حين أكتب لا أشعر أن النص مكتمل

عبد اللطيف اللعبي شاعر مغربي لا يعرف نفسه

عبد اللطيف اللعبي
TT

الاقتراب من عالم عبد اللطيف اللعبي، شاعرا وروائيا وإنسانا، هو اقتراب من عالم غني بتجربة واسعة، سمتها الأساسية الدفاع عن الحرية كقيمة أساسية، حتى ولو كان الثمن هو قضاء جزء من العمر وراء القضبان، خلال مرحلة الاحتقان السياسي في المغرب في عقد السبعينات من القرن الماضي، أو ما يعرف بسنوات الرصاص.

هذه الصورة المرسومة في أذهان كل المتتبعين لمسيرته الثقافية والإبداعية، استحضرها كل الإعلاميين والمثقفين الذين أمكن لهم حضور «لقاء مفتوح» معه، نظمه أخيرا «بيت الشعر» في المكتبة الوطنية بمدينة الرباط. غير أن هذا اللقاء كاد أن يتحول، في إحدى لحظاته، إلى مؤتمر صحافي للسجال السياسي والفكري. فقد تقاطرت أسئلة الحاضرين على المحتفى به لتلامس العديد من الملفات والقضايا، ابتداء من مجلة «أنفاس» التي كان أحد مؤسسيها، إلى غير ذلك من المحطات والعلامات والمواقف، مما جعله ينبههم، بلباقة وأدب، إلى أن جلسة مثل هذه «يجب أن تكون خفيفة ظريفة»، على حد قوله، لإفساح المجال للإنصات للشعر.

تولى تسيير الجلسة الشاعر حسن نجمي، فقال عن اللعبي، إنه «جاء إلى الكتابة من موقع جرح خفي، متأبطا لكتاب السؤال والحيرة، ضمن مشروع متكامل، يحركه عشق الإبداع في علاقاته الحميمية مع الفن الجمالي والخيال الشعري». وتفرع «اللقاء المفتوح» إلى حوار مباشر، من خلال لعبة السين والجيم، أجراه الباحث الجامعي والناقد الأدبي عبد الرحمن طنكول مع الشاعر اللعبي.

أول سؤال طرحه طنكول على الشاعر، أمام دهشة الحاضرين ودهشة الشاعر نفسه هو:«كيف ينظر الى الموت»؟.

وجاء جوابه عن «هذا السؤال القاسي»، انه يحاول ربط علاقة مع الموت، يسميها «علاقة الأناقة»، وزاد مفسرا:«إنني أتقبل ذلك بنوع من الوعي والاسترخاء والقبول». وقال أيضا، إنه ليس مهووسا بالموت، وأن ما يهمه هو الحياة، وكيف يوظف هذه الطاقة بداخله، من أجل الحياة نفسها، وتكريسها من أجل القيم التي يؤمن بها.ودعا إلى الاحتفاء بالحياة، «لأن ما يزخر بداخلنا شيء ثمين جدا، يجب الحفاظ عليه والعناية به».

ولمس اللعبي من خلال نظرته إلى الواقع المغربي «بعينه المزدوجة» كما سماها، وهو المتنقل بين المغرب وفرنسا، كيف أن «حياة الإنسان المغربي لا تساوي «بصلة»، وكأننا غير واعين بأن الحياة قيمة أساسية يجب أن تعاش، مستشهدا بحوادث السير في المغرب:«لننظر كيف يسوق الناس، وكيف يعبر المارة الطريق»، مستحضرا «الحادث المر الذي عشناه اخيرا» في إشارة إلى حريق معمل الأفرشة بالدار البيضاء.

وكان الشاعر قد تعرض للاعتقال أثناء مرحلة الاحتقان السياسي خلال سبعينات القرن الماضي، وهي التجربة التي غيرته كثيرا، حسب تعبيره، فقال:«تعلمت كيف أرتب زنزانتي وكيف أخيط ثيابي».

وتحدث اللعبي عن الكتابة والرقابة، فأفصح عن رأيه بصراحة:«حين أكتب لا أشعر أن النص مكتمل. ثمة شيء لم أستطع الإلمام به. وهذا ما يحفزني على الاستمرار في الكتابة». وأشار إلى أن تجربته في الكتابة تأسست على معطى أساسي، وهو «النضال ضد جميع القيود المفروضة على الإنسان».

وعن الصداقة عنده أوضح أنها «عشق ومحبة». هل له أعداء؟ أجاب:«لا أدري، لكن من الأكيد أن لي أصدقاء». وعن الحب قال:«انه طريق إلى المعرفة، وواسطة لفهم الإنسانية، وأنه مثل نبتة رهيفة تتطلب العناية والسقي المستمر». وعن علاقته بزوجته جوسلين، أوضح قائلا:«قادتني من الهمجية إلى البساطة»، ووصف رفيقة عمره بأنها «قارة لا زلت أقترب منها». ولاحظ اللعبي طغيان إرادة لاشعورية عند مختلف المجتمعات لكبت صورة المرأة. وأوضح أن «النزعة الذكورية موجودة في اللغة أيضا». وقال إنه يرفض التحدث باسم النساء:«لا أريد ان أسرق الكلمة من أفواههن، إنهن قادرات على الدفاع عن أنفسهن». في آخر «اللقاء المفتوح»، طرح عليه الناقد عبد الرحمن طنكول أسئلة سريعة حول رأيه في بعض الأسماء والأماكن فأجاب:

ـ ثريا جبران (ممثلة مغربية، وزيرة الثقافة حاليا): محبة ناتجة عن صداقة.

ـ فاطمة المرنيسي: مؤسسة فيها ما هو جميل وما هو أقل جمالا.

ـ محمد خير الدين (شاعر مغربي بالفرنسية راحل): نيزك ما زال يضيء سماء الأدب.

ـ المغرب: وطن كارثي وعشقه كارثي.

ـ فرنسا: ليست القلعة الأخيرة، وأشعر فيها أنني كاتب.

ـ عبد اللطيف اللعبي (ضاحكا): لا أعرف من هو؟.