اليهود في إيران.. كتلة بشرية كبيرة وتاريخ شائك

كتاب يتناول الجوانب القانونية والعلاقة بين فلسطين وإسرائيل تاريخياً

TT

يعرض كتاب «اليهود في ايران»، للباحث مأمون كيوان للوجود اليهودي في ايران مستخدماً منهج البحث والمتابعة في كتابه الصادر عن دار نشر بيسان ببيروت، تاريخهم خاصة ان الجماعة اليهودية الايرانية تشكل راهناً اكبر اقلية دينية ـ اثنية مقارنة بالاقليات اليهودية في غالبية دول الشرق الاوسط وبشكل ادق في الدول العربية والاسلامية. وذات تاريخ عريق يعود إلى قرابة 2500 عام كما تقول اغلب المصادر.

تتناول المقدمة والتمهيد اللذان انطلق منهما الكاتب الجوانب القانونية والدستورية التي حكمت اوضاع يهود ايران.

ويشير الكاتب الى انه في عهد رضا شاه عام 1925، حددت المكانة القانونية لليهود، فبموجب القوانين الصادرة في ذلك العهد، تمتع الجميع بغض النظر عن الانتماء الديني او العرقي بالحقوق القانونية كافة التي كانت ممنوحة للمسلمين فقط.

وفي عهد الجمهورية الاسلامية، حدد الدستور رؤية متقدمة للاقليات والمجموعات الاثنية المستقرة تاريخياً في ايران، بما في ذلك حقوقها الكاملة فضلاً عن الحقوق الثقافية ذات الخصوصية (استعمال اللغات القومية وتدريسها إلى جانب الفارسية)، اضافة إلى تمثيل الاقليات في مجلس الشورى (الزرادشت، اليهود، المسيحيون الارمن).

في الفصل الاول الذي حمل عنوان «الوجود اليهودي في ايران» يورد الكاتب موجز تاريخ اليهود في ايران الذين يزعمون بأنهم من اقدم الجماعات الاثنية هناك منذ ما قبل الملك كورش العظيم الذي سمح لهم عام 538 قبل الميلاد بالعودة للقدس على رأس اول دفعة بقيادة زروبابل.

وبعد فتح بلاد فارس اصبح اليهود من رعايا الدولة الاسلامية، فيما ظهرت فرق يهودية ومذاهب جديدة مثل مذهب «القرائين» الذي يعتبر أن العهد القديم هو المرجع الوحيد. بينما توزع اليهود على سبعة مراكز تتمايز عن بعضها باختلاف العوامل الاجتماعية بعد ظهور الدولة الصفورية في القرن السادس عشر الميلادي التي يعتبرها بعض المؤرخين الاسرائيليين بداية الانقلاب في اوضاع اليهود في ايران، الامر الذي حدا بظهور «اليهود المتخفون» وفق المؤرخ الاسرائيلي شموئيل سيغف.

بينما يعتبر المؤرخ الاسرائيلي صموئيل ايتنجر بأن اغلبية يهودية فضلت ان تعتنق الاسلام لأسباب اجتماعية واقتصادية وللتقرب من مركز القرار، وبينما اعتنق الآخرون «البهائية» لجملة اسباب تقف على رأسها المساعدة المالية التي كان يقدمها البهائيون لكل من يعتنق مذهبهم، كوسيلة للسيطرة على مقدرات المجتمع بعد تغلغل نفوذ البهائيين، فضلاً عن سهولة هذا المذهب واستحقاقاته البسيطة المترتبة على اتباعه.

في الفصل الثاني الذي حمل عنوان «صهينة ليهود ايران» يتم التطرق إلى الدور الاسرائيلي في التجمع اليهودي على ارض ايران حيث لم يكن للحركة الصهيونية منذ نشأتها اي انشاط جدي بين الطائفة اليهودية في ايران، بينما نشطت الهجرة إلى فلسطين بعد تأسيس الدولة العبرية بقليل. ونشطت معها الحركة الصهيونية داخل هذا التجمع جامعة في عملها بين الانشطة العلنية، والانشطة السرية خاصة في الفترة التي اعقبت الانقلاب العسكري الذي قام به رضا خان.

