مسيرة إبداع مستمرة

TT

تشغل الشاعرة والكاتبة والأكاديمية السعودية الدكتورة فوزية أبو خالد حيزا كبيرا في فضاء الإبداع السعودي، فبالإضافة إلى الباقة الأدبية من شعر ونثر ونقد التي تساهم في صياغتها، فقد مارست العمل على أطروحات الرأي والتحليل العلمي الاجتماعي، في القضايا الوطنية وقضايا الحقوق والمرأة والطفولة.

وأتمت أبو خالد مراحل تعليمها النظامي بالمدرسة الأولى بالرياض وبالمدرسة الخامسة ومدرسة التربية الحديثة بجدة، فيما بدأت دراستها الجامعية بالجامعة الأميركية في بيروت، وأتمتها بجامعة لويس أند كلارك ببورتلاند أوريجن بأميركا.

وحصلت على درجة الماجستير، من جامعة الملك سعود في البعد الاجتماعي لعمل المرأة الزراعي بمنطقة عسير وتهامة بجنوب السعودية، ثم على درجة الدكتوراه في المرأة والخطاب السياسي من جامعة سالفورد بمانشستر ببريطانيا.

حظيت بتلقي المعرفة من شخصيات رائدة منهم، حمد الجاسر، والدكتور إحسان عباس، والشاعر الدكتور خليل حاوي, والشاعر الدكتور نذير العظمة, وعالم الاجتماع الدكتور حليم بركات، والدكتور هشام شرابي, والدكتور نعيمة كساب, والبروفسور جون كانون، والبروفسور أسعد نظامي والدكتور عبد الله البنيان، والدكتور الحاج بلال عمر، والدكتور يكن أرتورك, والدكتورة ثريا التركي، والدكتور سلمى خضرا الجيوسي.

في بداية مشوارها الدراسي، عملت محررة وكاتبة في صحيفة «عكاظ»، وعملت معيدة ومحاضرة بقسم الدراسات الاجتماعية لكلية الآداب بجامعة الملك سعود، قبل أن تصبح عضوا بهيئة التدريس بقسم الدراسات الاجتماعية، لكلية الآداب.

في عمر مبكر كتبت الشعر، وديوانها الأول «إلى متى يختطفونك ليلة العرس» 1973 - 1974، أصدرته في سن الـ14 وهي على مقاعد الدراسة، كما كتبت مبكرا المقالات في الصحف المحلية والعربية، حتى إنها أصبحت كاتبة مقال يومي وهي في المرحلة المتوسطة. وكتبت في مجلة «اليمامة»، وكان لها مقال رأي بمجلة «اقرأ»، بعنوان «قطرات من نهر الوطن»، مطلع الثمانينات.

وهي أيضا من بين أبرز من رصدوا ظاهرة التحول الثقافي في المجتمع السعودي واشتغلت على تحليلها منذ بداية التسعينات، كما في سلسلة مقالاتها التي تحلل فيها الحركة الثقافية الحديثة بالسعودية، بعنوان «سيرة ذاتية لتيار جماعي».

وللشاعرة فوزية أبو خالد، عدة إصدارات شعرية، منها: «إلى متى يختطفونك ليلة العرس»، و«قراءة في السر للصمت العربي.. أشهد الوطن» (1982)، و«ماء السراب» (1995)، و«مرثية الماء» (2005)، بالإضافة إلى «شجن الجماد» (2006)، كما لها إصدارات أدبية للأطفال منها «طيارات الورق»، قصة للأطفال، 1990، و«طفلة تحب الأسئلة» (1991)، بالإضافة إلى إصدارات كتب أخرى منها، كتاب للأطفال أجنحة قراءة تحليلية للمحات من واقع الطفولة من منظور علم اجتماع الطفولة في2004. وترجمت بعض أعمالها الشعرية للغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية، ومنها كتاب «نساء من الهلال الخصيب»، و«نساء بلا حدود»، وكتاب «أدب الجزيرة العربية الحديث»، وأعمال أخرى.

وأسهمت فوزية أبو خالد كذلك في إثراء البحث العلمي، ولها عدد من البحوث وأوراق العمل والقراءات التحليلية باللغة العربية والإنجليزية المنشورة في مجلات دورية متخصصة أو المقدمة في منتديات محلية وعالمية، كما أن لها العشرات من المشاركات البحثية.

* من «قصيدة النساء»

* أي فردوسٍ انسَلَّ منه النساء

وسكبنَ السَّرابَ

على..

سُبات السابلة؟

نُهرِّب ماءَ السماء في سواد المساء

نُقطِّر شمسا نحاسيّة على شحوبِ الصحراء

نشكّ الأصابعَ بماسِ العسيب

أي نعاسٍ يغالب صحوَ الصبايا؟

نستمطر القلبَ أشواقا حييّة ورحيقا يفور

نستمطر الوقتَ عمرا وصبرا جميلْ

نستمطر الطرقاتِ..

وطنا

يبدّد الوحشة المشتركَة

أي رياح تُخاطف الأشرعة؟

نُمازج الطوفانَ بأطياف تطير

ونُؤلِّف من كل زوجين اثنين

مَهْرا للمُهرة الهاربة

أي قمر علَّقتْه شهرزادُ على ليل اللقاء؟

قلنا اقتربْ

قلنا عصافيرُ تحترق

قامة تُورق

قلنا زرقاءُ تقرأ إشارات المَحاق

غابة سِدْر تُشْجِر مُكعَّبات الفراغ

قلنا..

هيّأنا الأَهلَّة للعيدِ

الأكفَّ للحنّاء هيّأْنا

هيّأْنا

عرسا لبلاد

آخيْنا بين القمح والمستحيل

الجرحَ بالملح وَضّأْنا

وهبنا خميرة الروح لأجنّة المطلَق

ونقضْنا في الصباح غَزْلَ المساء

أي حُلم تبتدي منه المليحة؟

* «ملقى على مشجب خشبي»

* ملقى على مشجب خشبي

خشب المشجب على وشك

أن يتحول

إلى شجرة سدر

كلما احتك بحرارة روحها

العالقة

بالقماش

القماش على وشك أن يعود إلى

زهرة قطن كلما لسعته

رائحة صابونها

الصابونة على وشك أن

تنحل إلى غدير ياسمين

كلما تساقطت عليها قطرات من

كستناء شعرها الطويل

قطرات الماء تتكاثف مكونة

غيمة تذرف شلالات شرسة

كلما اصطدمت بحرير خاصرتها

الروب الرطب وحده

يقف على المشجب

يحلم.

«بحيرات»

تحيك البحيرات ماءها من صداقة الشتاء

من التمرد على البحار

من الحفر في الجغرافية بغير رياح السياسية

ليس من هواء مستعمل يخنق الذاكرة

إذا مررنا بالبحيرات

المستنقعات

تأسن المياه

تنمو الطحالب

تطارد الروائح الراكدة كالأرواح الشريرة

الأحلام المشتعلة وتطفأ أحداقها