منصورة عز الدين: أعيد قراءة «ألف ليلة وليلة» لأكتشف تيمات جديدة للكتابة

منصورة عز الدين
TT

تعتبر الكاتبة المصرية منصورة عز الدين، صاحبة رواية «وراء الفردوس» التي وصلت للقائمة القصيرة للبوكر العربية 2010، القراءة صديقا حميما للإبداع، ولذلك هي حاليا تعيد قراءة «ألف ليلة» للمرة الثانية، وتصف ذلك بأنها «قراءة متأنية أحاول أن أرصد من خلالها اختلافات مستويات السرد، والبحث وراء تيمات مختلفة للكتابة وتعدد الرؤى، خاصة أن من كتب الليالي غير معروف تحديدا، وقيل إن كتابتها تمت من قبل عدة مؤلفين، لذلك نجد في بعض الروايات حبا وتقديرا للمرأة، وبعضها ينطق بالكراهية لها». تضيف عز الدين: «أيضا ما دفعني إلى هذه القراءة هو العنف الدموي الذي تقابل به الثورات العربية، فأرى في (ألف ليلة وليلة) قدرة الكلمة على التأثير، والتقدير لسلطة المعرفة وسطوتها، (ألف ليلة وليلة) مروية ببراعة ليس فقط في قصة شهرزاد والمغزى الكامن وراءها، ولكن أيضا في الحكمة والمتعة في الحكايات داخلها».

وبالتوازي، تقرأ عز الدين كتابا آخر في السياق نفسه، فتقول: «في كثير من الأحيان، أقرأ عدة كتب تدور حول نفس الأفكار والتيمات، فمع قراءتي لـ(ألف ليلة وليلة) أقرأ كتاب (عجائب الهند) لـ(بزرك بن شهريار) وهو كتاب غرائبي يتحدث في المنطقة الواقعة بين الحقيقة والأسطورة، ويصف أمورا غير قابلة للتصديق بأسلوب يختلف عن أدب الرحلات، والكاتب هو بحار فارسي عاصر الأمير أحمد بن هلال عامل الخليفة العباسي المقتدر بالله (296 - 322 هـ/ 909 - 931 م) على عُمان، في وقت بلغت فيه الملاحة العربية في المحيط الهندي أوج عصرها الذهبي، وقد جاب البحار والتقى كثيرا من الشعوب؛ وجمع في هذا الكتاب كل ما سمعه من قصص وحكايات، كما تحدث عن كائنات خرافية وأسماك بوجوه البشر وجبل المغناطيس وهى تتماس مع (ألف ليلة وليلة)».

لدى عز الدين مشروع لقراءة عدد من الأعمال الروائية التي تراها جديرة بالاهتمام، منها رواية (عصى الدم) للكاتبة السورية منهل السراج المقيمة بالسويد والتي تدور حول مدينة حماه، وهناك أيضا رواية (رجوع الشيخ) لمحمد عبد النبي التي تدور حول كاتب يسعى لأن يكتب نصه الأكثر حميمية في رواية غير مكتملة، ولا ينوى أن يكملها، لأن الروائي الإيطالي الشهير إيتالو كالفينو أخبره أن «ليس ثمة مكان أفضل لحفظ السر من رواية غير مكتملة»، وأخيرا «الحياة الثانية لقسطنطين كفاكيس» لطارق إمام وتطرح من خلال سيرته الكثير من الأسئلة حول مفهوم «الهوية».

تعتبر عز الدين أعمال نجيب محفوظ من الكتب التي يجب أن تعود لها من آن إلى آخر. وتقول: «غالبا نقرأ الأعمال الكلاسيكية في البدايات ثم ننحيها جانبا، ثم نعود إليها للمتعة وللقراءة المتعمقة التي تكشف لنا أبعادا ورؤى جديدة. كذلك أعود دائما لأعمال كافكا وديستوفيسكي وبورخيس».

وتعتبر عز الدين المعاجم اللغوية زادها الأساسي. وتذكر أنها كثيرا ما تعود لـ«لسان العرب» للبحث عن أصول الكلمات وإعادة اكتشاف الأوصاف، كذلك كتاب «فقه اللغة» للثعالبي، وكتابات إميل سيوران الفيلسوف الروماني. ولديها مجموعة قصصية تصدر قريبا عن دار «ميريت». تقول عنها: «تدور أغلب قصصها حول تيمة الجنون، وقد اخترت لها عنوانا (نحو الجنون) وبها قصتان متأثرتان بالثورة المصرية يوم جمعة الغضب، ولكن بصورة غير مباشرة». وتضيف: «أما روايتي الجديدة فهي في منتصف رحلة الكتابة، وهي تتحرك في خطين سرديين، الأول للبطلة في الـ20 من عمرها في القاهرة، وخط فانتازي مرتبط بأسطورة تراثية، وفي لحظة فارقة، يتلاقى الخطان ليكون للبطلة دور في اكتشاف الأسطورة». تقرأ عز الدين في أي وقت وأي مكان، في الهدوء والزحام، وتقول: «يستغرب بعض الناس من رؤية من يقرأ في إشارة المرور.. أنا هذا الشخص الذي استغل أي وقت في القراءة حتى لو في انتظار تحول الإشارة إلى الأخضر».

ومع ذلك، تشير عز الدين إلى أنها في مرحلة الإعداد للكتابة تستمع إلى الموسيقى، ولكن حينما تشرع في الإبداع، فلذلك طقوس خاصة، تقول: «تغيرت طقوسي عدة مرات ولكن العامل المشترك فيها، هو الهدوء، أكتب في الصباح الباكر في أحد مقاهي وسط القاهرة الهادئة. وقبل أن أستقر في القاهرة، كنت لا أستطيع الكتابة إلا في منزل العائلة بمحافظة الغربية. كنت حينما أستعمل القلم والورق، فإن قلمي الفلوماستر العريض لا يفارقني، وبعد تعاملي مع الحواسب، أصبحت لا أستطيع الكتابة إلا على اللابتوب الخاص بي، الذي يفيدني كثيرا في أن أقرأ الكثير من الكتب في نسختها الإلكترونية، خاصة غير المتاح منها ورقيا».