رمزان متنافسان في الأدب البريطاني الحديث

ويل سالف يكره الأدب والأكل والسينما.. وزادي سميث تحب إيطاليا والطبخ والكتابة

TT

«ابتسامات الذئاب»، هي الرواية الاولى للبريطانية زادي سميث، الجامايكية الاصل والبالغة من العمر 25 عاما. وقد احرزت هذه الرواية حال صدورها العام الماضي نجاحا باهرا جعل صاحبتها بين عشية وضحاها رمزا كبيرا للادب الجديد في المملكة المتحدة. وكانت سميث في الواحدة والعشرين من عمرها عندما كتبت روايتها الاولى هذه وهي آنذاك طالبة في جامعة كامبريدج. وقد ارسلت بمخطوط هذه الرواية الى دار «بانجوين» الشهيرة. وفي الحين جاءها الجواب: عقد بملايين الجنيهات الاسترلينية! بالاضافة الى ذلك تمت ترجمة الرواية الى العديد من اللغات واحرزت شهرة عالمية. وتقول زادي سميث: «انا امقت العنف. وحتى هذه الساعة، اعتقد ان حياتي جد هادئة، ابدا لم ينصحني احد ولم يعذبني احد ولم يعتد علي احد.. اما العنصرية، فلم اعرفها اطلاقا، كل هذا يبدو لي جد مهم».

واما الوجه الآخر للادب البريطاني الحديث فهو ويل سالف المولود عام 1961 والذي كتب الى حد هذه الساعة عدة روايات منها: «فكرتي عن اللذة» و«القرود الكبيرة» و«النظرية الكمية للجنون». وعن سنوات المراهقة التي امضاها في شمال لندن هو يقول: «في سن السابعة عشرة اكتشفت الكحول والمخدرات. وكان علي ان امضي سنوات طويلة لكي اخرج من هذا النفق المعتم. وكانت طفولتي جد قاسية. اذ ان والدي لم يكونا سعيدين. وكانا دائما غاضبين لانهما يعتقدان انهما يعيشان في غير الوضع الذي هما يستحقانه عن جدارة. كان والدي استاذا للعلوم السياسية. اما والدتي فقد كانت تعمل في مجال النشر. وهي اميركية من اصل يهودي جاءت الى المملكة المتحدة عام 1950. واعتقد ان زواجها بابي لم يكن زواجا موفقا. لذا كان والداي يفترقان ثم سرعان ما يعود الواحد منهما للآخر».

في روايته الجديدة يروي سالف قصة امرأة اميركية من اصل يهودي تحتضر في أحد المستشفيات. وفي لحظة ما ترى روحها تخرج منها ميتة لتلتقي بأرواح اخوتها الميتين. انه وانني في جحيم لندن باحيائها البائسة والباردة..

زادي سميث وويل سالف وجهان من الادب البريطاني الجديد و«اخوان مستحيلان» كما وصفهما احد الصحافيين. هي تعشق ايطاليا، وطبخها، وعقليتها، وطريقتها في الحياة ذلك انها عاشت هناك بضعة اشهر. اما سالف فيكره الاكل والادب والسينما وكتاب الماضي. وهو يقول «في بريطانيا يعشق الناس كرهي. هم يختارون ما هو جميل ولطيف مثل كتب زادي سميث. وانا قرأت ثلثها ولم اجد فيها ما يروق لي». اما سميث فترى ان الكتابة تتطلب نظاما دقيقا. كما تعتقد ان الرواية لا بد ان تكون مبنية بناء صلبا: «ان نكتب، هذا يعني ان نكون منظمين وقادرين على الابتكار والخلق. ان نكتب لا يعني ان نجلس امام الطاولة لنروي ما حدث لنا خلال اليوم. ان الشكل الحقيقي هو اسلوب حقيقي وفن حقيقي. واذا لم امتلك بناء صلبا في البداية فاني لن اكون قادرة على كتابة سطر واحد. سوف اظل اجلس الى مكتبي كل يوم دون ان افعل شيئا يذكر».

* مواطن عالمي < يعتبر الموسيقار الروسي مستنيسلاف روستروبوفيتش نفسه مواطنا عالميا ويرى ان كل بلد في العالم هو بيته. وهو يقول: «قبل، وتحديدا عندما كنت ادير اوركسترا واشنطن كانت لي منازل كثيرة في اماكن متعددة. اما الآن، فعندي فقط بيت في باريس، وبيت في لوزان، وبيت في سانت بطرسبورغ، وبيت في موسكو وواحد قرب لندن».

