انا عزلة الأعمدة البرقية

قصائد من ليوبولد سنغور

TT

لم يترجم الكثير من قصائد الشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور الذي رحل الخميس الماضي عن 95 عاما، الى اللغة العربية، مع ان اعماله التي تزيد على 30 كتابا ترجم معظمها الى اللغات الحية. هنا بعض القصائد المترجمة لشاعر الزنوجة الافريقية.

* المقتلة

* ها هم منطرحون فوق الدروب الأسيرة

* على طول طريق البلية،

* اشجار الحور المشيقة،

* قامات القادرين المعتمة،

* المتلفعين بمعاطف الذهب الطويلة،

* والأسرى السنغاليون الممدودون

* في صورة غامضة فوق أرض فرنسا.

* عبثاً ضحكتك، عبثا تصبح الزهرةُ

* أكثر سواداً من جلدك،

* فأنت الزهرة الاولى،

* في غياب أية زهرة،

* الزهرة السوداء، ضحكتها المجلجلة

* وماسة الزمن العريق

* أنت الطمي والجبلة لربيع العالم،

* وأنت اللحم والبطن الخصب،

* والحليب لهذا الزوج البدائي.

* أنت النسل المقدس للحدائق الفردوسية المشرقة،

* والغابة الشاسعة/هالكة النار والصاعقة

* غناء دمك الشاسع سيقضي على الشلالات والمدافع

* وكلامك الخافت على الأوهام والأغاليط،

* من دون حقد،

* روحك لا تعرف الحقد من دون حيلة،

* روحك لا تعرف الحيلة.. أيها الشهداء السود،

* أيها النسل الخالد دعوني أقول كلام الغفران

* ضباب

* الضباب يخيفني!

* وهذه المناراتُ

* عيون مولولة

* لمرأى وحوش

* منزلقة على الصمت،

* هذه الأشباح التي تزحف إلى الجدار وتمضي

* أهي ذكرياتي التي تنتظم في صف طويل

* صوب محجتها؟

* ضباب المدينة، الوسخ!

* سخامه البارد وسخ رئتيه اللتين

* أفسدهما الخريف

* ورهط احشائي الجائعة يعوي

* فيما تجيب على أصواتها الشكوى الضعيفة

* لأحلامي المحتضرة

* حديقة فرنسا

* حديقة هادئة

* حديقة ذات عيون كثيرة في المساء

* من أجل الليل

* أحزان وشائعات

* وكل الهموم الضاجة للمدينة

* تصلني منحدرة على السطوح المالسة،

* تصل حتى النافذة المنحنية.

* أياد بيضاء،

* حركات ناعمة،

* حركات مطمئنة

* غير أن نداء الطام ـ طام يثبُ

* فوق القمم والمحيطات.

* من يخفف عن قلبي

* عند سماع الطام ـ طام

* الواثب العنيف الموجع؟

* أنا وحيد

* أنا وحيد في السهل، وفي الليل،

* بصحبة الأشجار المتقلصة من البرد

* التي تشد كوعها إلى جسمها ملتفةً

* بعض على بعضِ.

* أنا وحيد في السهل

* وفي الليل بصحبة حركات الأشجار،

* حركاتِ يأسها المؤثر،

* والتي فارقتها أوراقها إلى جزر مختارة.

* أنا وحيد في السهل وفي الليلِ

* أنا عزلة الأعمدة البرقية

* على طول الطرق الجرداء.

* بلوز

* يجتاحني الضباب

* كما العزلةُ

* اليوم أنا مزمع على الفرار

* أنا كتاب مفتوح

* تتقاطر في مخي الرمادي

* كلمات فارغة

* تتقاطر صفحات شوارع مقفزة

* من دون ملاهٍ

* يا روحي العزيزة تمددي على الديوان الطويل

* والقِ المرساة. انزلي وئيداً صوب القاع،

* نعم، نعم، القِ المرساة.

* من كتاب «انطولوجا الشعر الزنجي الأفريقي» ـ ترجمة شربل داغر