أغنية للشعر

( مقاطع)

TT

ولد أبو القاسم الشابي في بلدة توزر في تونس عام 1901 أرسلته عائلته، وهو لم يبلغ الثانية عشرة، إلى تونس لمتابعة الدراسة الثانوية بجامع الزيتونة، فدرس الفقه والعربيّة، ثم سافر الى القاهرة التي عاش فيها سبع سنوات، عاد بعدها إلى تونس يحمل إجازة الأزهر. عانى من مرض القلب وهو صغير، ورحل عام 1934. من أعماله المطبوعة «أغاني الحياة» و«الخيال الشعري عند العرب» .

أنتَ يا شعرُ، فلذة ٌ من فؤادي

تتغنَّى، وقطعة ُ من وجودي

فيكَ مَا في جوانحي مِنْ حَنينٍ

أبديِّ إلى صَميم الوجودِ

فيكَ مَا في خواطري من بكاءٍ

فيك ما في عواطفي مِنْ نَشيدِ

فيكَ ما في مَشَاعري مِنْ وُجومٍ

لا يغنِّي، ومن سرور عهيدِ

فيكَ ما في عَوَالمي مِنْ ظلامٍ

سرمديّ، ومن صباحٍ وليدِ

فيكَ ما في عَوَالمي من نجومٍ

ضاحكاتٍ خلف الغمام الشرودِ

فيكَ ما في عَوَالمي من ضَبَابِ

وسراب، ويقظة، وهجودِ

فيكَ ما في طفولتي مِنْ سلامٍ،

وابتسامٍ، وغبطة ٍ، وَسُعودِ

فيكَ ما في شبيتي من حنينٍ،

وشجون، وبهجة، وجمودِ

فيك- إن عانق الربيع فؤادي-

تتثنَّى سَنَابلي وَوُرُودي

ويغنى الصّباحُ أنشودة َ الحب،

على مَسْمَعِ الشَّبابِ السَّعيدِ

ثم أجنى في صيْف أحلاميَ

الساحر ما لذَّ من ثمار الخلودِ

فيك يبدو خريفُ نفسي مَلُولاً،

شاحبَ اللون، عاريَ الأملود

فيك يمشي شتاءُ أيَّاميَ الباكي

وتُرغي صَوَاعقي وَرُعُودي

وتجفُّ الزهورُ في قلبيَ الداجي

وَتَهْوي إلى قرارٍ بعيدِ

أنت - يا شعرُ- قصة ٌ عن حَياتي

أنت يا شعرُ صورة ٌ من وجودي

أنت يا شعر-إن فرحتُ-أغاريدي

وإن -غنَّت الكآبة -عودي

أنتَ ما نِلْتُ من كهوفِ الليالي

وتصفَّحتُ من كتاب الخلودِ

فيك ما في الوجودِ من نَغَمٍ،

حُلْوٍ، وما فيه مِن ضَجيجٍ شَديدِ