كتاب سعوديون: حاولنا أن نخدش الموت في وجهه

«20 دقيقة» كتاب أول في سلسلة «كتاب العالم»

غلاف «20 دقيقة»
TT

يمثل كتاب «20 دقيقة»، الذي يصدر قريبا عن «دار طوى للنشر»، صدمة لقارئه، فهو يقدم تجربة مثيرة وغير مسبوقة، حين يتيح لعشرين كاتبا تلخيص رؤيتهم للحياة في الفاصل الزمني الذي لا يتجاوز 20 دقيقة، التي يبقى فيها الدماغ حيا بعد وفاة صاحبه، عن وعيهم لفلسفة الحياة.

ويجس عشرون كاتبا نبض الموت تحت معاصمهم في 20 دقيقة ضمن «سلسلة كتاب العالم» التي يصدر عددها الأول لهذا العام 2013 عن «طوى» للثقافة والنشر والإعلام.

فكرة الكتاب أن كل واحد من المؤلفين العشرين يضع نفسه في امتحان العشرين دقيقة، وبالتالي فلديه من الزمن ما يجب أن يحشد فيه الفكر ليعبر عن رؤيته للوجود والموت، ويلخص فلسفتهما، ويستنبط رؤيته الخالصة التي تلخص فهمه للحياة من خلفه، وللموت وما بعده من أمامه.

عشرون كاتبا، كما يقول الكتاب، «أبهرهم التدريب غير المتوقع» لفكرة تأخذ غرابتها من واقع الكتابة ومغامرتها الكبيرة، اختارت «طوى» أن تبدأ بهم فكرة كتاب العالم.

يقول عادل حوشان، ناشر الكتاب: «إن فكرة (كتاب العالم) كانت تنتظر أن نخرج بها بشكل يليق بما نفعل، واخترنا أن نبدأ بالنص المعاصر من خلال فكرة بقاء حياة الدماغ (علميا) لمدة تصل إلى عشرين دقيقة بعد الوفاة الطبيعية، بغض النظر عن الحقيقة العلمية وراء ذلك، كان الأهم بالنسبة لنا الحقيقة نفسها دون تصنيف، ومن هنا كان علينا أن نفكر بدلا عنه - أو بالأصح أن نعيش بدلا عنه - هذه الفتنة الكبيرة التي يتخلص فيها الدماغ من الروح والجسد ويبقى وحيدا في مواجهة أعباء الحياة المتبقية، الحياة التي أرهقته بالاثنين معا، ثم ها هو يرتب الأمر كما يحب ويكتب توقعاته في عزلة محددة، أمام هذا الاختبار وهذا التدريب العملي على الموت في مواجهة الكتابة أو العكس».

الكتاب الفكرة، كتّابه عشرون، وتنوعت الكتابة فيه في اللغة وفي المعنى وفي الرؤية وفي الحالة، لكنها بقيت تدريبا واختبارا هائلا، اختبار رجفة العدم.

وحسب مقدمة الكتاب، فإن ترتيب العشرين كاتبا جاء حسب الأبجدية «ترتيبنا في الكتاب بحسب الأبجدية، أبجدية لم يختر أي منا حرفا واحدا منها.. إنها فكاهة القدر الغريب، حين قرر ألا يختار، قررنا أن نختار»، كما يقو الناشر.

يشارك في الكتاب أسماء عرفت في المشهد الإبداعي السعودي بكتابتها للنص الفني المعاصر، بالإضافة إلى فنانين.

ويغلب على معظم الكتاب أنهم من أصحاب التجارب الجديدة، بالإضافة إلى أسماء معروفة في المشهد الروائي والشعري والنقدي السعودي، ومنهم «محمد الحرز، عبد الله السفر، عبد الرحمن الدرعان، عبد الله ثابت، عادل حوشان، يحيى آمقاسم، ضيف فهد، ماجد الثبيتي، سعيد الأحمد، منصور العتيق، أحمد العلي، عبد الله العثمان، ضياء يوسف، كاميليا إبراهيم، نهلة محمد، منال العويبيل، هيا محمد، عبد الله حمدان، ماجد العتيبي، صبا طاهر».

من أجواء الكتاب

«ما هذا الإمعان في التوحش؟ لن يسألنا أحد بعد الآن، أو هذا ما نتمناه على الأقل! اتركوا غبار أرواحنا يشتت انتباه الهواء، فهو كما ترون؛ عشرون كائنا غريبا، اختبروا لياقتهم حيال الموت، ثم تواثبوا كعدائين ناحية هذا المضمار المليء بالهيبة والفزع...

الرعب الذي يتولى الكائنات الحية من هذه اللحظة التي لم يعرفها أحد على قيد الحياة مطلقا.. القردة التي ترعى صغارها في الغابات، الشجرة التي يقتلعها حطاب فقير وبقدم خشنة، العشبة التي تتزحلق عليها الأفعى وتهرسها، أو البشر الذين يطلقون أبواق عرباتهم في الشوارع ويخرجون أيديهم في إشارة غير لائقة للحياة، بينما يرعبهم المرض وأسرّة المستشفيات وتربية أبنائهم؛ إيمانا بالواجبات الكبيرة المحددة، عدا الموت. هنا، كنا ندخن سجائرنا بمتعة كبيرة، أو على الأقل، حين انتهينا من ترتيب هذه الميتة اللائقة.. ضحكنا وبدأنا التهيؤ!

في الجانب الآخر، أبهرنا هذا التدريب غير المتوقع دون أن نطلب من بائع الأكفان لا نعشا ولا طيبا ولا عبارات عزاء، ولا حتى أن تتدلى من عينيه ولو لحظة رحمة واحدة.

هذه أحزمتنا المحشوة بالفتيل، لا لنحرق أحدا أو شيئا، بل لنكتب بها، لشخص ما، يرقد بسلام كبير وهو يردد موسيقى (20 دقيقة) في حفل بهي من الوحدة والانتظار. وليقل آت ذات يوم إننا حاولنا، بعشرين يد في عشرين دقيقة، أن نخدش الموت في وجهه».