رودنسون يجيب عن السؤال الصعب: ماذا تبقى من الماركسية؟

أحد كبار المستشرقين والمتخصصين بالدراسات الإسلامية في مراجعة لماضيه

TT

يعتبر مكسيم رودنسون، أحد كبار الاختصاصيين في الدراسات العربية والإسلامية واللغات السامية. وهو أحد كبار المستشرقين، بالإضافة إلى جاك بيرك، كلود كاهين، روجيه أرنالديز، مونتمغري واط، وسواهم.. وقد ولد في باريس عام 1915، ومات عام 2004 عن عمر يقارب التسعين. وقد أصدر قبيل موته عدة كتب نذكر من بينها «الإسلام: السياسة والعقيدة»، ثم كتاب «من فيثاغورث إلى لينين». مقالات عن الحركات الآيديولوجية، ثم كتاب مقابلات بالتعاون مع الباحث اللبناني جيرار خوري بعنوان: «مكسيم رودنسون ـ بين الإسلام والغرب». وفي هذه الكتابات وسواها يعلن أنه لم يعد ماركسياً بعد أن اعتنق الماركسية طيلة حياته كلها!، صحيح أنه انسحب من الحزب الشيوعي أو بالأحرى طرد منه عام 1958، بسبب مقالاته النقدية وحبه للحرية وكرهه للتأطير الآيديولوجي، لكنه مع ذلك ظل ماركسياً مستقلاً على حد قوله، وذلك حتى عام 1993. بعدئذ أعلن أنه لم يعد ماركسياً على الإطلاق، على الرغم من اعترافه بأهمية ماركس كمفكر وعالم اجتماع، لكنه لم يعد المفكر الوحيد في نظره ولم يعد كافياً. والدليل على ذلك أن ماكس فيبر الذي جاء بعده مباشرة، فتح آفاقا جديدة في علم الاجتماع، وهي آفاق لم تخطر على بال ماركس قط. وهذا دليل على أن الماركسية ليست كل شيء كما زعم أتباعها الذين اتخذوها كدين معصوم، في حين أنها نظرية سوسيولوجية من جملة نظريات أخرى. لكن، هذا لا يعني انه قطع كل علاقة بالماركسية. فقد استمر في التفكير والكتابة حول المشاكل التي شغلته وأقنعته لفترة طويلة، أقصد المشاكل الفكرية التي تخص الماركسية. وقد دعي إلى مؤتمر علمي كبير عن الماركسية كانت «اليونسكو» قد نظمته وأشرفت عليه، لكنه غضب كثيراً لأنهم لم يدعوا صديقه هنري لوفيفر، الفيلسوف الماركسي المعروف، الذي يقول بأنه كان أكثر كفاءة منه بكثير. وقد حضر المؤتمر الفيلسوف المشهور هربرت ماركيوز من جملة آخرين عديدين. ويرى رودنسون انه بعد سقوط جدار برلين وانهيار الشيوعية، أصبح الكثير من الناس يتامى، أقصد الناس الشيوعيين الذين آمنوا بفكر ماركس وتعلقوا بالطوباوية الماركسية، فماذا سيفعلون بأنفسهم بعد الآن؟.

والواقع أن هؤلاء المساكين الذين يشعرون الآن بالهلع الشديد بعد سقوط الشيوعية، كانوا يعتبرون الماركسية بمثابة الدين المنزّل والحقيقة المطلقة. وهذا الشيء هو الذي كان يزعج المستشرق الكبير حتى عندما كان لا يزال عضواً في الحزب الشيوعي وماركسياً من حيث المبدأ. وضرب على ذلك مثلاً أحد أصدقائه الذي كان شيوعياً وأستاذاً في جامعة نانتير. فعندما كان يتحدث معه عن مكانة الماركسية داخل الفلسفة، كان يجيبه: ينبغي أن تتحدث بالأحرى عن مكانة الفلسفة داخل الماركسية!.. ففي رأيه أن الفكر الماركسي يشمل كل شيء، بما فيه الفلسفة. فماركس في جهة والفكر البشري كله في جهة أخرى، وهو أهم منه كله!، بل انه يجبّ ما قبله وما بعده، وهذا هراء بالطبع.. وبهذا المعنى يمكن القول: لحسن الحظ أن الماركسية سقطت.

