خالد اليوسف: «حاطب» الأدب وخازنه

من أجل «الموسوعة»: ميزانية خاصة لشراء الأعمال الأدبية

الباحث اليوسف وعدد من الأعمال الأدبية التي اقتناها من معرض الرياض أخيرا
TT

على مدى عشرة أيام من معرض الرياض الدولي للكتاب، كان الباحث السعودي خالد اليوسف، الذي يشتغل على جمع ورصد وتوثيق وتصنيف الأدب السعودي، يجول بين أجنحة المعرض يفتش عن الجديد من الأعمال الأدبية، شعرا وقصة ورواية ونقدا، لكنه يشتكي من توزع هذه الأعمال بين دور النشر المختلفة، فضلا عن أن بعضها يخرج كإصدارات خاصة، مما يصعب التعرف عليها.

اليوسف تمنى على وزارة الثقافة والإعلام «فرض أجنحة مستقلة للأندية الأدبية، مثلها مثل أي ناشر، أو تاجر وبائع للكتب»، باعتبار أن هذه الأجنحة تحتضن أكثر إصداراتها المنتجات الأدبية السعودية.

واليوسف، وهو أيضا قاص وروائي، أصدر دراسة في ثلاثة أجزاء تحت اسم «معجم الإبداع الأدبي في المملكة العربية السعودية: دراسة تاريخية بيوغرافية ببلومترية»، عنيت بالنثر والشعر والدراسات الأدبية. تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي أغلق أبوابه الجمعة الماضي عن الجهد الذي يبذله في تقصي الأعمال الأدبية والنقدية السعودية، مشيرا إلى أن اشتغاله بالموسوعة التي تصدر سنويا يجعله حريصا على تقفي أثر الأعمال مهما تنوعت جهات النشر، ويجد أحيانا صعوبات بالغة في الإحاطة بكامل المنتج الذي يتزايد سنويا.

يقول: يوفر معرض الكتاب فرصة سانحة للتعرف على الإصدارات الجديدة واقتنائها، على الرغم من أن هناك أعمالا أدبية ونقدية لمؤلفين سعوديين لا تجد فرصتها في معرض الكتاب، كما أن الصحف مصدر آخر للمعلومات بشأن الإصدارات الجديدة.

لكن هل تمثل هذه الإصدارات عبئا ماليا على صاحب البيوغرافيا؟ يجيب: «في الحقيقة أبذل ما أستطيع للحصول على الإصدارات، لكن الكثير منها يصلني عن طريق الإهداء سواء من مؤلفيها أو من دور النشر، وفي المجمل تمثل الإهداءات نحو ربع عدد الأعمال الأدبية التي أقتنيها. وفي موضوع الشراء، أركز على ما يتلاءم مع ميولي في القراءات الشعرية، لكنني مضطر لشراء كل ما أجده من الأعمال الأدبية السعودية».

بعد عمليات الجمع التي تستقطع وقتا طويلا، يأتي دور الفهرسة والتصنيف. واليوسف الذي درس علم المكتبات خبير بهذا الشأن، لكنه يقول إن الوقت والجهد الذي يبذله من أجل الفهرسة والذي يتوزع على مدار العام، لا يعادل أهمية الأيام الأخيرة التي يشرع فيها بالكتابة وإخراج الموسوعة. يقول: «في الشهرين الأخيرين (الشهر الأخير لنهاية العام، والأول من بداية العام الجديد) أتفرغ تماما للموسوعة وأعكف على ترتيب البطاقات وغربتها وفرزها وتصنيفها بعد أن اشتغلت عليها مسبقا من أجل إخراج البيوغرافيا، ويتطلب ذلك الحصول على إجازة من العمل من أجل إنجاز الموسوعة».

لكن هل هناك جهة حكومية أو مؤسسة ثقافية تحتضن هذا العمل وتتكفل بإصداره؟ يجيب: «في البداية كانت أول جهة تكفلت بطباعة الموسوعة هي نادي الباحة الأدبي الذي أصدر المعجم قبل أربع سنوات، باسم (معجم الإبداع الأدبي في المملكة العربية السعودية - الرواية)، وأعيد طباعته عن نادي الرياض الأدبي بعد ذلك بسنتين».

أخيرا قدم كرسي الأدب السعودي بجامعة الملك سعود عرضا بتكفل طباعة الموسوعة، كإصدار سنوي، ويصدر عنها دليل يمثل مختصر البيوغرافيا، وهو ما يعتبره اليوسف دليلا على دعم واحتضان العمل الثقافي الموسوعي.

اليوسف الذي رصد تصدر الرواية للمشهد الثقافي السعودي، منذ عام 2001، لاحظ أنها تراجعت هذا العام في التأليف، كما تراجع الاهتمام بها في المعرض. فقد انخفض عدد الإنتاج الروائي في السعودية إلى النصف تقريبا في عام 2012 مقارنة بالعام الذي سبقه، من 100 رواية عام 2011 إلى 66 رواية فقط عام 2012.

وحين نسأل اليوسف عن الصعوبات الحقيقية في التعرف على الأعمال السردية، خصوصا بعدما انتشرت هذه الأعمال وتنوعت واختلطت تصنيفاتها، يقول: «هذا مأزق حقيقي، فبعض الأعمال التي تصلني أو أقتنيها يجري تصنيفها على أنها شعر أو قصة، وهي في الحقيقة مجموعة خواطر، وبعضها الآخر لا يحمل تصنيفا فأضطر إلى قراءتها وتصنيفها، وقد يأتي التصنيف خلاف ما يرتضيه المؤلف، وفي الكثير من الحالات أستعين بنقاد لكي يصنفوا هذه الأعمال. فالكثير من الكتب النثرية وكذلك قصيدة النثر أستعين بناقد لمعرفة ما إذا كانت نصا مفتوحا أو نصا شعريا أو سرديا». ويضيف: لكنني أطالب المؤلفين ودور النشر بأن يضعوا تصنيفا لأعمالهم ولا يكتفوا بعبارة «نصوص» وأن لا يدفعوني للعب دور الناقد. ولا يقتصر الأمر على المؤلفين الجدد، فثمة شعراء بارزون يضعون عبارة «نصوص» على مجموعاتهم الشعرية مثل الشاعر عبد الله السفر، كما أن دار «طوى» تضع عبارة «نصوص» على بعض إصداراتها دون تحديد.

ويشتغل اليوسف حاليا على إعداد كتاب يصدر برعاية كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود يحتوي شهادات الرواد من كتاب القصة والرواية، ويضم نحو 30 كاتبا، يتم التعرف على تجربتهم وسيرتهم وعرض نص كشاهد على هذه التجربة، وبينهم أسماء لامعة في القصة والرواية أمثال الراحل إبراهيم الناصر الحميدان، وفهد الخليوي، ومحمد الشقحا، وجبير المليحان، وعبد الله باخشوين، ومحمد علوان، وشريفة الشملان.