وعن بلده روسيا راهنا، يقول: «انها مثلما كانت دائما: فيها اناس رائعون وآخرون سيئون لغاية. ناس يمتلكون مواهب عالية المستوى وآخرون بلا ادنى موهبة. غير اني متفائل بشأن المستقبل ذلك اني اعتقد ان روسيا تسير في الاتجاه الصحيح. ان أروع شيء تم لها هو انها تخلصت من الشيوعية. وكل ما اتمناه هو الا تعود الى الوراء ابدا ابدا».

وفي نفس السياق، يواصل روستروبوفيتش حديثه قائلا: «المزعج هو ان المافيا تنهب كل شيء في روسيا دون ان تكون الحكومة قادرة على السيطرة عليها. وما اظن ان التخصيص حقق نجاحا كبيرا. فقد بيعت المعامل سرا وباثمان بخسة للغاية. والذين اشتروها اصبحوا جدا اثرياء. ومرة حاولت ان اقدم مساعدات لمستشفى متخصص في امراض الاطفال فقال لي مديره انه لا يرغب في الادوية ولا في اي شيء آخر. الشيء الوحيد الذي يريده هو ان امضي له شيكا. معنى ذلك انه يريد وضع المال في جيبه وابقاء المستشفى على حاله. ما انا واثق منه هو ان بوتين ليس لصا وهو لا يستغل نفوذه لذهب الخزينة العامة ولا يحول اموالا للخارج. وبما انه نظيف فان الشيء المطلوب منه هو ملاحقة اللصوص ورجال المافيا. وعندما اقرأ الصحف الروسية التي تصلني، اكتشف ان الناس ينتقدون بوتين بحدة كبيرة. ولكن ما اعتقد انهم على حق دائما. كثيرون منهم لم يتعودوا بعد على الحرية والديمقراطية. ويلزمهم وقت طويل حتى يتوصلوا الى ذلك. اما اهل الادب والفن فوضعهم سيئ للغاية. وما اظن انه سوف يتحسن قريبا.

* للا رومانا

* في السادس والعشرين من شهر يونيو (حزيران) عام 2001، توفيت في بيتها بمدينة ميلانو، الشاعرة والكاتبة الايطالية للا رومانا عقب صراع طويل مع المرض. وقد ولدت للا رومانا في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1906. وهي تنتمي لعائلة مثقفة، إذ ان والدتها هي حفيدة الرياضي الشهير بيانو. اما والدها فقد كان رياضيا هو ايضا وهاويا لفن التصوير والرسم. وعقب تخرجها من جامعة توران، عملت استاذة في المعاهد الثانوية. وحافظت على مهنتها هذه الى ان بلغت سن التقاعد. وخلال سنوات الدراسة في الجامعة، ارتبطت بعلاقة حميمة بالكاتب الايطالي الكبير بافازي الذي ساعدها على نشر محاولاتها الادبية الاولى.

وفي عام 1941، اصدرت مجموعتها الشعرية الاولى. وبعد ان نقلت الى الايطالية: «ثلاث حكايات» لجوستاف فلوبير، لمست اهمية الادب في علاقته مع العالم، وهكذا اصبحت صلتها بالكتابة اكثر قوة من اي قبل. وفي هذه الفترة ارتبطت بعلاقات وثيقة بكبار الكتاب في عصرها مثل ماريو سولداتي وناتاليا جانسبورج والزا موراتني. وخلال الخمسينات اصدرت العديد من الكتب بينها كتاب خصصته لحياة خادمتها ماريا وآخر لطفولتها وثالث لابنها الذي نالت بسببه جائزة ادبية رفيعة.

وخلال العقود الاخيرة من حياتها، اصدرت للا رومانا العديد من الكتب حول رحلاتها عبر العالم. وكانت دائمة الشكوى من الشيخوخة وامراضها ومتاعبها. وقد كتب عنها احد النقاد يقول: «في اعمالها، تبدو للا رومانا حريصة على فهم نفسها من خلال آخرين عرفتهم واحبتهم. ان هدف الادب بالنسبة لها هو تطويق لغز المحيطين بها والمحافظة عليه مع تعميقه في نفس الوقت».