ويروي رودنسون انه كثيراً ما يتلقى نشرات ودعوات هدفها إعادته إلى الحزب، لكنه لا يرد عليها. فالحزب الشيوعي كغيره يريد أن يضم أكبر عدد من المثقفين إلى صفه لكي يفتخر بهم. وهذا يعني أن المثقف مهم على عكس ما يزعم بعضهم، وأن دور المثقفين لم ينته أبدا.

أفتح هنا قوساً صغيراً وأقول: والدليل على ذلك أن ساركوزي اتصل أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية بالفيلسوف برنار هنري ليفي وقال له متوسلاً: هل رأيت مقالة صديقك غلوكسمان عني في جريدة «اللوموند»؟ أرأيت كيف يمدحني؟ متى أرى مقالتك أنت؟.. وعندئذ حاول الفيلسوف التملص بأي شكل لأنه كان قد اتخذ موقفاً لصالح المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال.. وبالتالي فالمرشحون للرئاسة كانوا يشحذون شهادات المثقفين بهم شحاذة، هذا أقل ما يمكن أن يقال.

لكن لنعد إلى رودنسون وتصوره للماركسية. يقول في بعض كتاباته الأخيرة:

ـ في الواقع إن كلمة الماركسية تستخدم بمعان مختلفة وأحياناً متناقضة. عندما يسألونني، وكثيراً ما يسألونني، هل لا تزال ماركسياً، فإني أجيبهم: وماذا تقصدون بالماركسية؟ كل حركة شيوعية تدعي أنها تمثل الماركسية الصحيحة وبقية الحركات منحرفة أو ضالة. بعضهم يعتقد أن الماركسية الصحيحة هي تلك التي تشتمل على تصورات ماركس وانجلز. ويعتقدون أن هذه التصورات نهائية، لا يمكن تجاوزها، بل وغير قابلة للمراجعة والتصحيح. وكل مَن يحاول نقدها أو إدخال بعض التعديلات عليها يعتبر منحرفاً ضالاً ويفصل من الحزب أو الحركة. لكني أعتقد أن مصطلح الماركسية لا معنى له إلا إذا قصدنا به تلك الحركة التاريخية التي تشمل الأفراد، الأحزاب، الدول، والمنظمات التي تنسب نفسها قليلاً أو كثيراً إلى الماركسية. قلت قليلاً أو كثيراً، لأن لكل شخص تفسيره للماركسية. وأنتم تعلمون تلك النكتة التي قيلت عن ماركس في أواخر أيامه عندما ذهب بعضهم إلى لندن والتقاه وشرح له أفكار الماركسيين الفرنسيين وتحدث له عن نقاشاتهم الحامية وجدالاتهم التي لا تنتهي عنه. فانتفض ماركس غاضباً وقال: «إذا كان الأمر على هذا النحو، فأنا لست ماركسياً»!.. لكني أجد من العبث أن نتحدث عن جرائم الماركسية كما يفعل بعضهم الآن بعد سقوط الشيوعية. فالعقيدة، أي عقيدة، قد تستخدم في طريق الخير وقد تستخدم في طريق الشر، ولا يمكن اعتبارها مسؤولة عن الخطأ إذا ما أسيء فهمها واستخدامها. فمثلاً، لقد استخدم المسيحيون في القرون الوسطى بعض آيات الإنجيل لتبرير أعمال عنف بشعة ومضادة لها تماما. فهل الإنجيل مسؤول عن محاكم التفتيش أو الحروب الصليبية؟ ونفس الشيء يمكن أن نقوله عن الإسلام حالياً، فهل القرآن مسؤول عن بن لادن والتفجيرات الإرهابية كما يتوهم جهلة الغرب ومتطرفوه الحاقدون على كل ما هو عربي ومسلم؟.. الخ. وعندما طرح على رودنسون السؤال التالي: والآن ماذا تبقى من الماركسية؟ أجاب:

ـ تبقى ما أدعوه بعلم الاجتماع الماركسي أو بالسوسيولوجيا الماركسية. وأنا لا أزال مخلصاً لها حتى الآن. وهي مختلفة عن الآيديولوجيا الماركسية والشعارات الطنانة الرنانة.. وقد نشرت دراسة عام 1968 عن هذا الموضوع وقلت فيها: إن السوسيولوجيا الماركسية تنطلق من مبادئ أساسية تعتبر بمثابة بدهيات. وهذه المبادئ فرضت نفسها حتى قبل ماركس على جميع المفكرين الواقعيين في مجال التاريخ والسياسة.

فالمجتمع البشري، أي مجتمع كان، يتأسس على بعض المهام الأساسية التي لولاها لانعدم وجوده أو لاستحالت استمراريته. وهذه المبادئ تقول لنا ما يلي: إن المجتمع، كالفرد، يهتم أولاً بكيفية بقائه أو استمراريته على قيد الحياة: أي تأمين الشروط المادية للعيش. هذه هي أول مهمة من مهامه. إنه يهتم أولاً بتأبيد وجوده المادي أكثر من تأبيد جوهره الروحي. وتأبيد وجوده يعني إنتاج وسائل وجوده المادي وإعادة إنتاجها كلما استهلكها البشر العائشون فيه. لكن الشيء الذي انتهى من ماركس هو الشعارات والرؤى التبسيطية التي كان يستمدها من نزعته النضالية ورؤيته للصراع الاجتماعي، وبالتالي فإني أرفض الفكرة التي تقول بأن الماركسية نظرية شمولية تحتوي على كل شيء وتفسر كل شيء. لكني كمؤرخ أعرف جيداً بأنه توجد حركة ماركسية، أي حركة تولَّدت عن ماركس وعرفت ذلك المصير التاريخي المعروف، وتوزعت إلى عدة أجنحة وفروع.

وأعتقد أن النزعة النضالية أو السياسية لماركس قد أغلقت عقله وجعلته دوغمائياً متعصباً، بل وعرقلت كتابة أعماله النظرية. فماركس كان رجل سياسة وتنظيم بقدر ما كان مفكراً، ينبغي ألا ننسى ذلك. لكن المشكلة هي أن أتباع ماركس يعتقدون بأن كلامه يحتوي على حلول لجميع مشاكل العالم!.. وأحياناً يقرأون كتاباته وكأنها منزَّلة أو معصومة. وهذا اكبر خطأ وقع فيه الماركسيون. ماركس بشر قد يصيب وقد يخطئ، مثله في ذلك مثل ديكارت أو هيغل أو أي مفكر آخر..

ثم سئل: هل هناك من تيار سياسي آخر يمكن أن يواجه الليبرالية أو الرأسمالية التي يبدو أنها تنتصر في كل مكان الآن؟، فأجاب:

ـ لا أعتقد، وأنا شخصياً تعودت على هذا النظام الرأسمالي وتأقلمت معه، إني أعرف أنه توجد فيه تفاوتات اجتماعية كبيرة، لكن إذا ما استبدلنا به أنظمة أخرى ذات تفاوتات وظلم، فإننا لن نحصل على أفضل منه!. فالنظام الرأسمالي الليبرالي قليلاً أو كثيراً، له فضائل وليس كله نقائص وعيوب، لكنه يعاني بالطبع من سلبيات كبيرة، وربما حلّ محله نظام آخر يوماً ما عن طريق الانتفاضة، مَن يعلم؟.

