أحمد الهذيل: قدمنا مهرجان مسرح سعودي لأول مرة

مدير عام مهرجان المسرح السعودي: لم أنكر أستاذية محمد العثيم

TT

 اقتحم الفنان احمد الهذيل عالم التمثيل قبل نحو خمسين عاماً، فكان أحد أول ثلاثة ممثلين سعوديين يظهرون على شاشة التلفزيون في مسلسل درامي، وعلى خشبة المسرح كانت أولى مشاركاته بمسرحية «طبيب بالمشعاب»، وتم انتخابه في الرابع من يناير (كانون الثاني) الماضي رئيساً لجمعية المسرحيين السعوديين، وهي الجمعية التي يتكون مجلس ادارتها من عشرة اعضاء بينهم امرأة هي الدكتورة ايمان التونسي.

وبالرغم من الجهد الكبير الذي بذله طيلة أيام المهرجان، إلا أنه دخل في جدل محموم مع المسرحي السعودي الكبير محمد العثيم. فبعد اعتذار العثيم عن تقبل جائزة التكريم في حفل الافتتاح بدعوى أنها تمثل «خطأ بروتوكولياً» كونها صادرة وموقعة من احمد الهذيل، وليس من وزير الثقافة والاعلام، خرجت بعض الصحف بتصريحات لأحمد الهذيل يقول إن محمد العثيم لم يقدم أصلاً ما يستحق التكريم، وهو ما فتح الباب على مصراعيه لجدل كاد يختطف بهجة المهرجان، خاصة أن العثيم ترك بصمة واضحة عبر نصوصه ومسرحياته استفاد منها الفنانون السعوديون.

في الحوار التالي يتحدث الهذيل عن تأثير المهرجان في ترسيخ الحركة المسرحية، وحيثيات الخلاف مع العثيم:

> أين وصلت التجربة المسرحية السعودية ؟

ـ التجربة المسرحية السعودية ليست حديثة، فهي تمتد لما قبل ثمانين عاماً، وإن كان الباحثون غالباً ما يؤرخون لبداية الحركة المسرحية في عهد الراحل أحمد السباعي. لكن خلال الاربعين عاماً الاخيرة كانت التجربة المسرحية السعودية تنضج مع مرور الزمن، من خلال اعمال اجتماعية ذات صبغة جماهيرية، وكان أول عرض مسرحي في العام 1974 أنتجه تلفزيون الرياض وهي مسرحية «طبيب بن مشعاب».

> ماذا أضاف مهرجان المسرح السعودي الرابع للتجربة المسرحية؟

ـ مهرجان المسرح الرابع نستطيع أن نطلق عليه تسمية المهرجان الأول للمسرح السعودي، لأنه يختلف بشكل كامل عما سبقه. ففي السابق كانت المهرجانات تعتمد على عروض مسرحية وتنتهي الاحتفالية، وكانت هناك عروض متعددة في الجامعات وفي مهرجان الجنادية، لكن منظميها هم أنفسهم، وكذلك المهرجانات الثلاثة السابقة التي تبنتها الجامعات السعودية.

بيد أن المهرجان الأخير حظي بتبني وزارة الثقافة والإعلام، الجهة المعنية بالنشاط الثقافي، واعتبرته أحد الأنشطة الثقافية. مهرجان المسرح الرابع أضاف الشيء الكثير عما سبقه، لتجربة المسرح السعودي، لأنه قدم كمهرجان متكامل كبقية المهرجانات الأخرى التي تقدم في الوطن العربي، واشتمل على برنامج حافل من الندوات الفكرية والورش التدريبية. وإلى جانب العروض المسرحية كانت هناك ندوات تحليلية وندوات تطبيقية التي تعقب كل عمل مسرحي يعرض كل مساء.

