الروائي المصري حمدي أبو جُليِّل: أعيد قراءة بروست ودستوفيسكي و«الحرافيش»

حمدي أبو جُليِّل
TT

يرى الروائي والقاص المصري حمدي أبو جُليِّل، صاحب رواية «الفاعل» الفائزة بـ«جائزة نجيب محفوظ» عام 2009، بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن عنصر الوقت ليس مهما في كتابة رواية، ولكن الأهم هو التحضير الجيد لها. ويوضح ذلك قائلا: «لقد استغرقت نحو ست سنوات للإعداد لرواية (الفاعل)، كنت أعد خرائط للشخصيات والأماكن، وأفكر كثيرا وأتأمل، أكتب وأعيد الكتابة، والترتيب والأفكار واللغة حتى وصلت إلى ما أسميه النظرة، وأعني بذلك الرؤية والصياغة، كيف أقول وأسرد ما أود قوله، الجميع قادر على الحكي، ولكن كتابة الرواية أمر مختلف، يحتاج إلى روية وحرص على ما تكتبه، وتدقيق في الألفاظ، وإظهار بصمة الروائي». ويضيف: «قد يستغرب البعض من أني كتبت رواية (الفاعل) في أربعة أيام، ولكنها الحقيقة المدهشة لاختمار النظرة واقتناص الفكرة».

يعتبر أبو جُليِّل الأعمال الكلاسيكية من محفزات الكتابة. ويقول:«حينما تشدك الحياة بمشكلاتها وصخبها، وتشوشر على موجات الإبداع، تجد نفسك في حاجة إلى الولوج إلى مناطق قديمة، تعيدك إلى الصفاء الذهني، وتجذبك خارج الإطار الحياتي. الأعمال الكلاسيكية هي التي تحقق هذا، فأجدني أتوجه نحو مكتبتي الصغيرة لأعيد قراءة (الإخوة كرامازوف) لدستوفيسكي، و(البحث عن الزمن المفقود) لمارسيل بروست، و(الحرافيش) لنجيب محفوظ، فأشعر بحالة من النشوة الإبداعية». ويضيف: «هناك أعمال أقرأها للاستمتاع والبهجة، منها الأعمال الكاملة لأسامة الدناصوري، و(ديوان المتنبي) ورواية (الغريب) لكامي و(ألف ليلة وليلة)». البدو هم الاهتمام الخاص لأبو جليل، فهو يرجع إلى كتب الجبرتي فيما يخص ذلك، وكذلك وثائق «دار الكتب المصرية» وكتاب د. صلاح الراوي «الشعر البدوي» الذي يعتبره فريدا من نوعه.

يحرص أبو جليل في شهر رمضان على اختيار أحد كتب السيرة النبوية ليقرأها في تلك الأجواء الروحانية. ويقول: «أقرأ حاليا (السيرة النبوية) لابن هشام، وهي أول سيرة كتبت في الفترة القريبة من عهد النبوة، وقد قرأت من قبلها عدة كتب في السيرة النبوية أشهرها (السيرة الحلبية) لابن برهان الدين الحلبي، و(الشخصية المحمدية) للشاعر العراقي معروف الرصافي. حينما أقرأ في سيرة الصحابة، أتمنى أن يقرأها الجميع بموضوعية أكثر، وليس قراءة قداسة لأنهم في النهاية بشر».

يضيف أبو جُليِّل: «أقرأ كذلك الآن رواية متميزة جدا لكاتب شاب اسمه عمرو عاشور، والرواية اسمها (كيس أسود ثقيل) صادرة عن (دار ميريت)، وهي تقدم تجربة روائية ثرية عن حي عشوائي في لغة بديعة ونظرة موضوعية للوطن ولجماعات العنف في الثمانينات، كذلك أقرأ رواية مترجمة لدومنيك بوديس وهي (لا بد من قتل شاتو بريان)، وهي رواية تاريخية تختلط فيها الوقائع بالخيال، وتدور حول من تبقى من الحملة الفرنسية على مصر من جنود وضباط، والذين استعان بهم محمد علي وضمهم لحراسته الخاصة ولتأديب المماليك». ينتظر أبو جُليِّل صدور كتابه «القاهرة.. مساجد وحكايات»، حيث يروي فيه تاريخ المساجد في مصر من خلال أربعة أنظمة للحكم عاشتها. وعن روايته الجديدة التي يعمل عليها منذ فترة يقول: «إنها تروي تجربة شخصية لي في فترة عشتها في فرنسا، وهي مرتبطة بمشروعي الأدبي حول البدو، ويمكن أن نصنفها على أنها تندرج تحت فكرة العلاقة بين الشرق والغرب في بدايات القرن العشرين، وقد اخترت لها اسما مؤقتا وهو (الشخص المعزوز في شوارع تولوز)». يتمنى أبو جُليِّل أن تكون له طقوس خاصة في القراءة والكتابة، قائلا «الكتاب الكبار هم القادرون على الالتزام بطقوس معينة مثلما كان يفعل نجيب محفوظ، وأعتقد أن في هذا تدريبا جيدا على الإبداع، مثل الاعتياد على النوم والاستيقاظ في وقت محدد»، ويضيف: «كنت أعاني من إعادة ما أكتب وتقطيع الأوراق، لكن الكومبيوتر قدم لي حلا سحريا لهذه المشكلة».