ثم طرح عليه أحدهم هذا السؤال: لننتقل الآن إلى منهجيتك في البحث، ما هي العلوم الأساسية التي تعتمد عليها؟

ـ رودنسون: تركز اهتمامي منذ البداية على العلوم الإنسانية الوصفية، أي تاريخ البشرية والأنتروبولوجيا والإثنولوجيا، وأقصد بذلك دراسة التصرفات الاجتماعية للإنسان، وهي تصرفات تختلف قليلاً أو كثيراً من مجتمع إلى آخر. فقد درست عدة مجتمعات شرقية، عربية وإسلامية،على أساس هذه المناهج. لكني لم أهتم كثيراً بالفلسفة، ولا بعلم النفس أو التحليل النفسي. لم أكن أشعر بميل كبير إلى هذه العلوم، وبالتالي فأنا عالم اجتماعي أو انتروبولوجي أكثر مما أنا فيلسوف أو محلّل نفساني. يضاف إلى ذلك اهتمامي بعلم التاريخ بالطبع، وبخاصة تاريخ الأديان.

ثم هذا السؤال: في دراستك العلمية وفي مقالاتك السياسية عن الشرق الأوسط لا نجدك تركز كثيراً على أهمية العقليات ودورها في عرقلة التطور، ألا تعتقد بأن هناك انسداداً في العقليات لدى العرب والمسلمين؟

ـ رودنسون: العقليات هي خلاصة مشروطيات من أنواع مختلفة. وينبغي تحليل هذه المشروطيات أو الظروف المحيطة. العقليات لا تنتج عن الفراغ، وليست هي العامل الأول أو غير المشروط.

ثم يضيف السائل: كنت أريد أن أسألك عن الفرق الأساسي بين عقلية الغربيين/ وعقلية الشرقيين، ألا تعتقد بأن العقلية الشرقية لا تسمح بانبثاق الفكر النقدي الحر؟

ـ رودنسون: أعتقد ذلك، على الأقل بالنسبة للوقت الراهن، لكن قد تتغير الأمور في ما بعد وتتطور عقلية الشرقيين أيضاً.. عندما يظهر عندكم فلاسفة يتجرأون على نقد العقائد الدينية الراسخة مثلما فعل فولتير أو ديدرو أو بقية فلاسفة التنوير عندنا، فإن الأمور سوف تتحلحل وتتغير حتماً.. لكن هذه مسألة وقت ليس إلاّ..

> لكن لا يبدو أنك تهتم بدور العقليات كثيراً على عكس جاك بيرك، فهل يعود ذلك إلى كونك ماركسياً وكونه خارج الماركسية؟

ـ رودنسون: لا يبدو لي أن دور العقليات هو الحاسم. فالشيء الأساسي والحاسم في التطور الاجتماعي، هو القاعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأوضاع المتناقضة. وكنت قد تحدثت عن ذلك في كتابي «جاذبية الإسلام».. إذا شئت.

> لكن الأعمال التاريخية لـ «مدرسة الحوليات»، تركزت كثيراً على دراسة العقليات. وكان جورج دوبي أحد كبار المتخصصين بهذا الفرع من العلوم. وهذا ما يساعد على فهم الأشياء من الداخل، ألا ترى ذلك؟

ـ رودنسون: لا ريب في أن ذلك ساهم كثيراً في تقدم العلم وفي التحليل الداخلي لوعي المجتمعات الأوروبية. لكنه لم يقدم لنا أشياء كثيرة أو إضاءات كثيرة حول الظروف الخارجية التي تشرط هذا الوعي، ولا حول الطريقة التي يضغط بها على العلاقات الدولية، والقرارات السياسية، والتاريخ.

> لكن هل تكفي دراسة المشروطيات الاقتصادية والسياسية لفهم المجتمع العربي في أواخر القرن الماضي أو لفهم قضايا الإسلام المعاصر؟

