الكاتب المسرحي محمد العثيم: الدراما التاريخية مجرد استحضار للتاريخ للاحتفاء به وليست لجعله درسا

محمد العثيم
TT

> يعتقد الناقد والكاتب المسرحي محمد العثيم أن الدراما تختلف عن واقع الحياة، وأن استحضار رموز التاريخ للدراما والسينما هو نوع من الاحتفاء بهؤلاء وليس نقلا لوثائق حياتهم حتى مهما اجتهدنا في تقصي الحقائق وملئ المسلسل أو الفيلم بقيم حياة هؤلاء الرموز الذين بعد الزمن بهم، لأنهم تاريخ حياة بكل مكوناته أخفى الزمن عنا كثيرا مما كان وبقي القليل من أخبارهم وكتاب السيناريو مهمتهم إعادة إكمال ما نقص، ورسم الحياة كما يتصورونها.

وقال العثيم: «تأكيدا لهذه الفكرة فإننا لو كنا محظوظين وعشنا زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكانت معنا كاميرا تلاحق أخباره، وترصد حياته العظيمة ثم جمعنا كل شيء في حياته وقررنا عرض ما جمعنا في مسلسل لكان هذا ضربا من المستحيل رغم أن التلفزيون عالم الواقع إلا أن الواقع لا يصنع الفن الذي ننشده في عالم الدراما ففي الحياة تفاصيل، وزوايا لا تتوفر لنا مهما حاولنا تلمسها في التجسيد، والتشخيص، ولكن هذا لا يبرر أن نتجاهل حياة الرموز فهي ثروتنا الثقافية ولا مناص لها من تمجيدها والاحتفاء بها وعرضها كمثال لحياتنا، وحياة أبنائنا».

وأضاف أنه «إذا كان الأمر كذلك فما بالنا نتكلم عن استحضار الرموز وكأنه إعادة لحياتهم بالمسطرة بعد أن تجاوز البعد بيننا وبينهم ألف وأربعمائة سنة ونتجادل فيمن يمثل وكيف يمثل، لأننا لم نستوعب فكرة استحضار التاريخ وتجسيده لضرب المثل لشبيبة اليوم وباللغة البصرية التي يفهمونها، معتبرا أن العمل الفني يشبه عمل عالم الآثار فقد يجد عالم الآثار إناء جميلا من العصور القديمة فيقرر ترميمه ليكتشف أنه أمام مهمة إيجاد القطع الناقصة التي ابتلعها الزمن فليس أمامه إلا أن يعود ليبني هذه القطع المفقودة، ويرمم المكسور والنقص في تفاصيل السيرة والحياة لتكون منطقية أمام بصر المشاهد».

وشدد العثيم بالقول إن الدراما التاريخية هي مجرد استحضار للتاريخ للاحتفاء به والعبرة منه وليست لجعله درسا حرفيا هذا ينطبق على كل قصص التاريخ في العالم والتي هي مادة للسينما والتلفزيون ولن أكرر القول إن إسقاط التاريخ على الحاضر قد يلغي جوانب من فكر الماضي لجوانب إسقاط من فكر الحاضر مثل مسلسل «عمر بن الخطاب» الذي يقدم بفكر سياسي يخص منتجه ويمول لهذا الغرض فمن أراد أن يحتفي بعمر في إسقاط سياسي آخــــر فلا أحد يمنعه من استلهام هذه القصة العظيمة ولو أنتج منها مائة قصة فستبقى لكل إنتاج قيمته الفنية والسياسية التي أنتج من أجلها.