المغرب: الاحتفاء بالرباط بمناسبة مرور قرن على اختيارها عاصمة للبلاد وتجاوز اتحاد كتاب المغرب لأزمته

حصاد عام 2012 الثقافي

عبد الحميد العقار
TT

عرفت الساحة الثقافية في المغرب، خلال العام الحالي، عددا من الأحداث الثقافية، كان من أهمها الاحتفاء بمرور قرن على اختيار الرباط عاصمة للبلاد.

وتميزت هذه السنة أيضا بخروج اتحاد كتاب المغرب من جموده، وتمكنه من عقد مؤتمره الثامن عشر، بعد خلافات كبيرة نشبت بين أعضائه كادت تعصف بأقدم مؤسسة ثقافية في البلاد، إذ انتخب الناقد عبد الرحيم العلام رئيسا لاتحاد كتاب المغرب في مايو (أيار) الماضي، وتولى العلام رئاسة الاتحاد بعد فترة عرف فيها مشاكل داخلية أثرت على أنشطته منذ إقالة رئيسه السابق الناقد عبد الحميد عقار عام 2009. بحثت القيادة الجديدة لاتحاد الكتاب خلال عام 2012 مع عدد من وزراء حكومة عبد الإله ابن كيران، وهم: وزير الثقافة، ووزير الاتصال (الإعلام) الناطق باسم الحكومة، ووزير الأوقاف، ووزير النقل، كيفية إعادة العمل الثقافي إلى الواجهة.

ثم توجت اللقاءات مع عبد الإله ابن كيران نفسه، الذي جمع، بالإضافة إلى اتحاد كتاب المغرب، ممثلين عن النقابة المغربية لمحترفي المسرح، والنقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، والنقابة الوطنية للمهن الموسيقية، لبحث أوضاع الإبداع في المغرب، على أصعدة الكتابة والمسرح والموسيقى، وأثيرت خلال اللقاء قضايا الأدب، والوضع الاجتماعي للمبدعين والفنانين المغاربة إضافة إلى إشكالية حماية حقوق المؤلف، كما تمت مناقشة النهوض بأوضاع الفن والأدب، وإعادة الاعتبار للمبدع في مجالات الكتابة والموسيقى والمسرح على المستويين المادي والمعنوي.

خلال هذه السنة، أعلنت وزارة الثقافة أسماء الفائزين بجائزة المغرب للكتاب لعام 2011 في أصناف الدراسات الأدبية والفنية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والترجمة، والشعر، والسرديات والمحكيات. كان الفائزون بها على التوالي: رشيد بنحدو عن كتابه «جماليات البين بين»، وإدريس شحو عن كتاب «التوازنات البيئية الغابوية بالأطلس المتوسط الغربي»، وأحمد الصادقي عن «إشكالية العقل والوجود في فكر ابن عربي: بحث في فينومينولوجيا الغياب»، وعز الدين الخطابي لترجمته كتاب «الفلسفة السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين» لمؤلفه غيوم سيبرتان، وحسن الطالب الذي ترجم كتاب «ما التاريخ الأدبي» لكليمان موازان، وعمر القاضي عن كتابه «الإبحار في إيثاكا»، ومحمد زهير عن كتابه «أصوات لم أسمعها»، في حين نال جائزة لجنة الشعر حسن نجمي، رئيس اتحاد كتاب المغرب الأسبق، عن ديوانه «أذى كالحب».

ونظمت وزارة الثقافة المغربية للعام السابع على التوالي «ليلة الأروقة»، أحد أهم الأحداث الفنية والثقافية في المغرب، وشاركت في «ليلة الأروقة» هذا العام 77 قاعة للمعارض الفنية في 15 مدينة مغربية، فتحت أبوابها للجمهور حتى منتصف الليل لمشاهدة أعمال كبار الفنانين وكذلك المبدعين الشبان في مجال الفن التشكيلي، وأتاحت التظاهرة لسكان بعض المدن الصغيرة فرصة مشاهدة أعمال الرسامين والنحاتين والمصورين، الذين نادرا ما يعرض إنتاجهم خارج مدينتي الرباط والدار البيضاء. وكانت «ليلة الأروقة» في بداية عهدها قبل سبع سنوات تقتصر على الرباط، لكنها امتدت في عام 2012 إلى مدن صغيرة، مثل «مولاي إدريس الزرهوني» و«قلعة مكونة» و«شفشاون» و«أصيلة» وأزمور.

