الأكراد في الوثائق البريطانية

المؤرخ كمال مظهر ينقّب في تاريخهم منذ الحرب العالمية الأولى

غلاف الكتاب
TT

يصدر قريباً للمؤرخ الكردي الدكتور كمال مظهر، المكتبة الكردية، كتاب جديد بعنوان «الكرد وكردستان في ضوء الوثائق السرية البريطانية» – الجزء الاول.

وهو يضم فصولاً تسعة تناولت فترات وأحداثاً مهمة من تاريخ الشعب الكردي وثوراته وابرز قادته السياسيين ورموزه الوطنية.

في الباب الاول، يتحدث المؤلف عن اهمية الوثائق السرية البريطانية ويصفها بالمصدر الاصيل النادر، متناولاً تاريخ الارشيف الوطني البريطاني واقسامه واهم محتوياته، وأبرز من استفاد من وثائق ذلك الارشيف من المثقفين والباحثين الكرد وفي المقدمة منهم الراحل وليد حمدي الذي ألف في هذا الشأن كتاباً بعنوان «الكرد وكردستان في الوثائق البريطانية – دراسة وثائقية تاريخية» المطبوع عام 1991 في لندن والذي اصبح منذ صدوره مصدرا مهما للباحثين في تاريخ الكرد المعاصر ومن غير الكرد ايضا.

وفي الباب الثاني من الكتاب يتناول المؤلف موضوع «مستقبل الكرد امام مؤتمر الصلح في باريس ونشاطات شريف باشا خندان وزملائه» بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، الى جانب بعض ما كان يجري خلف الكواليس، واصداء الاتفاق الارمني – الكردي بوصفه حدثا تاريخيا مفاجئا شهدته تلك المرحلة.

اما في الباب الثالث من الكتاب فيركز المؤلف على موضوع «نبذة عن رحلة الميجر نويل في كردستان». وكان الضابط البريطاني ادوارد شارلس نويل مغامرا جريئا احب الكرد وكردستان حبا كبيراً، وساعد الشيخ محمود الحفيد حسب حدود امكاناته وتجول في شتى المناطق الكردية في العراق وتركيا، ودون عنها ملاحظات غاية في الدقة والاهمية انعكست جوانب غير معروفة منها في الوثائق البريطانية التي تعود الى الحقبة التي تلت الحرب العالمية الاولى مباشرة.

ويتناول المؤلف في الباب الرابع من كتابه «الكرد وكردستان في الوثائق السرية البريطانية» العديد من الشخصيات الكردية المعروفة عام 1919 في ضوء الوثائق البريطانية السرية مما يعكس جوانب غير مرئية من دور الفرد في تاريخ الكرد المعاصر، خاصة الشيخ محمود الحفيد وعدد من اقرب اعوانه من امثال الزعيم الكردي الايراني محمود خان دزلي، وسمكو الشكاك، وحمدي بيك بابان، والشيخ عبيد الله النهري وذريته وسالار الدولة الذي كان كرديا من طرف والدته وكان من اشد منافسي رضا شاه بهلوي على عرش ايران، والدكتور ميهران الارمني الذي كان يقيم في بغداد وكان ألد اعداء البريطانيين واشد المخلصين للكرد وزعيمهم وقتذاك الشيخ محمود الحفيد.

وفي الباب الخامس من الكتاب، استعرض المؤلف احداث انتفاضة السادس من ايلول عام 1930 في السليمانية في ضوء الوثائق السرية البريطانية. وهو موضوع يعده المؤلف غاية في الاهمية كونه يمثل بدايات التحول النوعي في الحركة التحررية الكردية، التي بدأت السليمانية تتحول في خضمها الى المركز الرئيس للانتفاضة، وهو ما تناولته الوثائق السرية البريطانية في سياق عرضها الدقيق لوقائع الانتفاضة تلك ونتائجها. وتضمن هذا الباب رسالة احتجاج شديدة اللهجة ونادرة تنشر للمرة الاولى كتبتها شخصية نسوية كردية معروفة في تاريخ الشعب الكردي وهي حفصة النقيب عقيلة الشيخ قادر شقيق الشيخ محمود الحفيد اول حاكم كردي في التاريخ، وهي تسخر فيها من عدالة الحكام البريطانيين.

