سلطان البازعي: مهتمون بإعادة الموسيقى وصناعة السينما

رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون في السعودية لـ «الشرق الأوسط»: نراهن على الأجيال الجديدة

سلطان البازعي، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون
TT

ينتظر الوسط الثقافي والفني في السعودية منذ تعيين سلطان البازعي الإعلامي المعروف رئيس تحرير صحيفة «اليوم» سابقا، في نهاية يوليو (تموز) الماضي، رئيسا لمجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون، أن تشهد في عهده الجمعية وفروعها الـ16، المنتشرة في مختلف أرجاء السعودية، نقلة كبيرة في أعمالها، ونشاطاتها، كحاضنة أولى لإنتاج الثقافة والفنون في السعودية وإعادة الزمن الجميل للجمعية، والارتقاء لمستوى المنتجين (الثقافة والفن)، استفادة من المعطيات الكبيرة المتوفرة والمواهب المتعددة، وجعل الجمعية حاضنة لكل عمل إبداعي، وتطوير المواهب المختلفة، في الأعمال والأنشطة التي تندرج تحت مظلة الجمعية.

«الشرق الأوسط» التقت البازعي في الرياض، وكان معه الحوار التالي:

* ما هي أبرز أهداف جمعية الثقافة والفنون التي تترأسون مجلس إدارتها، وهل تحققت هذه الأهداف واقعيا، أو بعضها على الأقل؟

- منذ أن أنشئت الجمعية عام 1973. وقرار تأسيسها يحمل جينات أهدافها وهي أن تكون الحاضن الأول لعملية إنتاج الثقافة والفنون في المملكة العربية السعودية، فبناء على القرار الذي أصدره الأمير الراحل فيصل بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب حينها كانت الأهداف تتمحور حول الارتقاء بمستوى الثقافة والفنون في المملكة، ورعاية الأدباء والفنانين السعوديين والعمل على رفع مستواهم الثقافي والفني والاجتماعي وتأمين مستقبلهم وتوجيههم لما يخدم مجتمعهم، وتبني المواهب الشابة وإتاحة الفرصة أمامها لإبراز تفوقها ونبوغها في ظل الإشراف والتوجيه لتصبح حصيلتها داخل إطار ملتزم بالقيم والأصالة، وأخيرا تمثيل المملكة في كل ما من شأنه الارتقاء بالثقافة والفنون على المستويين العربي والعالمي لمتابعة حركتيهما والتنسيق معهما.

وكما ترى فإن هذه طموحات عالية الهمة استشرفت المستقبل منذ أربعين عاما، وفي ظني أن الجمعية عملت على تحقيق جزء كبير من هذه الأهداف على مر تاريخها وإن بشكل جزئي بالقدر الذي أتاحته لها ظروفها واتساع نطاق عملها، ومحدودية الإمكانات المالية والبشرية التي توفرت لها. وبهذا القياس أعتقد أن الجمعية حققت الممكن وهو استمرار الأنشطة والتوسع في افتتاح الفروع في مختلف مناطق المملكة حتى بلغت 16 فرعا كلها تقدم أنشطة في المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والنحت والتصوير الضوئي والخط العربي والتراث الشعبي.

* هل ثمة عقبات وقفتم عليها عند تسلمكم منصب رئيس مجلس إدارة الجمعية وترون أنها كانت وراء عدم تحقيق الجمعية لحضورها المطلوب في المشهد الثقافي والفني في بلادنا.. ما هي أبرز هذه العقبات؟

