المطروشي: حريتنا أوسع من المؤسسات

قال لـ «الشرق الأوسط»: الشعر في عمان متوهج ولا خوف عليه

حسن المطروشي
TT

عرف الشاعر العماني حسن المطروشي، وهو أيضا المدير التنفيذي للنادي الثقافي بسلطنة عمان، مرارات العزلة والغياب والغربة والفقدان، مذ مرحلة صباه الأول في قرية صغيرة على الساحل الشمالي يمتهن أهلها الفلاحة والصيد، ثم بعد انتقاله إلى المدينة «ليعيش غريبا فيها» للمطروشي خمسة دواوين شعرية، منها «فاطمة 1996»، و«قَسَم»، 1997، و«وكان وحيدا كقبر أبي»، و«على السفح إياه»، و«لدي ما أنسى». هنا لقاء معه أجري في الرياض:

* ما تقييمك للمشهد الثقافي والأدبي في سلطنة عمان؟

- المشهد والحراك الثقافي في عمان بخير، لأنه جاء نتاجا وإفرازا عميقا لتاريخ حضاري وثقافي ضارب في القدم، فهذه الأرض أنجبت الخليل بن أحمد البراهيمي، وابن بريد، والعلماء والمفكرين الذين جابوا بحار العالم ونقلوا العلوم البشرية إلى آفاق واسعة. حضارة عمرها تتراوح أربعة آلاف سنة كفيلة بأن ترفد هذا الوعي الجديد بالكثير من الخصوبة والنماء. وبالتالي فإن المشهد الثقافي في عمان متجدد وعميق وصاخب ولا يقل عن أي مشهد ثقافي عربي أو عالمي، إذ لدينا من الأكاديميين والنقاد أسماء كثيرة وكبيرة جدا على مستوى الشعر بكل أطيافه، سواء الشعر المقفى القديم الذي أخذ يتجدد على أيدي المبدعين الجدد من الشباب وكذلك شعر التفعيلة وشعر النثر وكل المدارس، والتي لها رموز وصلت إلى مستوى عربي.

* ما حجم الإنتاج الإبداعي في عمان، وما الذي يميزه؟

- على مستوى الشعر هناك إنتاج غزير وعميق، وله رموز كبيرة منها: سيف الرحبي، وصالح العمري، ومحمد الحارثي، وعبد الله الريامي، وعوض القويحي، كما أن لشعر النثر مدارس فمنها: مدارس الرواد، ومدارس الوسط، والمدارس التي تليها، كما أن هناك الشعر المقفى، وشعر التفعيلة. وهناك أيضا روايات كثيرة انفتحت على المشهد السردي بشكل كبير جدا. وقد قمنا في العام المنصرم بتخصيص مؤتمر عربي كامل لرصد ودراسة الحالة السردية فقط في عمان، كما أن هناك دراسات ماجستير ودكتوراه عن المشهد السردي في عمان، وقد خصصت جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب هذا العام جوائزها الأولى كلها للسرد، دلالة على أن المشهد السردي في عمان آخذ في التطور، وبدأ يلفت الأنظار على قصر تجربته.

* البرنامج الوطني

* حدثنا عن مشروع «البرنامج الوطني» في عمان؟

- يهدف البرنامج الوطني في عمان إلى إصدار 100 كتاب في العام، متنوعة في الرواية والشعر والقصة والدراسات بمختلف مشاربها، وعموما فإن مشروع البرنامج الوطني لدعم الكتاب، وهو مشروع يشرف عليه النادي الثقافي، يهدف بالمقام الأول إلى نشر الكتاب العماني، ولدينا لجنة متخصصة للاطلاع على أي كتاب، ومن ثم عرضه على متخصصين ونقاد كل في مجاله. بعد الموافقة يتكفل النادي بطباعته ويوزع على رقعة عربية واسعة، وفي معارض الكتاب أينما وجدت. وهو برنامج مدعوم أيضا من قبل مجلس البحث العلمي في السلطنة، وقد دخل الآن عامه الثاني ووصل رصيدنا إلى 100 كتاب كما قلت. وهذه الكتب متنوعة فيها ما هو إبداعي ومنها ما هو اقتصادي وتقني وإداري ولغوي وتراثي وتشكيلي إلى آخره. هناك برنامج مماثلة تتبناها وزارة التراث والثقافة، ولديها برامج مماثل لطباعة الكتب وهناك المنتدى الأدبي في عمان لديه برامج مماثلة، وكذلك جمعية الكتاب والأدباء، لكن إصداراتها محصورة فيما يتعلق بالجانب النقدي والثقافي، بينما النادي الثقافي أكثر اتساعا حيث ينفتح على أفق الدراسة وأفق النقد والإبداع والاقتصاد والترجمة والتحقيق في الكتب التراثية، بل حتى رسالات الماجستير والدكتوراه التي تحمل عناوين مهمة تعالج وتناقش وتصدر إلى كتب.

