ممثلة تنضم إلى قائمة الكتاب الكبار لكن بعد موتها

TT

في عام 1996، رحلت الممثلة الإيطالية غولياردا سابينزا، التي مثلت في عدة أفلام للمخرج لوتشينو فيسكونتي، معدمة تماما، (قبل رحيلها بسنوات قليلة، دخلت السجن لسرقتها جواهر صديقتها). ولكنها تركت مخطوطا بـ660 صفحة سمته «فن الفرح»، وكتبته في فورة الستينات، وبالتحديد عام 1968، مرميا في إحدى زوايا البيت، بعدما رفضته كل دور النشر لجرأته، حسب ما جاء في صحيفة «الغارديان» البريطانية في عددها الصادر أول من أمس. ووفاء لها، طبع الزوج عام 1998 ألف نسخة تكريما لذكراها، لكن لم يهتم أحد للكتاب. والآن، وبعد خمس وأربعين سنة، ستصدر يوم الرابع من الشهر القادم ترجمة الكتاب عن دار «بنغوين» البريطانية العريقة. وهي ترجمة أنجزتها آن ميلانو أبيل بعد ثلاث سنوات من العمل. وكانت دور النشر الفرنسية قد سبقت البريطانية في «فن الفرح». وبيعت منه بعد صدوره بأسابيع قليلة 300 ألف نسخة (طبعة ممتازة). صحيفة «اللوموند» الرصينة وصفت الكتاب بأنه «تحفة أدبية»، بينما وضع ألكسيس كيرسيتشبوم، مدير التحرير في «كلاسيكيات بنغوين»، كاتبته سابينزا في قائمة الكتاب الكبار، مثل هنري جيمس، الذي عرف أيضا بمعالجته موضوع المرأة المعاصرة بتعقيداته العاطفية والنفسية.

وبالطبع، سارع النقاد إلى مقارنة هذا الكتاب مع رواية «خمسون طيفا للرمادي» للكاتبة إي. إل. جيمس، التي تصدرت حين صدورها عام 2012 الروايات الأكثر مبيعا، إذ بيع منها 40 مليون نسخة. الموضوع الرئيسي في الكتابين يدور حول المرآة، ولكن من منطلق مختلف تماما، بحيث تصبح المقارنة بينهما أدبيا غير جائزة. فـ«خمسون طيفا للرمادي»، يكرس كل المفاهيم المتخلفة عن المرأة، باعتبارها أداة للمتعة، وبشكلها العنيف أيضا. لقد تناول عالم المرأة من السطح، بل حولها إلى عبدة لأهوائها، وللرجل الذي تحبه، عازلا إياهما عن العالم المحيط بهما، كما يعاني على المستوى الفني من ثغرات كثيرة. لقد اشتهر على المستوى الشعبي، ولكن لم يأخذه كثير في الوسط الأدبي والأكاديمي على محمل الجد، بينما يغوص «فن الفرح» في شخصية المرأة ودواخلها، عاكسا رغبتها العميقة بالتحقق، وإن اتخذ هذا المسعى أبعادا متطرفة أحيانا، من دون أن يعزل عالم المرأة عن الواقع الاجتماعي والسياسي، وهذا يذكرنا فعلا بكتاب كبار مثل هنري جيمس ودي. أتش. لورنس.

لقد نشرت غولياردا سابينزا بعض الروايات في حياتها، ولكن من دون نجاح. وها هو مخطوطها المهمل يضعها في قائمة واحدة مع هؤلاء الكتاب، ولو بعد موتها.