وما ميز هذا المهرجان أيضاً، استضافة ما يقارب خمسين مسرحياً عربياً من القامات المسرحية المعروفة التي أثرت المهرجان، وكذلك التجربة المحلية للفرق المسرحية، بالإضافة لمدة المهرجان، التي أتاحت لجمهور المسرح الحوار مع بقية الفرق ومع الضيوف.

> لاحظنا أن مستويات العروض المشاركة في المهرجان كانت متفاوتة. لماذا لم توجد لجنة لتقييم هذه العروض قبل تأهيلها للمشاركة؟

ـ الأعمال التي قدمت تباينت مستوياتها، ولكن هذا هو الموجود. تمت تصفية واختيار الأعمال المعروضة، وهذا طبيعي، ففي كل المهرجانات تتفاوت المستويات، ونحن استخلصنا من الموجود ما رأينا انه الأفضل. كنا نتمنى أن تكون هناك لجنة للتقييم، ولكن كل الأشخاص الذين يعتمد عليهم غير موجودين في منطقة الرياض. واللجنة تحتاج إلى وجود مجموعة منتقاة. المعنيون مشاركون في أعمال مسرحية تعرض في المهرجان، ومن الصعب الاستعانة بهم كلجنة تقييم عروض، لأنهم متصلون بأعمال مشاركة، بالإضافة لضغط ميزانية المهرجان.

أنا وزملائي تحملنا مسؤولية الاختيار، ولم تكن عملية الاختيار خاضعة للمزاجية أو للمجاملة والعلاقات.

> ألم تلاحظ أن الجمهور كان عازفاً عن حضور العروض؟ هل عجزتم عن ايصال الرسالة إليه؟

ـ في الحقيقة هذا الكلام غير صحيح، فالمسرح كان يمتلئ أثناء العروض، وهذه الظاهرة لم تحدث سابقاً. حتى في الندوات التطبيقية وفي الندوات الفكرية، كان هناك عدد كبير من الحضور ولو لم يجدوا ما يشدهم لما وجدوا.

> أعلنت وزارة الثقافة والإعلام عن جائزة أحمد السباعي للمسرح، كيف ترون هذه الجائزة وما تضيفه لتحفيز الإبداع المسرحي؟

ـ بكل تأكيد، كانت مفاجأة جميلة من وزير الثقافة والإعلام ولم نكن نتوقعها، وسوف تضيف الكثير لتحفيز الحركة المسرحية المحلية...

> هل من معلومات بشأن هذه الجائزة ومعاييرها؟.

ـ لم تتضح الرؤية لنا حتى الآن، عرفنا أن هناك جائزة وعرفنا أن هناك دعماً مادياً، فالجائزة أعلنت حديثاً ولم تعط تفاصيل، ولا بد أن تكون هناك لجنة تضع مواصفات الجائزة. المهرجان كما أعلن ذلك وزير الثقافة والإعلام سيكون كل سنتين، وهناك متسع من الوقت للتدارس، والعمل على توظيف هذه الجائزة بما يخدم الحركة المسرحية، ومن سيضع أحكام هذه الجائزة هي الوزارة، الجهة المتبنية للجائزة.

> بين المهرجان الأول، في بريدة بالقصيم، والمهرجان الرابع، مسافة تزيد على ثماني سنوات، ما هو الفارق الجمالي بين العروض المسرحية المحلية.. هل تقدمنا خطوة أم تراجعنا خطوات؟.

ـ بكل تأكيد نحن نتعلم، والذين يتعاطون العمل المسرحي هم أنفسهم الذين شاركوا في المهرجان الأول أو الثاني والثالث. ومن غير شك، هناك تطور وكل المسرحيين السعوديين يسعون لإثبات قدراتهم من خلال الارتقاء بعطائه. وهناك فوارق جمالية، فما قدم في المهرجانات السابقة ربما مثّل وقفة لكل المنتجين والمخرجين المسرحيين لتقديم الأفضل، وهذا المهرجان في نظر الجميع كان فرصة لتقديم أفضل ما لدى المسرحيين، وبالمناسبة فإننا لا نخترع بل نقدم ما لدينا، ولا أقول إن ما قدم هو أفضل ما لدينا، المهرجان محدود بعشرة عروض، بالرغم من أننا قدمنا أكثر من عشرة، والخلاصة أن هناك فوارق كبيرة جداً من حيث المستوى، وهناك أشخاص قدموا أنفسهم على الساحة المسرحية بشكل أفضل.

