شهادات لبنانية عن الملك عبد الله بن عبد العزيز

شارك فيها السنيورة وبري والجميل والحص وقبلان وقباني وحسن وتويني

TT

قناعات الملك عبد الله تتميز بالأصالة.. وبالعروبة كهوية رابطة جامعة تزخر بالتعدد والتنوع والانفتاح على الثقافات الأخرى.. وليس بالعروبية الصنمية الجامدة.. وبالاعتدال في مواجهة الغلو.. فالاعتدال ليس قدرا بل خيارا

هذا الكتاب الذي قام بإعداده وتوثيقه وتنفيذه رئيس تحرير مجلة تاريخ العرب والعالم، فاروق البربير، يعرض بعض منجزات الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي حققت المملكة في عهده، منجزات مهمة في مختلف الجوانب التعليمية والاقتصادية والزراعية والصناعية والثقافية والعمرانية، متبعاً سياسة الاعتدال والاتزان والحكمة وبعد النظر على الصعد كافة ومنها الصعيد الخارجي في ظل نظرة متوازنة مع مقتضيات العصر وظروف المجتمع الدولي وأسس العلاقات الدولية، منطلقاً من القاعدة الأساس التي أرساها المؤسس الملك عبد العزيز، وهي العقيدة الإسلامية الصحيحة. فقد أسهم الملك عبد الله في إرساء دعائم العمل السياسي الخليجي والعربي والإسلامي المعاصر، وصياغة تصوراته والتخطيط لمستقبله. وتمكن من تعزيز دور المملكة إقليمياً ودولياً فأصبح للمملكة حضور أعمق في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العالمي، شكل عنصر دفع قويا للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته، ولهذا السبب نال تقدير وإشادة دول العالم، خصوصاً لعنايته بالبعد الإنساني والتقارب بين الثقافات والصداقة بين الشعوب، ولسعيه الحثيث لتوطيد الاستقرار والأمن والسلام والتنمية في المنطقة والعالم.

على الصعيد الداخلي، يوضح عبد العزيز خوجة، سفير المملكة لدى لبنان، في مشاركة له في الكتاب، أن الملك تبنى، بانطلاقة جديدة، خطّة التنمية التي أعدّت وفق منظور استراتيجي يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة. ويأتي في أولويات هذه الخطّة المحافظة على القيم الإسلامية وتعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي، ورفع مستوى المعيشة، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، وتطوير منظومة العلوم والتقنية، ودعم وتشجيع البحث العلمي، وحماية البيئة، فتجاوزت المملكة في ظل عهده الميمون في مجال التنمية السقف الذي حدده «إعلان الألفية، للأمم المتحدة عام 2000».

ويتفق المشاركون في شهاداتهم في هذا الكتاب، على أن قضايا الأمة العربية والإسلامية، لقيت النصيب الأكبر من اهتمام خادم الحرمين الشريفين، حتّى أصبحت مدينة الرياض بيت العرب. ففي مؤتمر القمّة العربية الذي انعقد في الرياض في 28 و 29 مارس (آذار) 2007، حرص الملك عبد الله على التئام شمل العرب، وأكّد على ضرورة العمل الجاد لتحصين الهوية العربية ومرتكزاتها وترسيخ الانتماء إليها، وتطوير العمل العربي المشترك في المجالات التربوية والثقافية والعلمية، ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح، ورفض ازدواجية المعايير وانتقائيتها، وتأكيد أهمية خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل بعيداً عن حق جميع الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية وفقاً للمرجعيات الدولية.

ولأن القضية الفلسطينية هي شغله الشاغل فقد عمل الملك عبد الله على مدّ يد العون والمساعدة للفلسطينيين، وقام بزيارات لعواصم الدول المؤثرة في الساحة الدولية، وتابع اتصالاته الدائمة لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة. فجمع في العاصمة المقدسة مكّة المكرمة حركتي فتح وحماس لمنع التدهور في الأراضي المحتلة. وعمل على تفعيل مبادرته التي أطلقها في قمة بيروت وتبناها العرب مُجَدِداً الالتزام العربي بالسلام كخيار استراتيجي.