* ماذا عن علاقاتكم بالمثقفين العرب أو المؤسسات العربية؟

- استضاف النادي معظم الأدباء والكتاب والمفكرين العرب في شتى أنحاء المعمورة استضافهم النادي في أمسيات وندوات ومحاضرات ومؤتمرات ثقافية، ومنهم على سبيل المثال: عبد الله البردوني، ونزار قباني، والطيب صالح، ومحمد الماغوط، وفدوى طوقان، وسعدي يوسف، وعبد الوهاب البياتي، وأحمد عبد المعطي حجازي، وعزمي بشارة، وسيل كبير من مشاهير الأدب والثقافة، فهو مظلة المثقفين، لأنه يعتبر صوتا حرا وربما أن حريتنا أوسع من المؤسسات الحكومية، ولذلك نستضيف مثقفين في كل المجالات من شتى أنحاء العالم. والحركة الثقافية لدينا لا تقتصر على الأدب فقط، وإنما لدينا لقاءات أخرى في الاقتصاد والسياسة وفي قضايا المرأة وقضايا الطفل، والترجمة، والفن التشكيلي.

* الشعر والنقد

* حدثنا عن الشعر في عمان.. ماذا عن الأصوات الجديدة؟

- قبل أسبوع كنت عضوا في لجنة التحكيم في الملتقى الأدبي السنوي لسلطنة عمان وهو ملتقى سنوي ويشترك فيه 45 شابا عمانيا هم 15 في السرد و15 في الشعر الفصيح و15 في الشعر الشعبي.. وقبل شهرين أقيمت في النادي الثقافي فعالية شعرية وأطلق عليها «تباشير شعرية»، وشارك فيها خمسة من الشعراء، أذهلوا الحاضرين بقدراتهم الشعرية، ومنهم شاعرة هي شيماء العلوية. تجارب هؤلاء الشباب شكلت مفاجأة لكثير من المتابعين للمشهد الشعري في عمان. هذا نموذج من الجيل من عشرات الأصوات المبدعة والتي نراهن على أنها تشكل مشهدا شعريا لا يستهان به.

* هناك من يلاحظ أن الظاهرة الشعرية في عُمان «ذكورية» والأسماء النسائية محدودة؟

- الشعر في عمان متوهج وكبير جدا، وبالتالي لا خوف على الشعر. وتبقى مسألة ذكورية المشهد الشعري حالة عالمية، ربما لأن الرجال لهم الصوت الأعلى في المشهد الشعري، لن توجد أسماء جيدة وقوية بينها الشاعرة شيماء العلوية، كما ذكرت، وهي شابة ما زالت على مقاعد الدراسة، كما أن هناك الشاعرة سميرة الخروصي التي شاركت هذا العام في سوق عكاظ بالسعودية، وكانت قد شاركت قبلها في هذا السوق الشاعرة بدرية الوهيبي، وهناك الشاعرة عائشة السيفي والشاعرة الدكتورة فاطمة الشيدي، والشاعرة سعيدة خاطر الفارسي، والشاعرة شميسة النعماني، وتلك مجرد بضعة أسماء تحضرني الآن. وبالتالي فإن الشاعرة العمانية موجودة وبقوة في المشهد الشعري العامي على الرغم من تسيد الرجل على الساحة، وهذا الحديث ينطبق على السرد أيضا.

* هل تحسون بنوع من القطيعة بينكم وبين الأجيال السابقة؟

- لا توجد لدينا قطيعة بين الرواد والجدد من المبدعين. وقد رأيت في بلاد أخرى ما يدعو للدهشة كأن يكون هناك فواصل في كل شيء حتى في حجم الاهتمام ونوعه بين الشعر الفصيح وأنواعه من شعر تفعيلة ونثري وغير ذلك بجانب الشعر الشعبي. في عمان يوجد انسجام وتواصل بين كل أنواع الإبداع والشعر. هناك أيضا في عمان اهتمام بقصيدة النثر أيضا، وكان الشاعر سماع عيسى رائد شعر النثر في المنطقة منذ ستينيات القرن الماضي.

