ريلكه.. «الأعمال الفرنسية» إلى العربية

TT

صدرت أخيرا «الأعمال الشعرية الكاملة المكتوبة بالفرنسية مباشرةً» للشاعر الألماني ريلكه (477 صفحة، دار المدى) وقد قام بترجمتها عن الفرنسية وقدَّم لها الشاعر العراقي شاكر لعيبي.

يتعلق الأمر بالقصائد التي كتبها الشاعر الألماني في لغة هي ليست لغته الأم، الفرنسية التي كانت «أليفة إليه مثلما الألمانية» على ما يقول في رسالته المؤرخة في 1926 إلى الشاعرة الروسية مارينا تسفيتييفا التي تلاحظ بدورها أن رغبة ريلكه في كتابة الشعر بالفرنسية تجيء من أنه «كان متعباً من تفوقه، كان يريد العودة إلى المدرسة، لقد امتلك اللغة الأكثر عقوقاً من بين جميع اللغات بالنسبة لشاعر من الشعراء: الفرنسية».

سنة 1924 وصف ريلكه حالته إلى صديقته (لوو- سلومي) بأنها تستدعي الإقامة في منطقة فال-مون السويسرية التي فيها هي بالضبط، كما يضيف هو نفسه: «وُلِدَ بإلحاحٍ مجلّدٌ من الأبيات الفرنسية من بين أشياء أخرى...». وعن علاقته الحميمة بالفرنسية كان ريلكه يروي إلى دو بوس، أثناء احد لقاءاتهما، فصلاً صغيراً من صميم مشروع شعري يتعلق بالانشعاب bifurcation المتبادل بين الألمانية والفرنسية. ويقول دو بوس «لدى عودة بول فاليري من سويسرا – حيث كان يقيم عند ريلكه- روى لنا في شهر أيار الماضي أن ريلكه كتب قصائد بالفرنسية وإنه هو، فاليري، يحبها جداً وأن القطع الثلاث الصغيرة المدرجة في مجلة كوميرس– التي أنهيتُ تواً قراءتها- هي في الحقيقة مطلقة الرقة، رغم أننا نجد فيها أثرا خفيفا وليس تأثيراً لقراءة متمعنة لفاليري..». سيحدثنا فاليري بعدئذ بأنهما، هو وريلكه، قد «أمضيا معاً يوماً كاملاً تقريباً على أطراف بحيرة جنيف قبيل وفاة ريلكه بـ 13 أسبوعاً. في بارك أحد الأصدقاء حيث رأيته، كنا نتحدث ونحن نتمشى ساعاتٍ وساعاتٍ».

كانت الفرنسية لغة ثانية في الحياة اليومية للشاعر، فقد كتب بها الكثير من رسائله الشخصية من قبل وكتاباً عن النحات رودان. في 5 كانون الثاني 1910 كتب رسالته إلى (صديقةٍ من البندقية) بالفرنسية، وبين السنوات 1924 – 1926 كان ريلكه يرتبط، عبر الفرنسية، بعلاقة صداقة مع مدام دو بونستيتين. كتب ريلكه إليها يقول: «جزء كبير من مراسلاتي يمرُّ عبر الفرنسية، لهذا فقد فكرتُ بأن أخلِّص اللغة الأخرى من كل استخدام يوشك أن لا يكون من الفن وأن استخلص منها مادة صافية لعملي اللغوي. نجحت لبعض الوقت ومن ثم، فجأة بدأتْ الفرنسيةُ، في هذا الشتاء، تعتدي على الأرض التي كان يتوجب عليها حمايتها. أنهيتُ مرغما بعض الشيء كتابة كُرّاس من الشعر الفرنسي وهو، كما يمكن أن تخمّني شعراً لن يجري الاعتراف به». النصوص الفرنسية لن يطبعها ريلكه إلا في وقت لاحق.