الأمثال العربية في مخطوطات نادرة

«الأمثال والاستشهادات» من كتب الثعالبي التي لا تزال مخطوطة

TT

هي حكمة العرب في الجاهلية والاسلام وبها كانت تعارض كلامها، فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق، بكناية غير تصريح، فيجتمع لها بذلك ثلاث خلال:

ايجاز اللفظ، واصابة المعنى، وحسن التشبيه.

والمثل يكون نثرا تارة وذلك اكثره، وقد يكون نظما.

قال طرفة بن العبد:

ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا ويأتيك بالاخبار من لم تزود ـ قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ان معناه من كلام النبوة.

ـ وبعد شروق الاسلام ترك العرب كثيرا من امثال جاهليتهم، التي تتعارض مع تعاليم الدين الحنيف، كالامثال التي تمجد الاصنام ـ مثلا ـ واشتمل القرآن الكريم على ثلاثة واربعين مثلا.

وقد بدأ تدوين الامثال في مطلع العهد الاموي مع بداية تدوين العلوم الاسلامية والشعر والنثر.

ومن اوائل المؤلفين في الامثال:

1 ـ صحار العبدي (ت 40 هـ).

2 ـ علاقة بن كريم ـ او كرشم ـ الكلابي ـ (كان حيا قبل سنة 64 هـ).

3 ـ عبيد بن شريه الجرهمي ـ (67 هـ).

4 ـ الشرقي بن قضامي (150هـ).

لكن هذه المؤلفات لم تصل الينا، بل وصلت الينا منها اقتباسات في كتب الامثال التي الفت لاحقا.

اما اقدم المؤلفات التي وصلت الينا في الامثال فهي:

1 ـ امثال العرب للمفضل بن محمد الضبي (ت 170 هـ) .

طبع بتحقيق د. احسان عباس (بيروت 1401هـ ـ 1981م).

2 ـ الامثال لمؤرج بن عمرو السدوسي (204هـ).

طبع بتحقيق د. احمد بن محمد الضبيب ـ الرياض 1390هـ ـ 1970م.

وطبع ثانية بتحقيق د. رمضان عبد التواب ـ القاهرة 1391هـ ـ 1971م.

3 ـ الامثال للقاسم بن سلام (224هـ).

نشر بعناية د. عبد المجيد قطامش (دمشق 1400 هـ ـ 1980م).

4 ـ الامثال لابي عكرمة الضبي (250هـ).

نشر بعناية د. رمضان عبد التواب (دمشق 1394هـ ـ 1974م).

5 ـ الفاخر للمفضل بن سلمة (291 هـ).

ظهر بعناية عبد العليم الطحاوي (القاهرة 1380هـ ـ 1960م).

كانت امثال العرب في الجاهلية وصدر الاسلام فصيحة سليمة من كل لحن، وبعد الفتح الاسلامي والاختلاط بالاعاجم فشا اللحن واهمل الاعراب وابتعد العرب عن لغتهم الفصيحة فبرزت امثال المولدين.

وعهد المولدين بدأ بعصر الشاعر العباسي بشار بن برد.

ومن مميزات هذه الامثال انها لا تختص بقطر وانما تخص الوطن العربي كله وبذلك فهي تشبه الامثال الفصيحة.

والفت عدة كتب في هذه الامثال فقد معظمها ووصل الينا منها:

ـ الامثال المولدة لابي بكر الخوارزمي (383 هـ).

وقد نشر هذا الكتاب المهم بتحقيق د. محمد حسين الاعرجي (الجزائر ـ 1993هـ).

اما امثال العامة فقد ذكر العميد المتقاعد عبد الرحمن التكريتي (1987م)، ان القاسم بن عبيد اول من ضمن كتابه بعضها، حيث ضم 63 مثلا عاميا.

وممن عني بأمثال العامة:

ابو حيان التوحيدي (414 هـ) والوزير الآبي (421هـ) والراغب الاصبهاني (نحو402 هـ) والطالقاني (421 هـ).

والفت عدة كتب في هذه الامثال وصل الينا منها:

ـ رسالة الامثال البغدادية التي تجري بين العامة لعلي بن المفضل الطالقاني.

وصلت الينا نسخة مخطوطة محفوظة في احدى مكتبات اسطنبول وقد تولى نشرها المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون (1962) وتم النشر في القاهرة (1913) ثم حققها عبد الرحمن التكريي ونشرت في بغداد ـ عام 1990.

الثعالبي والامثال:

يأتي ابو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل الثعالبي النيسابوري (960 ـ 1038م) في مقدمة العلماء المعنيين بالامثال فصيحها ومولدها وعاميها ويبدو انه اراد مواصلة مسيرة شيخه ابي بكر الخوارزمي.