* وماذا عن النقد، هل يواكب كل هذا الحراك الشعري الذي تحدثت عنه؟

- لا أعتقد ذلك، النقد متأخر جدا عن حجم ونوعية المنجز الأدبي في عمان، وهذه إحدى أهم الإشكاليات على المستوى الخليجي والعربي بشكل عام، وبالطبع لدينا كتاب ونقاد وأكاديميون، لكن الفعل النقدي ضعيف مقارنة بحجم الحراك الأدبي الموجود في الساحة الآن، من شعر وقصة ورواية وتشكيل وتصوير فوتوغرافي، وعلى الرغم من نصاعة هذا المشهد وزخمه وعطائه، فإنه بحاجة لغربلة ودراسة ومساءلة وهذا ما نفتقده حقا في عمان. يبقى النقد عندنا انطباعيا وارتجاليا، وأحيانا قائم على الإخوانيات والمعارف والمحسوبيات على الرغم من وجود نقاد وأكاديميين كبار مثل الدكتور حداد الحجري، والدكتور محمد المحروقي، فهما يقدمان نقدا صادقا ويعايشان الحراك ولديهما وعي كبير بتياراته القديمة والجديدة، ولكن هذا لا يكفي بالنظر إلى عمق الإنتاج الأدبي وغزارته، وهذه إحدى الإشكاليات التي نعاني منها.

* تحولات شعرية

* بالنسبة لتجربتك الإبداعية، ما التحولات التي حدثت في مسارك الشعري؟

- الحقيقة حصل لي تحول جذري كبير في تجربتي الشعرية، حيث بدأت منذ وقت مبكر بكتابة القصيدة الرومانسية البسيطة. وللأمانة لم تكن مجموعتي الأولى مهيأة لأن تكون مجموعة أو قصائد شعرية للنشر، ولكن عرضتها على أحد الأكاديميين للتقييم فقط، ولكنه اندهش وتحمس لإخراجها في شكل كتاب، وبالفعل نشرتها، ثم جاءت بعدها مجموعتي «قسم» التي صدرت في 1997 ولكن لم تحقق لي نقلة كبيرة في مسيرتي الشعرية، لأنها كانت تدور كلها في إطار التعبير الرومانسي، وإن تعددت الأفكار والمحتويات والعناوين.

* اعتبر النقاد أن تجربة «وحيدا كقبر أبي» شكلت تحولا في تجربتك الشعرية. ماذا تقول؟

- التحول الكبير في مسيرتي الشعرية جاء مع صدور مجموعتي «وحيدا كقبر أبي»، وهذا التحول كان على مسار اللغة وعلى مسار الوعي الشعري حيث بدأت أطرق آفاقا أكثر حداثة، وحيث جدة النص بدأ يتعمق وبتقنية أكثر، وبدأت أشتغل على تقنية القصيدة الحديثة وصناعة الجماليات بالاستفادة من السينما والسرد والتشكيل وتداخل الأصوات والاستفادة من الموروث وتوظيف إحالات نصية وغيرها.. فبدت القصيدة أكثر وعيا وأكثر نضجا وهنا بدأ الإدراك الشعري. وبعدها جاءت مجموعتي «على السفح إياه»، لتعمق وتكمل هذا المسار، وأعتقد أن تجربتي في المجموعة الخامسة «لدي ما أنسى» يمثل خطوة انقلابية كبيرة على المجموعتين الأخيرتين، حيث تخلصت من كثير مما قاله النقاد من التوظيف والإحالات وثقافة النص، واللغة الشعرية في حين رآها النقاد تحولا في مسار القصيدة العمانية ككل وليس فقط على مساري الشعري كشاعر، وبالتالي حاولت الخروج إلى آفاق أخرى وأريد أن ينقلني النقد إلى حيز آخر وبمفهوم آخر في اللغة والفكر التعبير.

* تكتب القصيدة لكن لا أحد يصنف انتماءك الشعري..

- أنا أكتب قصيدة التفعيلة عموما إلى جانب اشتغالي على تجديد القصيدة المقفاة، ولقد وجدت - بلا فخر - أني نقلت القصيدة المقفاة العمانية من ثوبها التقليدي المطلق إلى أفق القصيدة الحديثة واشتغلت عليها من بداية التسعينيات وحتى الآن حيث كتبت عنها وروجت لها. لقد جددت في القصيدة المقفاة الكلاسيكية بثوبها القديم وأوزانها الخليلية المتعارف عليها ولكن مع الاشتغال على نسيجها الداخلي وتطوير للغة وتحديث البيت من الداخل وتأسيسه بلغة جديدة وبتقنيات جديدة وبصور لم تعهدها الذائقة العمانية.