- مجلس الإدارة الحالي يأتي في ظروف مواتية كما أعتقد، فالاهتمام الحكومي بالثقافة والفنون بدأ يأخذ منحى أكثر جدية منذ وضع الثقافة على طاولة مجلس الوزراء رسميا بتعديل مسمى وزارة الإعلام إلى وزارة الثقافة والإعلام وهو نهج يتفق مع مرحلية التنمية في المملكة العربية السعودية التي ركزت في العقود الماضية على وضع البنى الأساسية للتعليم والخدمات الصحية والنشاط الاقتصادي بمختلف أوجهه، وحان الوقت لترسيخ البنية الثقافية للبلاد بإعطاء الزخم اللازم للمؤسسات الثقافية غير الحكومية ومنها الأندية الأدبية التي شهدت قفزة نوعية حين تأسست جمعياتها العمومية وتم انتخاب مجالس إدارتها خلال العام الماضي وتولى المثقفون إدارة العمل الثقافي مباشرة، كما نشهد طفرة في العمل الثقافي الموسمي من خلال المهرجانات الثقافية الكبرى التي تنظم في المملكة مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة ومهرجان سوق عكاظ. وهذان المهرجانان كما تعلم أصبحا رقمين مهمين في أجندة الثقافة العربية ويضاف إليهما الحدث الأبرز وهو معرض الرياض الدولي للكتاب.

* ماذا بشأنكم أنتم.. ماذا تتحملون كجمعية للثقافة والفنون؟

- تقع على مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون مسؤولية الانطلاق بالجمعية إلى المرحلة التالية، والمسؤوليات (أو العقبات كما تسميها) تكمن في تحويل عمل الجمعية إلى عمل مؤسسي منهجي واضح الرؤى والأهداف، فقد بدأنا بالفعل بالعمل على وضع نظام أساسي جديد للجمعية يوضح الرؤية والمهمة والأهداف، كما يضع خطة استراتيجية مرحلية واضحة المعالم، ولا بد لهذا النظام الجديد أن يخلق علاقة «عضوية» متينة بين المبدعين والجمعية تجعل منها حاضنة لإبداعهم مطورة لمواهبهم وقناة لإيصال رسالتهم للجمهور، كما تطور وترسخ من علاقة الجمهور بالإبداع وترفع الذائقة العامة تجاه الفنون، سيحرص مجلس الإدارة أيضا على بناء علاقات شراكة مع مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص للنهوض بالعمل الثقافي والفني انطلاقا من حقيقة أن الثقافة والفنون هي من المجتمع وللمجتمع.

* تفاءل الكثيرون بأن تسلمكم منصب رئيس مجلس إدارة الجمعية سيعيد «الزمن الجميل» للجمعية وحضورها اللافت قبل أكثر من عقدين، وهل وضعتم خططا وأهدافا لإعادة هذا المطلب الجماهيري؟

- هذا من حسن ظن المحبين من أصدقائي الفنانين والإعلاميين، أما التفاؤل الحقيقي فإن مصدره هو هذا العدد الكبير من المواهب المبدعة الذين يعملون في فروع الجمعية ويقدمون أعمالا رائعة رغم محدودية الإمكانات، والتفاؤل هو في الفريق الرائع الذي تشرفت بالعمل معه من زميلاتي وزملائي أعضاء مجلس الإدارة الذين يتقد فيهم شغف العمل لرعاية الإبداع، والتفاؤل يأتي أيضا من الدعم الذي لمسناه من وزارة الثقافة والإعلام لتحقيق الأهداف التي رسمها المجلس لعمله ومن أهمها أن يكون آخر مجلس معين لهذه الجمعية.

* هل أضاف ضم جمعية الثقافة والفنون إلى أعمال وزارة الثقافة والإعلام وهجا أكثر للجمعية ودافعية للنهوض بمسؤوليتها، وهل وجود الجمعية مع الأندية الأدبية تحت مظلة الوزارة يعد نوعا من الازدواجية في أعمالهما وخصوصا في الجانب الثقافي؟

- بالتأكيد، فكما قلت لك، أعتقد أن المسألة تكمن في التوجه الحكومي الحميد للاهتمام بالثقافة بتركيز مسؤولياتها في جهة واحدة بعد أن كانت أكثر من جهة تتولى مسؤوليات متناثرة من العمل الثقافي، ويجب علي أن أؤكد هنا أن الجمعية والأندية الأدبية هي من مؤسسات المجتمع المدني ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة حتى وإن كانت تتلقى دعما مباشرا من الدولة. وأرى أن تعدد هذه المؤسسات ينفع ولا يضر شرط أن تتضح الرؤى والأهداف لكل مؤسسة، وبالتأكيد فإن أعمال الجمعية لا تتقاطع مع الأندية الأدبية بل هي تتكامل معها، وسنحرص على تعزيز هذا التكامل مستقبلا.

