الحقيبة الثقافية

TT

* صدر في أول يونيو العدد الأول من مجلة «بيت الشعر» عن نادي تراث الإمارات، والتي يشرف عليها الشاعر حبيب الصايغ، مدير عام مركز سلطان بن زايد ورئيس الهيئة الإدارية لـ«بيت الشعر»، ويرأس تحريرها الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم، في حين يشغل الشاعر والإعلامي بشير البكر منصب مدير التحرير فيها. وتضم في طاقمها الشعراء عبد الله أبو بكر سكرتيرا للتحرير، ورنا زيد وجهاد هديب محررين، بالإضافة إلى عدد من المراسلين الصحافيين من بيروت والقاهرة وبغداد والرباط وصنعاء وروما وباريس.

وتأتي مجلة «بيت الشعر» في سياق الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها نادي تراث الإمارات، والتي تتمثل في إيجاد نوع من الحراك الفكري والإبداعي في سبيل تعزيز دور الشعر في الحياة الثقافية بحيث تعتمد على ثلاثة محاور: الشعر المحلي والشعر العربي والعالمي والنقد المختص بالشعر.

ومن خلال التقديم للمجلة التي حملت توقيع «من المحرر» يُطرح السؤال: عم نبحث في هذه المجلة؟ لتأتي الإجابة على النحو التالي «عن الشعر، وجمالياته، ليس في اللغة وحدها وإنما في انفتاحها أيضا على التشكيل والتصوير والموسيقى وسواها، ورهاننا أن تكون هذه المجلة منبرا للشعر، بينما تعبر عن كل الأشكال التي أحيته، من العمودي إلى النثري، ومن الرعوي إلى ما بعد الحداثي، من دونما حبس للخيارات الجمالية في شكل واحد، فليس من مهمة المنبر الشعري التعصب لمغامرة شعرية على حساب أخرى، ما دامت الموهبة الأكيدة حاضرة، والصدق الفني متحققا، والابتكار ممكنا. أما المنبر فهو منصة التجارب الجديرة كلها وملعب الشعراء».

وتشتمل «بيت الشعر» في عددها الأول على ملف خاص بالشاعر الراحل أحمد راشد يضم قصائد منتخبة من ديوانه الأخير الذي لم يُنشر بعد، وحوار مع الشاعر أنسي الحاج أنجزه فيديل سبيتي، كما أسهم في باب حمل عنوان «في الشعر»، ويدور حول الشعر والتجربة الشعرية أسهم فيه نوري الجراح وعقل العويط وأبو بكر زمّال وحسن بيريش وصلاح بوسريف.

وأنجز الشاعر تحسين الخطيب من فلسطين ملفا عن الشعر التركي المعاصر من اختياره وترجمته وتقديمه، قدم خلاله عددا من الشعراء الأتراك من بينهم نجيب فاضل قيصارك وفاضل حسنو ضايلارجا وأورهان ولي قانق وأقطاي رفعت ومليح جودت أنضاي وإلهان بيرك وأزديمير عساف وأديب غانسيفر وسواهم.

أيضا يضم العدد قصائد لشعراء عرب وإماراتيين من بينهم علي جعفر العلاق ويوسف أبو لوز وإبراهيم الملا وأحمد العسم وشيخة المطيري ونبيلة الزبير ويوسف المحمود ودخيل الخليفة ولميس السعيدي ومحمد العزام وروجيه عوطة وفاتحة مرشيد.

وفضلا عن تحقيقات ومقابلات صحافية ذات طابع ثقافة يهتم بالقضايا الراهنة في الشعر العربي عبر جغرافياته المتعددة، تضم «بيت الشعر» بابا حمل عنوان «نصوص أجنبية»، أسهمت فيه لهذا العدد الشاعرة سمر دياب مترجمةً الشاعر الإسباني ميغيل هيرنانديز، والصافية والمترجمة الفلسطينية غدير أبو سنينة مترجمة قصيدة للشاعر النيكاراغوي البارز إيريك آجيره آراغون، والعديد من الأبواب الأخرى التي يتقاطع فيها الشعر مع الفنون الأخرى كالتشكيل والسينما والرواية وسواها. واشتملت المجلة على عدد من الزوايا الثابتة للناقد صبحي حديدي والشاعر حسن نجمي، ومن كتابها الناقد نبيل سليمان والشاعر مازن معروف والصحافي والشاعر مازن معروف والناقدة هالا نهرا والكاتب والإعلامي معن البياري.