ومع تغير الاوضاع السياسية داخل ايران، سمحت السلطات الايرانية بممارسة النشاط الصهيوني منذ عام 1941 بقدر من الحرية، وتم افتتاح مكتب للوكالة اليهودية في طهران. وتبع ذلك مرحلة ركود مع مجيء حكومة مصدق إلى حين سقوطه. وفي المقابل «ومع تزايد ثراء اليهود الايرانيين في عقد الستينات قل حماسهم للايديولوجية الصهيونية» كما يقول.

يحدد المؤلف مراحل هجرة يهود ايران نحو فلسطين بخمس مراحل:

1 ـ الهجرة الفردية (1812 ـ 1880).

2 ـ الهجرة بأعداد كبيرة (1880 ـ 1914).

3 ـ مرحلة الهجرة غير الشرعية (1915 ـ 1948).

4 ـ الهجرة الجماعية (1949 ـ 1952).

5 ـ مرحلة الهجرات اللاحقة (1953 ـ 1997).

وقد بلغ عدد المهاجرين من ايران إلى فلسطين من مايو (أيار) 1948 إلى مايو 1960 نحو 32 الف يهودي.

وهاجر نحو 10 آلاف آخرين الى الولايات المتحدة . وتدل الاحصاءات السكانية الاسرائيلية الصادرة عام 1994 بأن عدد اليهود الايرانيين في اسرائيل يقدر بنحو 7.134 ألف يهودي يشكلون 1.3% من مجموع سكان الدولة العبرية من اليهود. يوجدون عموماً في مناطق: القدس، بيت شيمش، حيفا، تل ابيب، بئر السبع. وفي الجانب المتعلق بتمثيلهم في اجهزة الدولة فهم يعانون بشكل عام من التمييز بالمقارنة مع اليهود الغربيين على الرغم من وصول موشي كتساب إلى رئاسة الدولة وهو يهودي من اصول ايرانية.

في الفصل الثالث يناقش الكاتب العلاقات المشتركة بين ايران وفلسطين التي تعود إلى اواخر القرن التاسع عشر عندما اوجدت ايران ممثلية لها في فلسطين تهتم بالشؤون الاقتصادية والتجارية. فمرت هذه العلاقات بثلاث مراحل:

1 ـ المرحلة الأولى وتمتد بين اعوام (1897 ـ 1947)، حيث تبلورت بدايات الاهتمام الايراني بفلسطين.

2 ـ المرحلة الثانية تمتد بين اعوام (1948 ـ 1978)، وشهدت انحسار الاهتمام الرسمي الايراني مع وجود الحكم الشاهنشاهي.

3 ـ المرحلة الثالثة وتبدأ بسقوط نظام الشاه والاعلان عن قيام الجمهورية الاسلامية وحدوث الانقلاب الجذري في الموقف الرسمي الايراني لجهة دعم واسناد قضية فلسطين.

في الفصل الرابع والاخير يناقش الكاتب كيوان ملف العلاقات الاسرائيلية ـ الايرانية منذ قيام اسرائيل عام 1948. فقد اعترفت ايران باسرائيل وبررته آنذاك بأنه «اعتراف امر واقع» وليس اعترافاً رسمياً، إلا ان هذا الاعتراف سقط في عهد حكومة مصدق. وعادت العلاقات مرة جديدة بقوة وبدفع اكبر بعد سقوط حكومة مصدق وشهدت تطوراً ملحوظاً شمل العلاقات الاقتصادية والتجارية والامنية والعسكرية. وطغى الجانب الاخير على العلاقات المشتركة إلى درجة ان جميع رؤساء الاركان للجيش الاسرائيلي زاروا طهران قبل قيام الثورة الاسلامية ما عدا الجنرال حاييم بارليف.

اسم الكتاب: اليهود في ايران المؤلف: مأمون كيوان دار النشر: بيسان/ بيروت تاريخ النشر: مايو (أيار) 2000 عدد الصفحات: 160 صفحة من القطع الوسط