> ما هو برأيك التقييم النهائي للمهرجان المسرحي الرابع؟

ـ بشهادة جميع المسرحيين العرب الذين حضروا مهرجانات عديدة وكتبوا ذلك وقالوه علناً إننا نقدم مهرجان مسرح سعودي لأول مرة، ولذلك سميناه المهرجان الأول بالرغم من أنه يأخذ شكله التعددي الرابع، لما يميز هذا المهرجان من فعاليات. ردود الفعل تشير إلى أننا حققنا نجاحاً كبيراً في التنظيم. وبشأن العروض، فإننا قدمنا ما لدينا و«الجود من الموجود» وأنا متفائل بمستقبل المسرح، وما قدمناه لا يدل على كل ما لدينا من إنتاج مسرحي، فلدينا قدرات أكبر وأعمال متميزة، واذا كان ما قدم لا يرقى لمستوى المأمول، فلا يعني ذلك أن هذه هي نهاية المطاف.

> لم قررتم أن تكون المهرجانات المقبلة في الرياض بعد أن كانت تتنقل بين المناطق السعودية؟

ـ بسبب أن البنية التحتية للنشاط المسرحي موجودة في الرياض أكثر من غيرها من المدن الأخرى، وهناك مواقع كثيرة ومتعددة لتقديم نشاط ثقافي بهذا الحجم، والرياض جاهزة لاستضافة العروض، فلا توجد في المناطق الأخرى مسارح كافية بحجم المسارح الموجودة في الرياض. ولاحظ أننا نقدم عروضاً في مركز الملك فهد الثقافي، ونقدم في ذات اليوم ثلاثة عروض في مسارح أخرى، وهو ما لا يتوفر في المناطق الأخرى.

> قلتم إن المسرحي محمد العثيم لم يقدم ما يستحق التكريم، وما قدمه من نصوص مسرحية تم تنفيذها محلياً وعربياً. لكن ماذا عن إسهامه في البدايات المبكرة لمهرجان المسرح الخليجي، وجهوده في دفع قسم المسرح في الجامعة الذي أغلق ؟

ـ أولاً أنا شخصياً الذي اخترت محمد العثيم لكي يُكرم في المهرجان، ولم أنكر أستاذية محمد العثيم، وكنتُ اقف وراء تكريمه، ولستُ أنا من يتحدث عن محمد العثيم فهو صديق وزميل وأستاذ، ولا نستطيع أن ننكر ما قدمه للثقافة المسرحية، وإذا كانت هناك مشكلة فهي لدى محمد العثيم نفسه.

> هل يعني أنك لم تقل إنه لم يقدم ما يستحق التكريم..؟

ـ إن كنتُ قلت هذا، فهو كان رد فعل على موقف سلبي من العثيم بعد أن رفض التكريم لأنني من وقع على شهادة التكريم. وفي نظره أنني لا أستحق أن أوقع على شهادة تقدم له. إني مدير عام مهرجان المسرح، وأنا هنا أؤدي دوري كمسؤول عن المهرجان.

> كانت هناك وجهة نظر تقول إن هذا خطأ بروتوكولي، وكان يتعين أن يكرم وزير الثقافة المسرحيين..

ـ الوزير كان موجوداً ولم يحضر العثيم، والوزير هو الذي وزع الجوائز. والعثيم كان أول المكرمين من بين خمسة عشر، وهناك أساتذة جامعات ودكاترة كرموا ولم يتأففوا لأن مكرمهم هو احمد الهذيل.