ـ رودنسون: بالطبع، فإن دراسة الأسباب الاقتصادية وحدها لا تكفي. أنا متفق معك تمام الاتفاق على ذلك. لكن دراسة الأسباب (أو المشروطيات) الاقتصادية، السياسية، والاجتماعية، لها الأولوية. وإلا، فإننا سنسقط في اللاعقلاني.. كل شيء في العالم مشروط بالظروف المادية والأكل والشرب والإنتاج أولاً.. وبالتالي فعن أي شيء تصدر هذه العقلية إن لم يكن عن الظروف المادية المحيطة بها؟. ينبغي أن تجيء من مكان ما. فالعقليات لا تقف في الفراغ أو لا تولد من اللاشيء. إنها انعكاس للبيئة المحيطة. والشيء الذي تعلمته من الماركسية الكلاسيكية، هو أن الأفكار مرتبطة في نهاية المطاف بالظروف الاجتماعية والاقتصادية. وهذا ما تعلمنا إياه كل الخبرة الطويلة للبشرية. فتصور الفقير الجائع للعالم والمجتمع، ليس هو تصور الغني المترف.. وبالتالي فنحن محكومون بالبيئات التي نشأنا فيها، شئنا أم أبينا. لذلك، فإن عقليتنا تتشكل بناء على هذه المعطيات المادية الأولى..

وأخيراً ماذا يمكن أن نقول عن هذا الحوار الممتع؟.

لا ريب في أن كلام رودنسون صحيح في معظمه. لكن هذا لا يعني بالطبع إهمال ما يدعوه الماركسيون بالبنى الفوقية: أي التربية والتعليم والدين والتقاليد.. الخ. فالعلم في الصغر كالنقش في الحجر. وكل واحد منا نتاج بيئته وظروفه وعائلته وطبقته الاجتماعية، بل وحتى طائفته ومذهبه. فالذي يولد في طائفة الأغلبية غير الذي يولد في طائفة الأقلية، وردود فعله تكون مختلفة بالتالي. والذي يولد في عائلة غنية، غير الذي يولد في عائلة فقيرة معدمة. ولن تكون نقطة الانطلاق واحدة لكلا الطرفين. ولهذا السبب نلاحظ أن أبناء وبنات البورجوازية الفرنسية، هم الذين ينالون الشهادات العليا أكثر من غيرهم، وهم الذين يحتلون المناصب الحساسة في الدولة والمؤسسات الرسمية والشركات الكبرى. وأما نسبة أبناء العمال والفلاحين والطبقات الشعبية، فتظل ضعيفة وأحياناً معدومة، اللهم إلا بالنسبة للمبدعين والعباقرة النجباء.. وقد وصل الأمر بعالم الاجتماع بيير بورديو الى حد القول بأن طبقة نبلاء الدولة حلت محل الطبقة الإقطاعية الارستقراطية التي كانت تحكم فرنسا قبل الثورة إبان العهد الملكي القديم. وهكذا حلت عائلات جديدة محل عائلات قديمة في السيطرة على شؤون البلاد. لكنها لم تعد ارستقراطية الدم والمحتد، إنما ارستقراطية مالية أو مصرفية أو ديبلوماسية وسياسية، بل وحتى جامعية. وراح الحزب الشيوعي يدين الثلاثمائة عائلة من المليارديريين التي تحكم فرنسا. وبالتالي، فما أشبه الليلة بالبارحة!. ولو ان جان جاك روسو نهض من قبره لكتب نصاً أعنف من ذلك الذي كتبه عام 1754 عن أصل الظلم واللامساواة بين البشر، ودشن به زلزال الثورة الفرنسية. ولا يبدو أن ساركوزي سمع باسم روسو حتى الآن. فهو لا يعتز إلا بصداقته للمليارديريين وينسى الشعب الفقير أو الطبقات الدنيا من المجتمع، هذا ناهيك عن أبناء الضواحي من العرب والأفارقة السود الذين يتضورون جوعاً في بلاد حقوق الإنسان والتنوير والثورة الفرنسية. ولهذا السبب، فإن استطلاعات الرأي العام تدل على انهيار شعبيته خلال بضعة أشهر فقط. والسبب هو أن سياسته حتى الآن كانت لصالح الأغنياء والشبعانين ولم تقدم شيئاً يذكر للطبقات الوسطى أو الشعبية: أي لثلاثة أرباع الشعب الفرنسي على الأقل!.