باحث سعودي يطالب بمؤسسة رسمية لتبني جمع الموروث الشعبي وتدوينه

الشاعر عبد المجيد العُمري يطرح «أنيس السمار من القصص والأخبار والأشعار»

عبد المجيد العمري و غلاف الكتاب
TT

يرى الشاعر والباحث السعودي عبد المجيد بن محمد العُمري في كتابه الذي صدر حديثا وعنونه بـ«أنيس السمار من القصص والأخبار والأشعار» أن الكتابة في التراث والموروث الشعبي تواجه مشكلة تتمثل في غياب مؤسسة رسمية تتبنى قضايا الجمع والتدوين ودعم وتوجيه الباحثين والمهتمين في التراث الشعبي، ولم نر سوى جهودا ضئيلة قام بها المهرجان الوطني للتراث والثقافة قبل عدة سنوات، وجهودا أخرى متأخرة لدارة الملك عبد العزيز.

وأكد الباحث العُمري أن «تدوين التراث وحفظه وإعادة تحقيقه جاءت على يد أفراد متطوعين، إلا أن المهتم بقضية التراث الشعبي وتاريخ الرجال يشعر بوجود مشكلة كبيرة في هذا الجانب، فالرواة الكبار حينما يرحلون عن الحياة الدنيا فإن جزءا من ذاكرتنا يرحل معهم، ونفتقد تراث السابقين وما يتعلق بالحياة التي عاشوها وأحوالهم التي لا يعرفها الأبناء في معظم الأحيان، فهم الذين حفظوا تاريخ التراث الشعبي والأدبي عن ظهر قلب ودونوا بعض الأحداث والروايات بمخطوطاتهم حتى رأت النور وذلك ابتداءً بتاريخ تدوين التراث قبل خمسين عاما. فقبل عشرين عاما كانت هناك مجموعة كبيرة منهم، وهؤلاء يحفظون في صدورهم معلومات قيمة وأحداثا وثقافة مهمة، الآن نفتقد هذا العدد وكلما مر علينا يوم خسرنا كثيرا من هذه المعلومات، المشكلة الأخرى في كتابة وتوثيق تاريخ الرجال المتأخرين أو الجيل الذي سبقنا ما يمكن أن نسميه تغييب الحقائق، أو تزييفها، والباحث لا يستطيع وهو يقلب في صفحات التراث الحصول على الحقيقة إلا بعد جهد وعناء، ولا يستطيع الوصول للمعلومة الصادقة إلا بجمع الشواهد وربطها واستنتاج الأقرب للواقع والألصق بالصحة، ومن الأمثلة الواضحة لهذه الظاهرة ما نلحظه من تسليط الأضواء على بعض الشخصيات من ذوي الأدوار الهامشية، أو المشبوهة أحيانا، وتهميش الأدوار المشرّفة المشرقة لشخصيات أخرى، فلا تجد لهم ذكرا هنا وهناك، ومعلومات يغلب عليها الإجحاف وعدم الأنصاف».

وطالب الباحث العُمري بإنجاز دراسات موضوعية منصفة، تعتمد على المنهج العلمي الحديث والمحافظة على الحقائق والمعلومات الصحيحة التي تمكن الجميع من معرفة تاريخ التراث واستيعابه، وبالتالي إنصاف الناس ورد حقوقهم وحفظها لهم والتجرد من التحزب لفئة دون فئة من بلد أو قبيلة، فثمة ملحوظة خطيرة وهي أن بعض من كتبوا للتاريخ والتراث الشعبي في الجزيرة العربية يحاولون أن يبرزوا مفاخر جماعتهم، بل ويتعدى الأمر ذلك حينما يتطاولون على الآخرين ويقللون من شأنهم وينسبون كل المفاخر والمحاسن والمكارم لمن ينتمي إليهم، وفي هذا الكتاب محاولة للتجرد من هذه الإشكالية، ولا يمنع أن يورد الكاتب قصصا وأخبارا لقومه وجماعته فهو أدرى بحالهم ولكن يجب أن يتصف بالموضوعية والإنصاف عند ذكر أحوال الأطراف الأخرى في القصة، ففي كل القبائل والمناطق الخير الكثير.

وأشار مؤلف الكتاب إلى أنه ركز في كتابه على مسألتين؛ أولاهما: تأكيد الأخلاق الحسنة بشواهد من القرآن الكريم والسنة النبوية وأن هذه الأخلاق مستمدة من ديننا الحنيف وفي حال ذكر الأخلاق والتصرفات المذمومة نأتي أيضا بشواهد من القرآن الكريم والسنة النبوية أيضا.

المسألة الثانية: القصيدة وحضورها الدائم وذلك مرده أن القصيدة هي السبب في حفظ القصة والتاريخ، فهي الدليل والشاهد ولأن الشعر هو بالفعل ذاكرة التاريخ فالشعر الشعبي هو بمثابة مخزن لتقاليد الحياة وأشكالها وأفراحها وأحزانها لدى السابقين.

وخلص الشاعر عبد المجيد العُمري بتأكيده على أنه كان حريصا قدر المستطاع على انتقاء القصة والقصيدة المتضمنة لكل ما فيه دعوة وحث على مكارم الأخلاق كإكرام الجار والإنصاف في التعامل ورد الحقوق إلى أصحابها والسعي في قضاء الحوائج، موردا قصصا وشعرا يحذر من المكر والحيلة وسوء الظن والانتقام بغير الحق والعنف في الخلق والحقد والعداوة وبذاءة اللسان والتكبر على الآخرين والعجب بالنفس والعصبية والقسوة وكتمان الحق والتعدي على الأموال والأعراض والأنفس والبخل في العطاء والغدر والغيبة والنميمة وإفشاء السر وطلب العثرات والشماتة والسخرية والكذب وخلف الوعد والرياء والنفاق.

وبلغ عدد صفحات الكتاب 412 صفحة وبطباعة أنيقة جذابة واحتوى أكثر من مائه وسبعين ما بين رواية أو قصة دعمت معظمها بقصائد أو أبيات.