* لديك شغف بتوظيف البيئة في قصائدك.. يبدو ذلك جليا في مجموعتك «وحيدا كقبر أبي»..

- أغلب تجربتي تنطلق من هنا. عندما رصد هذه التجربة أحد الباحثين اختار عنوان: «ظلال النورس.. الصورة الذهنية في شعر المطروشي» مع أن كلمة «ظلال» تنم عن بيئة بحرية حيث يتوفر النورس بكثرة، وكأن الباحث يتتبع ظلال نورس متنقل بين الخلجان والبحار ومحيطات العالم وبيئاته الكونية. أنا فعلا عشت تجربة الفقد بمعناه الوجودي والحقيقي ذلك أنني من منطقة وولاية ريفية بعيدة في أقصى السلطنة وساحلها وسط أناس يعيشون على الفلاحة والصيد، فخرجت من هذه البيئة وعمري لم يكن متجاوزا الـ16 عاما للبحث عن الرزق.

* بالمناسبة.. حدثنا عن صدمة المدينة في داخلك، وأنت مقبل لها من القرية..؟

- عندما جئت إلى مسقط وأنا طفل يواجه أقدار الحياة كانت مسقط (العاصمة) بالنسبة لي بلدا صادما كوني ابن بحر كان يعيش تحت عرشان وجريد النخيل، حيث فراق الأم والأب والمدرسة والقرناء والطفولة لأسافر بعدها لأوروبا بداعي الدراسة وأنا عمري 18 عاما فكانت الغربة متواصلة (..) واجهت العزلة لأنني عشت حياة عسكرية قاسية وجادة وصارمة وفرضت علي هذه العزلة وعدم الاستقرارية، حيث إن الترحال الدائم يجعل من الصعوبة بمكان أن تقيم علاقات ثابتة. ربما أفادتني هذه التجربة شعريا ولكن على المستوى الآخر أخذت مني الكثير ولذلك حتى وأنا في مسقط العاصمة، ما زلت أشعر أنها تشكل لي هي الأخرى محطة غربة عشتها وعمري وقتذاك 16 عاما.. ولذلك أسافر إلى منطقتي أسبوعيا، قاطعا مسافة 350 كيلومترا لأستذكر مغادرتي الأولى وما اكتنفها من صعوبات..

(*) أين انعكس ذلك في شعرك..؟

- مفردات العزلة والرحيل والغياب والقلق والسفر تدس نفسها في أشعاري على الدوام وتجدها عناوين في مجموعتي الأخيرة وحتى الآن أتساءل: من أنا؟.. وهناك قصيدة «ألفة مجازية».. إلى جانب قصائد أخرى مثيلة عن غيرها من القيم الشجية.

* من شعره

* مقتطفات من «السرير»

وفي البَدْءِ كان السريرْ

جَرَتْ عادتي:

حِينَ أُولَدُ أمشي

وحِين أموُت أطيرْ

جَرَتْ عادتي:

كلما أَلْتَقي جسدي

أَدْفنُ الروحَ في جهة غيرِ مَعْلومَة،

ثُمَّ أَعْمِدُ للأرضِ (أمي القديمة)

مُنْدَفِعا مِثْل ثَوْرِ الحراثة،

أَهْوي على خَصْرِها،ِ

وبِنابَي هذَيْنِ

أَفْتَضُّها لوحوشي الأليفة،

حتى أرى هَيْئَتي في الدماءِ،

فيلمعُ نابي كَنَجْمٍ بعيدٍ،

ويضْحَكُ جَدّي الأخيرْ!

ولي صاحبٌ

كلما طارَدَتْهُ الأسِرَّة

أَسْلَمَ ساقَيْه للريحِ

واقْتادَني في الفِجاجِ،

كَراعٍ يُجَرْجِرُ حَبْلَ هواءٍ

وليس به غيمة أو بعيرْ

سريرٌ شَمالا،

جَنوبا سعيرْ

كبيرُ العصافيرِ

كان يُلَقِّمُ أفْراخَهُ

حِكْمَة الطيرانِ،

مَضَتْ واحدا تِلْوَ آخَرَ،

كانت تَغيبُ

وتَتْرُكُ سائسَها الأشْيَبَ،

انطَفَأَ البَرُّ في مُقْلَتَيْهِ:

- سأسْلُكُ وحدي،

وأعْبُرُ هذا الخريفَ القصيرْ؟

سَيَغْضَبُ صَيَّادُهُ:

- كُلُّ هذا الرصاصِ

لهذا المُسَجَّى وحيدا

بلا قُبْلَة

لذئابِ السريرْ؟!

