أحفاد شهرزاد يلتقون حول الرواية قرب «مغارة سيرفنتس»

ملتقى دولي ومسرحية مع معرض للكتب على شرف الحكايات في الجزائر

مشهد من استعراض «أحفاد ألف ليلة وليلة»
TT

أقيمت أخيراً في مبنى «المكتبة الوطنية الجزائرية»، غير بعيد عن «مغارة سيرفنتس» التي أسر فيها أشهر روائي في العصر الحديث، ومبدع شخصية «دون كيخوتا» لمدة خمس سنوات - زمن الوجود التركي نهاية القرن السادس عشر - احتفالية خاصة بالرواية هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر المستقلة. تمثلت الاحتفالية في ملتقى دولي ناقش أثر الترجمة من وإلى العربية في تطور الرواية، إضافة إلى معرض خاص بالرواية العربية والمترجمة، وعرض مسرحي عنوانه «أحفاد ألف ليلة وليلة»، تضمن حوارات طريفة بين شخصيات معروفة في تاريخ الرواية العربية.

* احتفالية

* ضمن الاحتفالية الخاصة بالرواية، تم عرض «أحفاد ألف ليلة وليلة»، الذي تحركت فيه شخصيات غريبة متمثلة في كاتب روائي، وضابط شرطة وهو دكتور في الأدب العربي، إضافة إلى «غواية» وهي شخصية روائية، وبعض «الكائنات الحبرية» الأخرى. المسرحية عن فكرة للروائي أمين الزاوي، واقتباس وإخراج الشاعر ناصر خلاّف، والقصة للمغربي الحسن علاج. لكن الشاعر ناصر خلاف ينوه إلى أنه لم يأخذ من تلك القصة إلا ما يقارب نسبة 10%، والأمانة العلمية والتاريخية فقط جعلته ينوّه باسم الكاتب الأصلي للنص. وفي أحد مقاطع العرض يصيح الروائي قائلا: «هنا سجن»، فيجيبه الرقيب: «وهناك سجن»، فيرد الروائي: «هدف الكتابة هو تحطيم أبنية هذه السجون والأسوار وإلا فما الداعي إليها». فيرد الرقيب بدوره: «احذر.. إن كلامك هذا يمس بالأمن». فالروائي تستدعيه الشرطة ويستنطق بتهمة خطف فتاة. ومن هنا تبدأ مأساة الروائي ويبدأ العرض الذي نقرأ فيه الكثير من التجارب الروائية العربية من مختلف البلدان ومختلف الأجيال. والمخرج ناصر خلاّف يؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الفكرة التي ولدت مع التفكير في ملتقى الرواية العربية المنعقد أخيرا بالجزائر، تجسدت بعرض اعتمد على الجانب الطقسي والرمزي، بجرأة واضحة من خلال علاقة الروائي بالرقيب في مختلف الأقطار العربية. ثم أن كل الأحداث قد وقعت في مخيلة الروائي والشخصيات حبرية ورقية لا علاقة لها بالواقع. والعرض الذي تناول عناوين الكثير من الروايات الجزائرية والعربية، جسده على الخشبة، نخبة من الفنانين المسرحيين الجزائريين، هم سفيان عطية في دور الروائي، وطبال زرزور في دور الرقيب، إضافة إلى جازية بومالي في دور شخصية «غواية» وفنانين آخرين. أما السينوغرافيا فكانت من إعداد الفنان شراد ناجم، ومساعد المخرج هو عمر هاين. وإضافة إلى عرض «أحفاد ألف ليلة وليلة»، اشتملت الاحتفالية على ملتقى دولي للرواية. وكانت أبرز ندوة في هذا الإطار، تلك التي شارك فيها المترجمان من اللغة الروسية: الجزائري عبد العزيز بوباكير، والسوري ثائر زين الدين. وقد تناول الثاني مسألة الترجمة الحرفية ومحاذيرها من اللغة الروسية، أما بوباكير فقد تناول قضية شائكة حول ترجمة الأدب الجزائري المعاصر المكتوب بالعربية والفرنسية إلى اللغة الروسية زمن الاتحاد السوفياتي، وكيف أن الحرب الباردة والصراع الإيديولوجي ساهما في نقل الكثير من التجارب الأدبية الجزائرية إلى اللغة الروسية واللغات المحلية لجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وكيف أن تلك الترجمات توقفت فجأة مع سقوط المعسكر الاشتراكي، مع طرح السؤال: ماذا قدمت تلك الترجمات، وماذا بقي منها الآن؟ وكان النقاش حادا داخل القاعة، بين مختلف المهتمين بالموضوع أكاديمياً وإيديولوجياً. والملتقى دعي إليه الكثير من الكتّاب والمترجمين من دول عربية وغربية. وبينما كانت ندوات ملتقى الرواية تدور في الطابق الثاني، للمكتبة الوطنية شهد الطابق الأرضي، معرضاً للكتاب غير مسبوق، وهو مخصص للكتب الروائية. وحسب أحد منظمي ذلك المعرض، وهو الناشر السوري صافي علاء الدين، فقد ضم قرابة ثلاثة آلاف عنوان روائي، تم عرضها بالاشتراك مع ثمانين دار نشر عربية. وقد اشتمل على روايات عربية وأخرى مترجمة من لغات عالمية إلى اللغة العربية. وحسب المتحدث نفسه فإن المعرض شهد توافداً مهماً للجمهور الجزائري، لكن ما عيب عليه هو قصر فترة العرض، التي لم تمكن الكثيرين من الاطلاع على ما تحتويه الرفوف من روايات تعرض لأول مرة في الجزائر. ثم أن الكثير من المهتمين بالرواية العربية والرواية المترجمة لم يسمعوا بالمعرض إلا متأخرين. ويأمل الكثير أن تعاد التجربة لمدة أطول، وبكمية أكبر من العناوين الروائية.

الاحتفالية الروائية جاءت في بداية سنة جديدة، وكانت مقررة ضمن تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية التي اختتمت في الأسبوع الثاني من السنة الجديدة مثلما بدأت في الأسبوع الثاني من السنة المنصرمة.

ويأمل المهتمون بالفن الروائي أن تبقى تلك الاحتفالية الخاصة بهذا الفن متواصلة سنة بعد أخرى، خدمة للرواية في الجزائر.