وبمناسبة صدور العدد الأول للمجلة، أقام بيت الشعر مؤتمرا صحافيا حضره جمع من المثقفين والشعراء والإعلاميين، وتحدث فيه الشاعر حبيب الصايغ قائلا «لن نطرح السؤال التقليدي عن ضرورة مجلة تعنى بالشعر في الإمارات، فمجلة (بيت الشعر) ليست مجلة تقليدية» وأضاف «ليس السؤال سؤال الضرورة، بل سؤال الفعل والإمكان، والإمارات تستحق أبوظبي، وأبوظبي تستحق بيت الشعر، وبيت الشعر في أبوظبي يستحق مجلة نوعية من هذا الطراز الطليعي والمتفوق، والذي يطمح إلى أخذ دور حقيقي بحيث يتجاوز الرصد إلى التفاعل والتوثيق إلى المكاشفة، والتأمل إلى الخلق». أما الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم، رئيس التحرير، فنزع في كلمته إلى التأمل في الشاعر وقصيدته، فورد فيها «القصيدة لا تقبل بأقل من الإخلاص الكامل والولاء التام لها، وإلا جعلتك تهيم على وجهك في صحرائها المنفتحة على المطلق كحاطب ليل لا يدري ماذا يجمع وماذا يترك وهو يظن أنه يحسن صنعا. إنها ذلك الكائن الأبي أو المتأبي على اللّي والتطويع».

* دراسة في القتل والدم والوحشية

* الرياض: «الشرق الأوسط»

* في إطار التعاون في مجال النشر المشترك والتوزيع بين المؤسسة العربية للدراسات والنشر ووزارة الثقافة في مملكة البحرين، صدر كتاب «استباحة دم الإنسان» (دراسة في القتل والدم والوحشية) للباحث البحريني، بدر عبد الملك.

يقع الكتاب الموسوعي في خمسمائة صفحة من القطع الكبير، وهو مقسم إلى خمسة فصول تغطي العناوين التالية: «الدم البدائي»، «الدم بين المقدس والمدنَّس»، «دم الكراهية»، «الدم بين الواقع والرمزية»، و«الدم في عصر الصورة»؛ حيث يقارب الباحث في كل فصل مواضيع ومباحث وجزئيّات تتناول الدم، كمادة ومفهوم ورمز ومعطى وإسقاط تاريخي وسياسي ونفسي واجتماعي وبيولوجي وعرقي، من كل الجوانب. تعالج الفصول الخمسة الدم الإنساني منذ أن كان الدم مادة مجهولة المعنى إلى أن تحول إلى مفهوم مقدّس ونجس وقرابين عند القبائل البدائية والآلهة الجديدة، حتى صارت مفردة الدم متنوعة في الدلالات والرموز في ثقافتنا.

يشير عبد الملك في المقدمة التي صدّر بها كتابه إلى التأثير البالغ الذي أحدثته في نفسه مشاهد «النحر» وحمامات الدم البشرية على الشاشات في زمن الصورة الفضائية، الأمر الذي دفعه إلى المضي قدما في مشروعه البحثي والفكري الذي لازمته فكرته منذ سنوات. ويبيّن عبد الملك أن اتساع نطاق الدم المسفوح في أمكنة عالمية عدة «جعلت من مفردة الدم موضوعا سائدا في الخطاب اليومي لوكالات الأنباء وللساسة ورجال الفكر والأدب، حتى بدا الدم مقولة أعمق من كونها حالة بيولوجية وتراثية مقدّسة في حياة الإنسان البدائي»، لافتا إلى أن «ما أضاف للعنف الدموي سطوته وعدوانيته ورهبته هو أننا أصبحنا نعيش في تاريخ حداثي يوصف بعصر الصورة (اللقطة)، في زمن الفضائيات، وتحول الحدث إلى مشهد في الشاشة الملونة التي تعكس لون الدم بخلاف زمن الفيلم الأبيض والأسود»، مضيفا: «ما أثارته الصورة في زمن الفضائيات من وحشية، جعلها في بعض الأوقات تمتنع عن نقل مشاهد مقززة كما هي جز الأعناق، فهي تثير في المشاهد نوعا من الاشمئزاز والتقيؤ والشعور بالرعب لما يراه من مجازر تمس بني جنسه؛ الإنسان، ومن الجانب الآخر يكون القاتل المضرجة يده بدمائهم هم البشر أو الإنسان، بعد أن عاد سافك الدم وآكل اللحوم البشرية إلى مرحلته الوحشية، وكأنما الحضارة بعد قرون عدة لم ترتقِ إلى سموها المطلوب في فهم معنى احترام آدمية الإنسان».

«استباحة دم الإنسان» مسعى بحثي دؤوب لنفض اللامبالاة أو الاستسهال في التعاطي مع الدم كمفردة إنسانية، عميقة وخطيرة، في زمن تحوّل فيه استباحة الدم فعلا يكتسب صفة «العادية» على نحو مخيف، يتجاوز المنطق والمعقول، والأهم يُقصي الإنساني في داخلنا، وفي أفضل الأحوال قد «يُحِّيده»، وهو أمر بحدّ ذاته مرعب.