كذلك الأمر بخصوص القضايا والأزمات التي تشهدها الساحة العربية والمنطقة، فقد وقف الملك عبد الله إلى جانب الشعب اللبناني في العدوان الإسرائيلي في يوليو (تموز) 2006، وكانت المملكة من أكبر المساهمين في مؤتمر باريس (3)، وقدّمت مساعدات للبنان لتحديث بنيته التحتية والإنمائية بلغت مليارات الدولارات. وهو يعمل على تدعيم وحدة العراق وخلاصه مما يمر به من عنف واقتتال مذهبي وطائفي، كما رعى المصالحة بين السودان وتشاد، واستثمر علاقاته الدولية للعمل على إنهاء النزاع في إقليم دارفور في السودان. ولم يقتصر دوره على المنطقة، بل توّجته أعماله الإنسانية «ملك الإنسانية» لمساعدته الأشقاء والأصدقاء، وعلاج المرضى، وإغاثة المنكوبين من الكوارث في كل بقاع الأرض.

ويعرض الكتاب الجانب الشخصي لخادم الحرمين الشريفين المولود في مدينة الرياض عام 1924. في عصر كل ما فيه كان يفرض على الإنسان الصبر والاحتمال، وكان من نتيجة ذلك أن كان للانضباط الديني والنفسي والأخلاقي دوره في تكوين شخصيته حضوراً وتأثيراً وتفاعلاً، قولاً وفعلاً، وميلاً إلى البساطة في العيش. وهذه الخصائص الذاتية أهلته لأن يتحمّل الدور الكبير في عدد من الأمور التي أوكلها إليه والده الملك عبد العزيز، الذي يعتبره معلمه الأول وهو الذي أثّر فيه تأثيراً جلياً في مجالات الحكم والسياسة والإدارة والقيادة.

وحين تسلّم رئاسة الحرس الوطني، كان له الدور الفاعل في تطوير وتحديث هذه المؤسسة العسكرية. وفي 13/6/1982 صدر أمر ملكي بتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني، وولياً للعهد، وفي يوم 1/8/2005 بويع ملكاً للمملكة العربية السعودية.

ويكشف عبد الرحمن الطاسان، رئيس الشؤون الخاصة لخادم الحرمين الشريفين، الجانب الآخر من حياة الملك عبد الله، فيرى أنه لا يمكن الفصل بين صفاته العملية والشخصية، فكل واحدة منها هي امتداد للأخرى. وهذا ما يميزه فهو إنسان صادق مع الله يضع مخافة الله أمامه في الأمور كلّها، وصادق مع نفسه التي يحملها دائماً على التوكل على الله، وعلى النزاهة والعدل، وحبِّ الخير، والإخلاص في العمل، والإحساس بالمسؤولية لما يخدم دينه ووطنه وأمته. وهو رجل فارس وشجاع بمواقفه، بسيط بتواضعه وقربه من الناس، وكرهه للبذخ وحبه للوسطية والاعتدال. هذه الصفات أجبرت الجميع على احترامه والاتفاق على حبّه، حتّى زعماء الدول عندما يتباحث معهم يخرجون من مقابلته وهم يحملون له الحب والإعجاب. هذه الصفات لم تتبدل أو تتغيّر بعد توليه مقاليد الحكم، فهو نفسه، إنساناً ومواطناً وأميراً وملكاً.

ويعود الرئيس نبيه برّي في شهادته إلى ثلاثين سنة خلت حين أصرّ الأمير عبد الله (آنذاك) على أن يؤم الإمام موسى الصدر المصلين وهو يؤدي العمرة، وأن يخاطبهم حول قضايا العالم الإسلامي المعاصر وحول قضايا الإنسان. ويرى الرئيس بري، الذي التقى بخادم الحرمين الشريفين أميراً وولياً للعهد وقائداً للحرس الوطني وملكاً، أنَّه في كل مرّة كان يجده أشد تمسكا مما سبق بوحدة كلمة المسلمين، وأشد انحيازاً لسلام لبنان واستقراره وازدهاره.