ويعد الثعالبي من اغزر مؤلفي القرن الخامس الهجري فآثاره تبلغ نحو مائة عنوان وصل الينا منها نحو ثلثها. واشهر مؤلفاته كتابه السائر «يتيمة الدهر في محاسن اهل العصر» وهذا الكتاب يعد سجلا للادب العربي في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي). ولو اطلعنا على آثار الثعالبي لوجدناها تحفل بالامثال والكنايات. على انه يمكن القول ان اكثر كتبه عناية بالامثال هي:

1 ـ الامثال والاستشهادات (مخطوط).

2 ـ التمثيل والمحاضرة (مطبوع).

3 ـ ثمار القلوب في المضاف والمنسوب (مطبوع).

4 ـ خاص الخاص (مطبوع).

الأمثال والاستشهادات.

الأمثال والاستشهادات من الكتب الثعالبية التي لا تزال مخطوطة، منها نسخة نادرة في مكتبة آيا صوفيا باسطنبول رقمها 6824 وتقع في احدى وخمسين ورقة نسخها محمد بن عمر بن احمد سنة 523هـ، اي بعد اقل من قرن واحد على وفاة المؤلف. وبذلك فانها تعد من اقدم ما وصل الينا من آثار الثعالبي في قدم النسخ.

جاء في مقدمة الكتاب:

ان من خير الاقوال الامثال التي تجمع الاصابة والايجاز وخيرهما ما وافقت معانيه الفاظ القرآن الذي هو احسن الكلام واشرفه واعلاه وافضله.

وقد اودعت في كتابي هذا من اماثل الامثال واحاسن الاقوال ما اخرجته في ثلاثة اقسام.

القسم الأول:

في ما يتمثل به من الفاظ القرآن وما جاء في معانيها من الخبر واماثل العرب والعجم وما يقاربها من كلام الخاصة والعامة.

القسم الثاني:

في امثال طبقات الناس وذوي المراتب المتباينة والصناعات المختلفة وما قيل فيهم وذكر مالهم وعليهم.

القسم الثالث:

في المختار والمنتخب من غرر الامثال التي جاءت على افعل من كذا.. ولم يتضمنها كتاب «ابي عبد الله حمزة بن الحسن الاصبهاني» المؤلف فيها.

ثم قسم هذه الاقسام الى ثلاثة فصول اشتمل الاخير على ما جمعه واخترعه المؤلف، وعمد الثعالبي الى الفصول فقسمها الى ابواب صغيرة تبدأ باقتباس آية من القرآن الكريم ثم حديث شريف او اثر، بعد هذا يقدم احد امثال العرب فالعجم ثم احد امثال العامة فالخاصة وقد يقدم حكمة او بيت شعر وما اشبه.

وتأتي اهمية هذا المخطوط في احتفاظه بمجموعة طيبة من امثال العامة والخاصة والعجم وامثال بغداد التي كان يتداولها البغاددة في العصر العباسي. واضافة الى هذا ينفرد بايراد ابيات شعرية تخلو منها الدواوين، التي جمعت في عصرنا لعدد من الشعراء القدامى. ولتوضيح اسلوب الثعالبي في كتابه هذا نقدم احد ابوابه القصار كنموذج، آملين ان يرى هذا الكتاب المهم النور في اقرب وقت.

باب في الاستعداد للأمر قبل نزوله:

ـ القرآن «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة».

ـ العرب: قبل الرمي يراش السهم.

ـ سابق البربري.

وقبل نزول الحرب تملا الكنائن.

ـ غيره.

دمث لجنبيك قبل النوم مضطجعا.

ـ شعر:

من لم يسمّن جوادا كان يركبه في الخصب قام به في الجدب مهزولا ـ العامة: صانع الطبيب قبل ان تمرض.

ايضا: اذا عجز الحمار في سفح الجبل لم ينقل الحمل الى اعلاه.

ـ مؤلف الكتاب: امهد لنفسك قبل عثرة قدمك وكثرة ندمك.

ـ له: تزود لمآبك قبل ان تصير لما بك.

وختاما لا بد من التأكيد ان هذا المخطوط لا صلة له بكتاب «الامثال» المنسوب الى الثعالبي والمطبوع في القاهرة سنة 1327هـ، فلقد ثبت ان الكتاب المطبوع هو «الفرائد والقلائد» لمؤلفه ابي الحسين محمد بن الحسن بن احمد الاهوازي وهو مؤلف معاصر للثعالبي. وذكر الخطيب البغدادي انه الاهوازي الذي توفي سنة 428 هـ (تاريخ بعداد : 218).

=