بيوتنا في الخارج!

ميرزا الخويلدي

TT

في السعودية، ثمة برنامج طموح للابتعاث الخارجي يمثل رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، دشنه قبل تسع سنوات وتحديدا في عام 2005 من أجل بناء مجتمع المعرفة وتنمية رأس المال البشري بوصفه الركيزة الأساسية لعجلة التنمية.

هو برنامج طموح لأنه يصنع التغيير، ويعد الرجال الذين يقودون التغيير، والتعليم الحرّ الخلاق الذي ينمي الحسّ الابتكاري، ويطور أداوت الإدراك والفهم بشكل مختلف ونقدي، ويبسط السكة التي تسير فوقها قاطرة التغيير.

اليوم هناك أكثر من 150 ألف طالب مع مرافقيهم يعيشون في بلاد الاغتراب للدراسة وطلب العلم، ومن الطبيعي لمثل هذا العدد من الشباب القادمين من ثقافات ومناخات فكرية واجتماعية مختلفة أن يواجهوا صعوبة في الاندماج في محيطهم، وتنتج أحيانا بعض الإشكالات المتوقعة.

لكن من المناسب هنا، الإشادة بالدور الذي تلعبه وزارة الخارجية السعودية عبر سفاراتها في بلدان الابتعاث. وأهمية هذه الإشادة أنها طورت مفهوم الانتماء، وجعلت عشرات الآلاف من السعوديين المنتشرين في الخارج للدراسة أو للسياحة يشعرون بالطمأنينة وراحة البال، فضلا عن شعورهم بعزة الانتماء لبلد قادر على حفظهم وصيانتهم والدفاع عنهم. وأهمية هذا الكلام أنه شهد حراكا.. فقد كان المسافر السعودي يشعر بأنه أقل شأنا من جاره الخليجي حين يحتاج لرعاية سفارة بلده في الخارج. والحقيقة أن هذا الوضع اختلف كثيرا اليوم، وهذا الحراك عزز الشعور بالانتماء، وأيقظ الهوية الجامعة، وبالتالي فهو يعزز التحام السعوديين في الخارج ويقلل من فرص تشرذمهم ونفوذ الأفكار الضارة بينهم، أو العمل على اختراقهم.. فمثل هذه الآفات لا تنتشر إلا في الجسد الضعيف.

السفير في وزارة الخارجية أسامة نقلي قال في تصريحات صحافية إن «وزارة الخارجية نجحت خلال الأعوام الثلاثة الماضية في حل 180 ألف مشكلة لسعوديين في الخارج قبل وصولها إلى القضاء، إضافة إلى 12 ألف قضية لسعوديين، حُلّ نحو 85 في المائة منها».

اللافت في كلام السفير، قوله: إن الوزارة تستنفر إمكاناتها لتقديم الدعم والخدمات للطلاب المبتعثين «كأحد الواجبات الرئيسة للبعثات، باعتبارها بيوتا للمواطنين في الخارج».

كلام السفير، سبقه بشكل واضح توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، في مجلس الوزراء، بعد إعلان ميزانية العام الماضي (2013). حيث تحدث الملك في مشهد عاطفي عن أهمية مقابلة المواطنين السعوديين «كأنهم أنا»، مخصصا بالذكر وزير الخارجية بأن تقوم السفارات السعودية بخدمة المواطنين «صغيرهم وكبيرهم».

المسافرون اليوم يلحظون مثل هذه العناية، ومعها يشعرون باحترام أكثر لإنسانيتهم، وبعزة بلدهم..