آل غور.. أكثر ألغاز واشنطن غرابة

كتاب يتتبع حياة المرشح الأميركي للرئاسة والمفارقات في صعوده السياسي

TT

دانتي تشين * آل غور هو نموذج للسياسي الذي يتمتع بـ«شروط السيرة الذاتية المطلوبة» ولكنه لا يمتلك كل المهارات اللازمة.

لقد شب آل غور منذ سن مبكرة، بصفته ابن سيناتور وخريج مدرسة سانت البانز وجامعة هارفارد، وسط النخبة في واشنطن. غير انه عرف أيضاً بحبه لقضاء فصول الصيف في مزرعة عائلته بولاية تنيسي، ومشاركته في انجاز الاعمال الروتينية داخل المزرعة، والاختلاط مع الشباب القرويين الآخرين. فهل من الممكن ان تتوفر وصفة افضل من هذه لاعداد رجل لخوض المعترك السياسي؟ رغم ذلك، وبعد قضاء 24 عاما في المناصب العامة، فإن ضعفه في التواصل مع الناخبين، الذي يبرز ويتضخم عند مقارنته برئيسه كلينتون، يأتي في صميم الانتقادات الرئيسية الموجهة له.

في كتاب «امير تنيسي: صعود آل غور»، بذل الصحافي في «واشنطن بوست» ديفيد مارانس وزميلته ايلين ناكاشيما جهدا كبيراً في محاولة تفسير هذه المفارقة في حياة آل غور. وهما يعتمدان الاسلوب القديم في ايراد الاخبار عن الشخصية التي يكتبان عنها بدل الاعتماد على تحليلها على عكس معظم كتاب السيرة الذاتية الذين لم يعودوا يعتمدون جمع حقائق واخبار عن حيوات من يكتبون عنهم. وغالبا، ما يتقمص هؤلاء دور الاطباء النفسانيين الذين يشخصون حالات مرضاهم الممدين على الآرائك قبالتهم، ويعتمدون على القليل من الوقائع مقابل الكثير من التحليل والتفسير. والتركيز ينصب اكثر في هذه الحالات على السبب في هذا الحدث او ذاك، مقابل رصد ما جرى بالفعل. ويتجنب هذا الكتاب الذي تبلغ صفحاته الثلاثمائة، والذي وضع بعد اجراء 300 مقابلة و6 محادثات طويلة مع نائب الرئيس، الوقوع في هذا الشرك. ويركز مارانس على احداث حياة آل غور، اما الاجزاء التفسيرية التي يوردها وتنقب في شخصيته فهي تحليلات لا لزوم لها، مقابل الاجزاء الجيدة من ايراد الاخبار والمعلومات الصحافية التي تسلط الضوء على حوافز الرجل. فعلي سبيل المثال، من السهل الحديث عن الضغوط التي ربما شعر بها آل غور خلال وصوله الى المكتب البيضوي. فهذا في نهاية المطاف، كان حلم والد آل غور السناتور البرت غور، ان يصبح ابنه نائبا للرئيس. غير ان مارانس يفسر ذلك بشكل مبسط، تاركا الحقائق تتحدث عن نفسها دون التعمق في تحليل مشاعر غور الذي كان يسعى بالدرجة الاولى إلى اسعاد والده.

ويورد مارانس في هذا السياق ان السناتور البرت غور اختلى بابنه في اجازة عيد الميلاد عام 1986 وقال له ببساطة «اريد ان اراك وقد انتخبت رئيسا قبل ان اموت». فهل هناك من شك في حجم ضغط هذه الامنية على طفل شب على اتخاذ ابيه قدوة ومثلا له؟ بعد هذه الحادثة، بدأ آل غور في التخطيط لترشيحه نفسه عام 1988للوصول الى البيت الابيض.

كما نقب مارانس وناكاشيما ايضا عن وثائق تسلط الضوء على جوهر هذا الرجل دون ان ينصبا نفسيهما قضاة. ومن الامثلة على ذلك، ان السكرتير الاعلامي لآل غور انتقده في مذكرة صادرة عام 1988 على مبالغته في طرح نفسه كصاحب بيت ورب اسرة ومزارع ايضا، ومما جاء في مذكرة السكرتير قوله «ان آفتنا الرئيسية هي المبالغة... كن حذرا ولا تبالغ في انجازاتك في هذين المجالين». وتحولت مبالغات نائب الرئيس الى الموضوعات الرئيسية للتغطيات الاعلامية.

بيد ان هذا الكتاب يكشف، ايضاً، عن كثير من الامور الإيجابية عن آل غور. ومن الصعب قراءته دون الخروج بانطباع عن مدى الجدية التي يأخذ بها آل غور كل الاعمال التي تسند اليه ومقدار التزامه بالاطلاع العميق بالاشياء والمواضيع المختلفة.

فعندما أصبح خبيرا في شؤون الدفاع، طلب مساعدة احد الخبراء الذين ينظمون ندوات لاعضاء الكونغرس تقتصر على المحاضر والمتعلم. وقبل عكوفه على كتابة «الارض في توازن»، سافر آل غور مرات عديدة الى اميركا الجنوبية سعيا نحو فهم افضل لطبيعة تأثير المشاكل البيئية على الامازون.

وهذا هو مصدر قوة آل غور وضعفه في ذات الوقت. فبعض الاشخاص يتحولون الى مناضلين يتسلحون بيقين اخلاقي داخلي، اما آل غور فلا يصبح مناضلا الا بعد العلم والاحاطة الكاملة بكل تفاصيل القضية التي يريد النضال من أجلها، وغالبا ما يجعله ذلك يبدو شخصا مملا.

والحديث من القلب ليس مصدر قوة آل غور، بل الحديث انطلاقا من الحقائق. وهذا بذاته، اضافة الى الضغط الذي يشعر به لتحقيق النجاح، قد يكون السبب وراء انغلاقه بدل الانفتاح على العالم. أمير تنيسي: صعود آل غور المؤلفان: ديفيد مارانس وايلين ناكاشيما =