الآراميون.. جذورهم ومعتقداتهم

TT

ليس من السهولة البحث في تاريخ وتراث الاراميين خصوصا مع النزر اليسير من الاثار والكتابات واللقى التي تتحدث عنهم والغموض المحيط بهم قياسا الى الاقوام المجاورة التي سبقتهم او زامنت وجودهم.

ويأتي كتاب الباحث العراقي الدكتور خزعل الماجدي (المعتقدات الآرامنية) الصادر حديثا عن دار الشروق في عمان ليكشف عن جوانب مهمة من حياتهم ولكنه يستبق كل ذلك باعطاء سببين متداخلين يراهما وراء هذا الغموض اولهما عدم ظهور ممالك ارامية واسعة وقوية ومستقرة لفترة طويلة من الزمن وثانيهما الضغط الاشوري المتكرر على مدنهم وممالكهم وتدميرها بشكل مستمر. في الفصل الاول الذي يعد دراسة في التاريخ السياسي والثقافي للآراميين يرد الباحث على النظرية القائلة ان اصلهم واصل السامين جميعا من شبه جزيرة العرب.

ويعزو اسباب هذا الامر لظهور الممالك الاردنية القديمة (عمون، مؤاب، ادوم) التي غطت على ذكرها لاستيطان العموريين شرق الاردن قبل ظهور الاراميين بوقت طويل، ويضيف ان العهد القديم لا يطيب له ولمن كتبه ذكر مدن وممالك ارامية قوية او قديمة هناك تأكيدا للفكرة الساذجة التي تقول بان الانباط الاثني عشر لبني اسرائيل هم الذين سكنوا هناك كما ان ظهور الانباط بعد القرن السادس قبل الميلاد واعتبارهم النظرية القائلة بالاصل الارميني للساميين ويجد ان ارمينا اسم ارامي لاحق لظهور الاراميين وليس العكس ومع ذلك لا يقدم الماجدي بديلا نظريا آخر يمكن ان يكون مدخلا مقبولا لاعادة دراستهم.

ظهر الاراميون على شكل قبائل رحل او مستقرة استوطنت شمال وادي الرافدين في منتصف الالف الثالث قبل الميلاد وفي عهد نارام سين 2507 ـ 2452ق.م وهو الذي اعتلى عرش الدولة الاكدية بعد والده سرجون الاكدي وقد وجدت وثيقة اكدية الاصل تؤكد انتصاره على شيخ ارام (خراشامتكي) وغيره من رؤسائهم.

وباقراره ان مدينة سامراء لم تكن عربية عباسية بل ورد اسمها بحدود الالف الاول قبل الميلاد يؤكد الباحث على انها (سميدوم) او (سرامراته) او (سيمراء) المهد الاول للسومريين الذين نزحوا منها باتجاه جنوب العراق.

ويجد ان منطقة (ارامي) او (ارام) لا تبعد عنها كثيرا لان معنى اللفظ يدل على المناطق المرتفعة قديما لذا كانت قريبة من مناطق تلول او جبال صغيرة شرق دجلة وهي لا تقع في اقاصي شمال وادي الرافدين او سورية.

وبموجب هذه الحقائق يوضح ان الاراميين هم موجة سامية ثالثة متأخرة زمنيا نسبيا ولكنها تتوسط في موقعها ما بين خليط من الاراميين والعرب.