الهم الأكبر

* ما هو الهم الأكبر الذي تحمله عن الجمعية بعدما لمست واقعها اليوم؟

- الهم الأكبر الذي يحمله مجلس الإدارة على المدى القريب هو تدعيم أنشطة الفروع عبر زيادة الموارد المالية للجمعية، وعلى المدى المتوسط نعمل على وضع النظام الأساسي والاستراتيجية التي ستؤسس لنظام عضوية فعال يسمح بعقد الجمعية العمومية للمرة الأولى، كما سنعمل على تطوير بيئة العمل في الجمعية ببناء مقرات دائمة للمركز الرئيس والفروع بالاستفادة من منح الأراضي السخية التي قدمتها الدولة للجمعية في مختلف المحافظات، هذه المقرات يجب أن تكون مراكز ثقافية حيوية قادرة بتجهيزاتها على أن تكون حاضنات حقيقية للإبداع.

* منذ ثلاثة عقود كانت هناك مظاهر في العاصمة السعودية ممثلة في أكثر من مسرح للتلفزيون ومسرحيات بقيت في ذاكرة السكان وفِرق موسيقية ومدارس لتعليم الفن بمختلف أنواعه. كيف اختفت هذه المظاهر، وهل من أمل لعودتها مجددا، وكيف؟

- الواقع يقول: إنه لا يوجد ما يمنع من عودة هذه المظاهر في الرياض وفي بقية مدن ومحافظات البلاد، ذلك أن المواهب والإمكانات تضاعفت عدة مرات عما كانت عليه قبل ثلاثة عقود والأجيال الجديدة حبلى بالمواهب المبدعة التي نراها تتلمس طريقها للبروز عبر منصات مختلفة وما لم نعمل على احتضانها وتقديم فرص البروز لها فإنها ستنمو كالزهور التي تبحث عن الضوء.

ولعلي أجدها فرصة هنا للإشادة بما قامت به أمانة منطقة الرياض خلال السنوات القليلة الماضية من رعاية النشاط المسرحي في المناسبات والأعياد، وأتمنى أن تحذو بقية الأمانات حذوها لأنها هي المثال الحقيقي لدور بلديات المدن الذي يتجاوز الخدمات المسرحية إلى العمل الثقافي، بل إنني أتمنى وأدعو الأمانات والبلديات أن تخصص جزءا من ميزانياتها لبناء مرافق ثقافية مثل المسارح وصالات العرض لتكون جزءا أصيلا من عملها لبناء مدن الحضارية الصديقة للإنسان، والجمعية بدورها قادرة على مد يدها لهذه الأمانات لتشغيل هذه المرافق بالأنشطة على مدار العام.

* ما هو المجال الذي تحرصون على استمراره ودعمه في أعمال وأهداف الجمعية ويستحوذ على اهتمامهم، وما هو المجال الغائب في أعمال الجمعية؟

- من المؤكد أننا سنعمل على تدعيم كل الأنشطة القائمة حاليا وإعطائها كل الاهتمام، كما أننا سنعمل على استعادة نشاط الموسيقى في الجمعية لوهجه القديم، بالإضافة إلى الاهتمام بفنون السينما والفيديو، وفنون التصميم الغرافيكي خاصة تلك التي تطورت أدواتها الرقمية حاليا.

* هل هناك نوايا لإقرار اقتراح تغيير مسؤولي فروع الجمعية كل أربعة أعوام لتجديد روح العمل؟

- تدوير العمل سيكون هو سمة العمل بالجمعية بدءا من مجلس الإدارة، فالمجلس مكلف لمدة عامين حاليا، ونأمل أن ننجز النظام الأساسي الجديد الذي سيحدد المسؤوليات في كل مستويات العمل، وفيما يتعلق بمديري الفروع فقد سبق أن صدر قرار من المجلس السابق بتحديد مدة العمل لهم بسنتين وتجدد لمرة واحدة أي بإجمالي أربع سنوات.