وحققت «ليلة الأروقة» نجاحا ملحوظا، تجسد في الإقبال الجماهيري على «قاعة محمد الفاسي» لمشاهدة أعمال مصطفى مفتاح الذي نظم أول معارضه الفنية عام1977. واستضاف «مسرح محمد الخامس» في الرباط في «ليلة الأروقة» معرضا للفنان المغربي عزيز تونسي الذي يستخدم فرشاته بأسلوب بسيط ومؤثر في التعبير عن الصراع بين الرجل والمرأة.

وفي مدينة الدار البيضاء، نظم المعرض الدولي الثامن عشر للنشر والكتاب، الذي ينظم سنويا، وكان هذه السنة تحت شعار «وقت للقراءة.. وقت للحياة»، وكانت السعودية ضيف شرف الدورة 18 التي احتفت فعالياتها بالكتاب والمبدعين، وكانت بمثابة موسم ثقافي جديد. وكان الربيع العربي وتداعياته ضمن أبرز فعاليات المعرض، حيث جرى تخصيص ندوات حول تداعيات الربيع العربي على الابتكار والإبداع. وعرف المعرض مشاركة أكثر من سبعمائة دار نشر مغربية وعربية وأجنبية من نحو 44 دولة في فضاء العرض والفعاليات الثقافية المرافقة.

وفي سياق منفصل، عاشت مدينة الرباط الكثير من الأحداث الثقافية، حيث احتفلت الرباط بمرور قرن على اختيارها عاصمة للمغرب، وضمها إلى قائمة منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسكو) لمواقع التراث الإنساني العالمي. وأقيم بهاتين المناسبتين معرض كبير للفن التشكيلي في باب الرواح - أحد معالم العاصمة المغربية. وضم المعرض مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية، معظمها تملكه مؤسسات خاصة ومقتنون. كما نظم معرض آخر في «باب الكبير»، موضوعه الرئيسي قصبة الوداية وهي أيضا من المعالم الرئيسية للعاصمة المغربية. كما أصدرت وزارة الثقافة كتاب «رسائل من جغرافيات متقاطعة» الذي اشتمل على 52 نصا كتب من قبل كتاب من مختلف أنحاء المغرب، حول انطباعاتهم عن الرباط.

وفي مدينة الرباط أيضا، احتفل بالأيام الثقافية الجزائرية في المغرب، وشمل الاحتفال إقامة معرض يبرز جانبا من الثروة الثقافية الجزائرية، وذلك عبر الألبسة التقليدية والحلي والفخار والكتب والفنون التشكيلية، كما تم الإعلان عن إقامة «أيام ثقافية» مغربية في الجزائر خلال العام المقبل.

وودع المغرب، خلال العام الماضي، ثلاثة من الأدباء المغاربة، حيث رحل في 24 أبريل (نيسان) عبد الجبار السحيمي الأديب والإعلامي الذي رحل عن سن تناهز 74 سنة بعد صراع طويل مع المرض، وعرف الفقيد بإنتاجاته الأدبية خصوصا في مجال القصة القصيرة. ومن بين إصداراته الأولى «مولاي» و«الممكن من المستحيل» في أواسط الستينات، كما صدر له كتاب بعنوان «بخط اليد»، إلى جانب مساهمته في كتاب جماعي بعنوان «معركتنا العربية ضد الاستعمار والصهيونية» الصادر عام 1967. كما أصدر السحيمي، رفقة محمد العربي المساري ومحمد برادة مجلة «القصة والمسرح» عام 1964، كما كان مديرا لمجلة «2000» التي صدر عددها الأول والوحيد في يونيو (حزيران) 1970.

وفي 12 أغسطس (آب)، رحل عبد الرزاق جبران، وهو شاعر وناقد مغربي صدر له ديوانان؛ هما: «أسماء» و«بياض الحروف»، وكانت له كتابات نقدية منشورة في الصحف والمجلات والكتب الجماعية والندوات، وهو رئيس نادي الوحدة للإبداع وتحليل الخطاب. وفي أول ديسمبر (كانون الأول)، توفي أحمد الطيب العلج، الفنان الزجال، عن عمر يناهز 84 سنة وهو الملقب باسم «موليير المغرب»، وترك وراءه رصيدا فنيا متنوعا يضم الكثير من الأعمال المسرحية والقصائد الزجلية التي غناها أشهر المطربين المغاربة مثل عبد الهادي بلخياط وعبد الوهاب الدكالي ونعيمة سميح وغيرهم.