زيارة السيدة السومرية

( مقاطع)

لوحة للفنانة العراقية عفيفة لعيبي
TT

مرات فى الممشى أتبين خفق حذائك سيدتى

أتبين صوتك ، مرات ، فى ثرثرة الغرف الأخرى

أتبين من لمحاتك شيئا منفلتا فى وجه ممثلة

أو عبرة عجلى . لا أعرف شيئا عن أثوابك

فى حفلات السهرة ، لكنى فى وجهك أقرأ

أنك راغبة أن يجمعنا ، فى المقهى ، ركن منعزل

تتلامس أيدينا فى البدء ونسحبها ، ونقرب

وجها من وجه ، وتروعنا صيحات طيور البحر

وخفق الأجنحة البيضاء ، ويهرب وجهك

منتشرا فى خفق الأجنحة البيضاء

وفى الزبد البحرى الأبيض.

سيدتى عندى فى كل مساء يحتفل الموتى

وطيور البحر الميتة البيضاء،

نقرب وجها من وجه وأرى

عينيك الواسعتين مبللتين

(أتسمع فى الطرق المبتلة

وقع خطى ؟ (لا أسمع شيئا حين نكون معا ،

لكنى حين تدق الساعة دقتها الأولى فى البرج

وتصفر فى أحشاء الليل الريح، أقلب أوراقى

أو أذرع أرض الغرفة، مكتئبا، كالمحكومين المنفردين،

أصيخ السمع: فأسمع خطوتها البيضاء، )

أتخرج باحثة

فى الظلمة عن أحد ؟

(لا أعرف شيئا سيدتى، لكنى أسمع

وقع خطى ، فى البدء بطيئا ، مجهولا يتردد

فى عمق الطرق المجهولة ، مقتربا ، وأصيخ

السمع ، فأسمع وقع خطى تعلو السلم ، تدنو ،

تتوقف، تخفق فى الممشى، تتوقف عند الغرفة ،

أسمع نقرا فوق الباب وأفتحه ،

( هل كنت ترى أحدا ؟)

لا أسمع غير طيور البحر وخفق الأجنحة البيضاء

ويغمرنى الزبد البحرى الأبيض ، لكنى حين

تركت القاعة فى الحفل السنوى الراقص عند

الفجر ، ولم أجد المفتاح ، سمعت خطى ..

كانت فى غرفتى الغسقية واجمة، تخطو

كالمحكومين المنفردين ، متوّجة ، فى زينتها الملكية،

هل قالت شيئا ؟

(هذا آخر يوم

أخرج فيه

من أعماق المدن المطمورة،

لا تدن منى ،

لن تدركنى،

فى الفجر أعود دخانا أبيض).