حل الدولتين لم يعد قابلا للتطبيق

باحثون يناقشون إمكانية الدولة الواحدة لإسرائيل وفلسطين

غلاف «ما بعد الصهيونية»
TT

كتاب «ما بعد الصهيونية: دولة واحدة لإسرائيل وفلسطين» هو مجموعة من المقالات التي يقدمها لنا الصحافيان والمدونان أنتوني لونشتاين وأحمد مور. يضم الكتاب، الذي نشرته دار «ساقي بوكس» المستقلة التي تركز على معرفة الشرق الأوسط ومقرها خارج لندن، بين دفتيه مجموعة من المقالات في التاريخ والسياسة لأسماء معروفة. وتتنوع الخلفيات الثقافية والمهنية للكتاب، لكن هدفهم المشترك هو استكشاف موضوع الكتاب. من هؤلاء الكتاب، عمر البرغوثي الكاتب والمشارك في تأسيس الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وجيف هالبر عالم الإنسانيات والمنسق مع اللجنة الإسرائيلية ضد هدم المنازل، وإيلان باب المؤرخ الناشط الاجتماعي، وآخرون. ورغم الضجة التي أحدثها هؤلاء الأكاديميون والكتاب الثقات، تغيب الوحدة العضوية لهذه المقالات التي ترد على السؤال موضوع البحث إلى حد ما، وتقدم في إطار ضعيف من حيث الجوهر.

ويرى لونشتاين، الأسترالي الأصل، الذي يقدم نفسه كيهودي ليبرالي مناهض للصهيونية، أن حل الدولتين لم يعد قابلا للتطبيق، إذ باتت آيديولوجية الفصل هي المهيمنة هذه الأيام، ولم يعد من الممكن تجاهل الصهيونية باعتبارها القضية الرئيسية.

ولكن، إذا كان من الصعب الآن تخيل إسرائيل بلا صهيونية، فقد كان من الصعب ذات يوم تخيل جنوب أفريقيا بلا سياسات تفرقة عنصرية. وهو منظور مفعم بالأمل ومقبول. مع ذلك، لا ينبغي أن يكون التسليم بحقيقة السيطرة الصهيونية هو منطق حل الدولة الواحدة.

من بين المقالات التي تضمنها الكتاب مقال للمحامية والمتحدثة السابقة باسم جبهة التحرير الفلسطينية، ديانا بوتو. ويتضمن هذا المقال الكثير من التفاصيل المتعلقة بالمفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وقسمت مقالها إلى قسمين، عرضت في الأول تفاصيل اتفاقية أوسلو، موضحة «ما حدث». أما القسم الثاني، فقد غاصت فيه داخل الأوراق الفلسطينية، حيث استعرضت مجموعة من الوثائق التي تسربت إلى قناة «الجزيرة» العام الماضي، والتي توضح أن مفاوضات أوسلو لم تكن تهدف إلى التوصل لاتفاق، بل إلى تمكين النظام الإسرائيلي. ويستعرض المقال الذي يعد تحليلا مذهلا للجدل أكثر منه تحليلا لحل الدولة الواحدة، تمكين كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية من خلال المفاوضات الفاشلة المستمرة.

ويكتب جوزيف دانا، الصحافي في الإذاعة والصحف، عن ثقافة الاحتجاج المشتركة بين العرب والإسرائيليين اليهود في غزة والضفة الغربية. المؤيدون الإسرائيليون للاحتجاج العربي يعارضون بشدة الأوضاع المعيشية المتدهورة للعرب رغم أنهم ينظرون إليها بعين صهيونية، وهم لا يشيرون إلى حقيقة الاحتلال في المقام الأول.. وتشير ديانا إلى أنه بهذا المعنى يصبح الوعي بالموقف الفلسطيني والاحتجاج أكثر فعالية عندما يكون من الخارج، مع التسليم بأن أحداث مثل قافلة كسر حصار غزة يمكن أن تكشف العنف الإسرائيلي للعالم، رغم أنها عمل غير عنيف. ورغم أن تحليل ديانا جيد، فإنه لا يشير إلى الأساسيات التي يجب أن تتوافر للفلسطينيين في حال تنفيذ حل الدولة الواحدة.

وفي طرح أكثر مباشرة ووضوحا، تكتب غادة كرمي عن مزايا ومساوئ حل الدولة الواحدة. ومن المزايا التي تشير إليها، حق عودة اللاجئين الذين يبلغ عددهم 4.7 مليون. لكن المساوئ والسلبيات أكبر، ومنها غياب التوافق بين العرب واليهود في ما يتعلق بالوحدة، والاعتقاد الأكيد أن إسرائيل ستكون لها اليد الطولى والأساس العقائدي في ضرورة أن تكون إسرائيل دولة يهودية، وهو ما يجعل من التوصل إلى رؤية مشتركة عن الوحدة ضربا من ضروب المستحيل. ويتمثل الجدل الأساسي هنا في آيديولوجية الدولة الصهيونية مقابل حق الفلسطينيين في العودة. مع ذلك، تقدم كرمي استراتيجية تشجع الفلسطينيين على الاستمرار في النضال من أجل تحقيق العدالة في ما تعرفه بوضع الدولة الواحدة الموجود بالفعل والذي يعيش فيه الفلسطينيون كأقلية مظلومة. والمشكلة هنا واضحة، فاستراتيجية الدولة الواحدة تمنح إسرائيل السيطرة الكاملة والمعترف بها على الأرض المحتلة، في الوقت الذي لا يحصل فيه الفلسطينيون على شيء.