أَكُونُ سريرَكِ في الصحْوِ أو لا أكونْ

أكون أَميرَكِ في النومِ

أو حارسا لكتابِ العيونْ

أكون بلادا تَجُوعُ

وتَأْكُلُ آخِرَ أطفالِها

إنما لا تَخُونْ

سريرُ التقاليدِ:

زوجٌ جديدٌ يُتِمُّ فتوحاتِه،

كي يُقالَ...!

وخادمة في الخفاءِ

تُفَتِّشُ عن نُقْطَة مِنْ دماءِ القتيلة

لِتُعْلِنَ للفَجْرِ نَصْرَ جِيادِ القبيلة

* أصدر القاص صالح السهيمي مؤخرا مجموعته القصصية الثانية «أغنية للجياع» عن نادي الباحة الأدبي و«مؤسسة الانتشار العربي» ببيروت، وقد احتوت المجموعة على عشر قصص قصيرة جاءت في 77 صفحة من القطع الصغير، تدور القصص حول أغنيات الجياع ذات الطابع العربي، كما تنوعت الموضوعات التي تطرقت إليها المجموعة، ومن عناوين القصص الواردة في مجموعته: «آنسة الفيافي»، «أنثى الليالي التي..».، «مشالح مزيفة»، «العازفان»، «الفراغات البيضاء».

«السمكة داخلك»

أصدر مشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتابا جديدا بعنوان: «السمكة داخلك»، للمؤلف نيل شوبين ونقله للعربية حسن غزلان. ويسبر الكتاب أغوار مستحاثات (أحافير) أحياء الزمن السحيق بشكل مقارن، ويسلط الضوء على اكتشاف مؤلف الكتاب مستحاثة التيكتاليك، وهي تشكل إحدى حلقات الوصل في سلسلة انتقال الحياة المائية إلى البرمائية. يتضمن الكتاب أحد عشر فصلا، يتحدث كل فصل منها عن سمات الربط بين اكتشاف شوبين للسمكة، وكيفية تطورها في الأحياء الأكثر تعقيدا، وصولا إلى الإنسان، فيسلط الفصل الأول الضوء على الصلة العميقة بين مختلف الكائنات الحية وكيفية معالجة هذا الشبه بين الكائنات الحية في أيامنا هذه والكائنات البائدة في الأزمان السحيقة.

وتعرض الفصول المختلفة من الكتاب الأجزاء الرئيسية التي تعكس الشبه التطوري الكبير بين معظم الكائنات الحية بشكل منظم وكيفية تشكل المقبض واليدين، إضافة إلى التقارب في تشكل نظام العظام للعضد والساعد والأيدي. كما تسرد التشابهات التي وجدها نفر من العلماء بين جينات الثدييات وجينات الكثير من الكائنات الحية الأخرى بدءا بالبكتيريا، أقدم المخلوقات على وجه الأرض. كما تتضمن الفصول الأخرى من الكتاب كيفية تطور الأسنان، كمّا ونوعا، والرأس وعظام الجمجمة، وتصميم الجسد كخريطة مفصلة من الرأس إلى أسفل الجسد.

وامتاز أسلوب الكتاب بالتراوح بين السرد والكتابة العلمية، والمقاربات التشريحية والفسيولوجية بين الكائنات الحية. ويعرض مؤلف الكتاب آلية التطور التي أدت إلى ظهور الأجناس المختلفة، وأثر هذه الآليات في نشوء القدرات المختلفة التي تميز الكائنات الحية أحدها عن الآخر، والتي قد تتضمن أحيانا السبب وراء كثير من العلل التي تصيب هذه الكائنات.

ويعمل مؤلف الكتاب، نيل شوبين، أستاذا للمستحاثات في جامعة شيكاغو، في الولايات المتحدة الأميركية، كما يعمل فيها عميدا مشاركا في علم أحياء العضيات والنشوء، وأستاذا في لجنة بيولوجيا النشوء. كما يرأس المتحف الحقلي في شيكاغو.