أما الرئيس فؤاد السنيورة فيرى في الملك عبد الله شخصية مستقيمة تتوافر لها وفيها صفات الزعامة والقيادة، تؤثر الصدق والصراحة، كما تؤثر الفعل على الكلام. فهو المؤلف بكل المعاني للأوضاع العربية والإسلامية. وهو في طليعة «المعارضة» للسائد والخامل والانقسامي في الواقع العربي.

ويشارك الرئيس أمين الجميل الآخرين بتعداد مزايا الملك عبد الله وينوّه بكلمته في قمة الرياض التي جاء فيها: «إن القوى الخارجية لا يجب أن ترسم مستقبل الدول العربية، وأول خطوة على الطريق هي في أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا وببعضنا بعضا».

ويعود الرئيس سليم الحص إلى الوقت الذي بلغ فيه التأزم في لبنان أوجه بعد صدور القرار الدولي 1559 والتمديد للرئيس لحود واغتيال الرئيس الحريري، وبات كل ذلك ينذر بعواقب وخيمة، فيروي كيف استنجد بخادم الحرمين الشريفين لأنه على يقين من صفاء الرجل عربياً وإسلامياً، ولأنه يرى أن المملكة هي الأجدر بدور الموفِّق بين اللبنانيين لأنها الدولة الوحيدة التي لا تستثير في تدخلها تحفظات أو حساسيات. وقد كان تجاوب العاهل السعودي كاملاً، ويؤكد الحص أن اللبنانيين الآن هم بأمس الحاجة إليه وهو لن يخذلهم.

أما مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني فيقول: «تجد في الملك عبد الله قائداً موفقاً من الله، ثاقب النظر، محباً للعلم والتعليم، وهما أساس الإيمان في الدين وفي رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين».

ويقول الشيخ عبد الأمير قبلان، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: «يُعرف الرجال بقيمهم وعطاءاتهم، وتبوؤ مواقع متقدمة من خلال اهتمامهم بالناس، ورعاية شؤونهم، فخادم الحرمين الشريفين تربّع على موقعه هذا، يدفعه حرصه الكبير على أمته ودوره الرائد في محبته وإخلاصه».

أما الشيخ نعيم حسن، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، فيرى في الملك عبد الله فارساً متواضعاً يجسّد أرقى القيم الإنسانية. ويرى وزير الإعلام غازي العريضي ان الملك صاحب رؤية تتميز بالوضوح والشفافية، يتصرّف بحكمة وصبر وعقلانية وشجاعة. لم يترك قضية إلاَّ وتصدّى لها. كان ولا يزال في حركة دائمة، فغدت المملكة محور مؤتمرات وتحركات ولقاءات وأساس قرارات وخطط خليجية وعربية وإسلامية ودولية.

ويقول الوزير خالد قباني: «إن الملك عبد الله حكيم العرب وباعث الأمل في توحيد كلمتهم». والوزير جان أوغاسابيان يرى فيه سياسيا عربيا متقدّما بجرأة على طريق الإصلاح والتضامن.

وفي مشاركات غسان تويني، وعباس خلف، وجورج سكاف، وعمر مسقاوي، وإلياس حنا، وعدنان القصار، ونسيب لحود، ومحمد البعلبكي، وملحم كرم، ومحمد الزعتري، وأمين الداعوق، ومحمد السماك، وهشام الجارودي، وإبراهيم شمس الدين، ووليد عوض، وصلاح سلام، وعرفان نظام الدين، ومحمد مشموشي، اتفاق على أن قناعات الملك عبد الله تتميز بالأصالة تراثاً حضارياً ضارباً جذوره في التاريخ العريق منفتحاً على المستقبل، وبالعروبة كهوية رابطة جامعة تزخر بالتعدد والتنوع والانفتاح على الثقافات الأخرى، وليس بالعروبية الصنمية الجامدة، وبالاعتدال في مواجهة الغلو. فالاعتدال ليس قدراً بل خياراً.