أنماط اللغة العربية بالكومبيوتر

الدكتور رضوان القضماني لـ«الشرق الأوسط»: توصلت إلى أنماط تنغيمية للخطاب العربي لم يسبقني اليها أحد

TT

بدأ باحث اللغويات السوري والاستاذ في جامعة حمص الدكتور رضوان القضماني في جامعة القاهرة مشروعاً يبحث من خلاله في علم اللغة العربية وصوتياتها، معتمداً على تحديد أنماط الكلام والجملة العربية بهدف اخراج أنماط تنغيمية تواكب النمط النحوي بنمط تنغيمي صوتي مقابل له. ويعتبر هذا المشروع امتداداً لعمله في تدريس مادة علم اللغة العام والصوتيات اللغوية ونظرية الأدب في الجامعة السورية، بالاضافة الى مؤلفاته في هذا المجال ومنها «وقفات مع علم اللسان»، و«مدخل الى اللسانيات»، و«في نظرية الأدب»، وله في النقد الأدبي عدة دراسات. حول بحثه في صوتيات اللغة العربية كان هذا الحوار:

* ما الذي دفعك لاجراء هذا البحث العلمي؟

ـ هناك جانب في الصوتيات اللغوية العربية غير مدروس على الاطلاق، ولم يتم بحثه مخبرياً او تجريبياً، وقد اكتفى كل الباحثين بالاشارة اليه فقط ومن هؤلاء الدكتور كمال بشر وابراهيم أنيس واحمد مختار وعبد الرحمن أيوب وميشال زكريا، وقد بقيت دراسة هذا الجانب غائبة رغم وجود اشارات له في التراث النقدي القديم، دون التصريح به، فهو مصطلح لم تعرفه الدراسات العربية قديماً انما ورد الحديث عنه تحت مسميات اخرى، حيث اهتم بالبحث فيه ابن جني وابن سينا وعبد القاهر الجرجاني وبعض علماء التجويد والقراءات.

* على ماذا ينصب بحثك بالضبط؟

ـ على بنية الجملة العربية والخطاب العربي التنغيمي، لأن كل جملة لها نغمة خاصة بها تشير الى دلالتها وتشكل مفتاحاً لفهمها وربما تحدد معناها تماماً، وهناك مثلا جملة «جاء احمد» يمكن ان تحمل اكثر من معنى وهي معانٍ تتوقف على طريقة النطق وتنغيم الكلمات، فلا يوجد فرق بين الجملة وكتابتها في الصيغة الاستفهامية او الخبرية لكن الفرق فقط يوجد في التنغيم الذي يشير بوضوح الى الدلالة المقصودة منها.

* ما الذي تطمح اليه من اجراء هذا البحث؟

ـ أحاول تحديد أنماط الكلام والجملة العربية بهدف استخراج انماط تنغيمية لها تواكب النمط النحوي بنمط تنغيمي صوتي، فمثلا لو نظرنا الى الآية الكريمة «أتعبدون ما تنحتون» لوجدنا ان بنيتها التنغيمية يمكن ان تحمل دلالة استفهامية لو قيلت بشكل معين، ويمكن ان تحمل دلالة استنكارية توبيخية. من هنا ابحث وأحاول تحديد الأنماط الباقية والتي تتركز في التهويل والنداء والدعاء والالتماس والاهانة والاغراء والطلب والتعجب وغيرها، وانا انشد ذلك باللجوء الى المختبر، وقد كان الباحثون يلجأون الى اجهزة قديمة في النصف الأول من هذا القرن الى ان ظهر الكومبيوتر واتجهوا الى رسم هذه الأنماط التنغيمية باستخدام اجهزة الانتوجراف، التي تقوم برسم النغمة مترافقة مع ذبذبات العبارة الصوتية وشدة الصوت.

* هل يساعدك احد من الباحثين المصريين؟

ـ هناك باحثان مهندسان يساهمان معي من قسم البرمجيات هما احمد هشام قنديل واحمد البيلي، كما ان الدكتور محمود فهمي حجازي يتعاون مباشرة معي، اما دوري فهو تحليل معطيات الحاسوب، وقد توصلت الى انماط تنغيمية للخطاب العربي لم يسبقني احد من الباحثين اليها وهو ما يدعوني للفخر، وهو انجاز جاء متأخراً طويلا وهو مفيد في اكثر من جانب، الأول ان منظومة اي لغة من اللغات يجب ان تدرس وتحدد حفاظاً عليها وحتى نتمكن من تطويرها، والثاني تطبيقي ويخص كل فنون الالقاء التي تعتمد على النغم وفنون الخطاب الشفوي، فاذا ادرك الناطق بنية اللغة التنغيمية كان أداؤه اكثر تأثيراً، واستطاع ان يحدد وظيفة خطابه التواصلية، اما الجانب الثالث فيفيد في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كما اننا سوف نستطيع دراسة وتحديد علامات الترقيم، والتي لا يمكن دراستها علمياً الا بعد دراسة الأنماط التنغيمية.

* هل ترى ان بحثك يمكن ان يؤطر اللغة العربية ويمنعها من النمو؟

ـ اللغة العربية خصبة وغنية بأنماطها التنغيمية ولا يمكن ان يؤطر النغم الصوتي في اي لغة من اللغات بأنماط ثابتة، وبالعكس انا ارى ان دراسة هذه الأنماط تفتح مجالاً يغني اللغة صوتياً حيث يرتبط كل نمط ببدائل تميز كل واحد عن الآخر وتحافظ على الجانب الفردي فيها.

=