عادل حوشان صاحب دار «طوى»: النشر هو الرأس الكبير الذي يتحمل الأوجاع

صورة لدار طوى يبدو فيها مدير الدار عادل الحوشان وعدد من مطبوعاتها
TT

لا يمكن اختصار تجربة النشر في العالم العربي وتحديدا على مستوى الهويات المحلية كالسعودية مثلا أو أي دولة من دول الخليج مقارنة بتجربة النشر في لبنان أو دمشق أو القاهرة، بحساب المتاعب التي يمكن أن تواجه الناشر أو المؤلف.

تجربة النشر هي الرأس الكبير الذي يتحمل الأوجاع، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن ضلعا يتم إسقاطه تماما من حسابات المبدعين في الكتالوج المعرفي لصناعة النشر والإبداع، وأعني هنا المنفذ الوحيد للناشر وللمبدع وهي المكتبات، سواء كانت مكتبات حكومية أو أهلية تجارية.

وهي تعني بشكل كامل «حضور» الكتاب، إذا اعتبرنا أن المواسم التي تقام في العالم العربي لا تتجاوز مددها على مستوى العام أكثر من 60 يوما تتمثل بمعارض متفرقة لها حضورها وإن اختلف هذا الحضور من حيث القوة والاهتمام من القارئ العربي أو من النشر العربي.

فالناشر أيا كان يواجه العديد من المعارك أو الصراعات أو الشروط التي تقف أمام تحقيق مشروعه إن كان مخلصا لهوية الإبداع والمعرفة، تأتي في مقدمتها شروط المكتبات التي لا يمكن أن تضع أي أهمية لقيمة الكتاب الإبداعية أو المعرفية فشرطها الوحيد «البيع» أعني الأكثر مبيعا، فأرففها، حسب المكتبات، لا يمكن أن تحتمل كل العناوين وكل الإصدارات وبالتالي فشروطها أن تنتقي من كل سنة عشرة كتب من الناشر الذي يمثل حضورا مهما في معارض الكتاب أو في عناوينه.

وقس على ذلك ماذا سيحدث في حال لم يكن كتاب أي مؤلف موجودا في كل أو معظم المكتبات المحلية والعربية؟.

سيحملك المؤلف وزر هذا الخطأ في شروط السوق رغم أنك لا تحتملها.

الرقيب، مسألة أخرى في غاية التعقيد، ورغم أن الجميع يحكي عن ضرورة نهاية عصر الرقيب الثقافي والإبداعي وانتهاء مدة صلاحيته في عصر العالم المعرفي، فإنه لا يزال يُقاتل من أجل أن يبقى كما هو حارس الثقافة الأبدي!

ثم ماذا لو أن كل دور النشر، ومعظمها يفعل ذلك، ماذا لو أنها أهملت الكتب الأقل مبيعا (الشعر - القصة) مثلا؟

وهما نوعيتان من الكتب أو حقلان من حقول الإبداع لم يعد أي منهما يشكل حضورا، وهذا عيب ثقافي لا يتحمله لا المبدع ولا الناشر، تتحمله الظواهر الثقافية، القرائية وسيادة شكل من أشكال الكتابة على الآخر.

ماذا لو فعلنا كلنا ذلك؟

الناشر المهموم بمشروعه الثقافي وليس التجاري لا يمكن أن يساهم بالإهمال الذي يحدث، وكل الناشرين يعرفون أن مثل هذا الشكل من الكتابة على هيئة كتاب لا يحقق لهم طموح الناشر الحاضر نوعيا، وهذا وفق آليات سوق الكتاب إن اعتبرناه كذاك، بل إن بعضهم يصفها بـ«العبء» وينصحونك بحكم الزمالة بالابتعاد عن تكرار هذه التجارب وبعض المبدعين يعرفون ذلك تماما، لكن بعضهم يصر على أن يحقق نجومية مثل تلك التي تحققها الرواية أو الكتب الموضوعية في حقول الفكر والفلسفة والنقد الاجتماعي والأديان، كتب الإشكال الثقافي الدائم في العالم العربي والإسلامي.

أضف إلى كل ذلك الجودة التي يحرص عليها الناشر الذي يحترم مؤلفه وكتابه وصناعته، أين يمكن أن تتوفر عدا في أماكن محدودة، نوعية الورق الصف الخطوط الطباعة التغليف.

كل هذه مواجهات في غاية الصعوبة، أضف إليها مشكلة التوزيع الدائمة التي لا نزال نطالب بتأسيس شركة أو جمعية أو أيا كان المسمى لتتولى التوزيع في العالم العربي لتكسر شروط المكتبات التجارية وتسهل على القراء الوصول إلى كل العناوين.