه لأحضر إحدى جلساتها، وبالفعل شاركت ولم أنقطع عن متابعتها، فقد شعرت أنها تقدم شيئا مميزا ومختلفا عن الفرق الثقافية الأخرى فهي ليست نخبوية، وليست أكاديمية أو بها صرامة منهجية، ولكنها تستهدف ذلك الشباب الذي لا تستهويه القراءة لكنه يحب أن يتعلم. ويلفت إلى أن من بين الموضوعات التي تمت مناقشتها وأعجبته موضوع عن مركز التفكير بالعقل أم بالقلب، وتحليل الشخصية المصرية بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) من وجهة نظر سيغموند فرويد، وكذلك موضوع تركيا بين أردوغان وأربيكان. أما سامية إبراهيم (25 عاما) فتبين أن أكثر ما يجعلها تحضر جلسات «اللمة» بشكل دوري هو الحركة والتفاعل وأسلوب العرض الشيق والمختلف، إلى جانب رحلات اللمة التي ينظمها الفريق مرة كل شهر للتعرف على معالم مصر السياحية المختلفة. وتقول مي البكري، طالبة بكلية الطب: «اللمة هي المكان المناسب لتعلم كيفية التحدث بثقة وعرض فكرتي دون خوف أو تردد، واستفدت من تنوع الآراء والتي مهما تكن شائكة، فإن اختلاف الرأي لا يفسد ما بيننا من ود واحترام».