اما الباب السادس فقد تناول موضوعا يحمل عنوان «الظواهر الاساسية للمرحلة الجديدة من النضال التحرري الكردي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في ضوء الوثائق السرية البريطانية» ويشير فيه المؤلف الى ان تلك الوثائق تظهر مدى متابعة نشاطات المنظمات السرية الكردية الجديدة التي ظهرت فاعلة على المسرح السياسي بما فيها مواقف نادرة بل وغير متوقعة اضطلع كرد سوريا الذين اولوا، حسب وثائق الخارجية البريطانية السرية، التحولات في جمهورية كردستان عام 1946 في مهاباد اهتماما كبيراً.

وفي هذا الباب يستعرض الكاتب بعضا مما في ثنايا تلك الوثائق التي تسجل وقائع الصراع الدولي المستفحل آنذاك، التي دشنت بداية ما وصفه رئيس الوزراء البريطاني المخضرم ونستن تشرشل عام 1946 بـ«الحرب الباردة» التي قدر للكرد ان يكونوا اول ضحاياها. ويعلق المؤلف على تلك الوثائق بقوله: «لاغرو ان احتوت تلك الوثائق على اندر الصور عن اصداء تأسيس وانهيار جمهورية كردستان عام 1946، وتحديدا التقارير المسهبة للسفير البريطاني في طهران يوم ذاك السير ريدر وليام بولارد التي لم يطلع عليها سوى عدد قليل من كبار المسؤولين البريطانيين، حيث وردت عبارة «سري للغاية» على العديد من تلك التقارير.

«القضية الكردية بين رحى عبد الكريم قاسم والبعث كيف انعكست في الوثائق السرية البريطانية» هو عنوان الباب السابع من الكتاب، ويتضمن وثائق نادرة تتحدث بإسهاب وبأسلوب حيادي عن موقف الكرد تجاه ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 وموقف زعيم الثورة عبد الكريم قاسم والاسباب المباشرة وغير المباشرة الداخلية منها والخارجية التي اثرت في البداية ايجابا، ومن ثم سلبا على علاقات الطرفين لتتحول انتفاضة الكرد المسلحة منذ ايلول 1961 الى احد الاسباب الاساسية التي زعزعت موقع النظام ومن ثم ساعد على اسقاطه صبيحة الثامن من شباط عام 1963، لتتوالى الاحداث بعد ذلك في خضم صراع مستفحل اودى بحياة النظام الجديد، ليبدأ عهد عبد السلام عارف الذي تكشف الوثائق عن خباياه بصورة مفصلة، بما في ذلك موقفه المتشنج من القضية الكردية الذي تابعته السفارة البريطانية في بغداد عن كثب، ممثلة بالسفير ستيفن ايفرتون.

اما الباب التاسع والاخير من الكتاب الذي يتوقع ان يثير سجالات ونقاشات مكثفة في الاوساط الثقافية الكردية فقد جاء تحت عنوان «القضية الكردية في خضم صراع القطبين المتناقضين الامام الخميني وصدام حسين في ضوء الوثائق السرية البريطانية». ويقول المؤلف: ان جميع الوثائق المتعلقة بهذا الموضوع الحساس للغاية لم يكشف عنها بعد، الا ان المتوفر منها يمكن المرء من الوقوف على القوى والعوامل المحركة الخفية الاساسية لوقائع تلك المرحلة بما في ذلك أشهر المقالات الصحافية المنشورة في الصحف العالمية التي تحتفظ ملفات «الارشيف الوطني» البريطاني بالنصوص الاصلية لها.