وكيل وزارة الثقافة والإعلام السعودي: لا نعرف المقصود بالمثقف الحقيقي الذي يشتكي منا

أبوبكر باقادر: ندعو جميع المثقفين للمشاركة في الأيام الثقافية السعودية.. ولا نمارس التمييز ضد المثقفين

أبوبكر باقادر
TT

مرت أربع سنوات على أول وآخر ملتقى للمثقفين السعوديين الذي عقد في الرياض، وخرج بجملة توصيات دعت لاعادة هيكلة المؤسسات الثقافية وضخ مزيد من الحماس والحرية في الجسد الثقافي السعودي، وتوفير مساحة كافية للمرأة لممارسة دورها الثقافي، بيد أن الملتقى اليتيم غاب في (زحمة) المساجلات بشأن الأنشطة، كما غابت توصياته إلا قليلاً منها رأى النور. ولذلك، فإن الحوار مع الدكتور أبو بكر باقادر وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية، الذي بدا نشيطاً في تنظيم ذلك الملتقى يأتي لتوضيح ما تمّ بشأن هذا الملتقى، وكذلك الحديث عن الفعاليات الثقافية السعودية التي يجري تنشيطها في الخارج كواجهة للظاهرة الثقافية المحلية، لكنه ما برح أن شهد هو الآخر سجالات لا تنتهي بسبب اتهام مثقفين بارزين الوزارة بأنها تحاول عن سابق عمد إقصاءهم عن المشاركة، وتغليب الفنون الفلكلورية والأدائية على المنجز الثقافي الحقيقي.

وباقادر يرد هنا على المثقفين ويدافع عن اداء الوزارة في اهتمامها بالتراث والثقافة السعودية وتقديمها للشعوب حول العالم.

* أين ذهبت مقررات وتوصيات ملتقى المثقفين السعوديين الأول الذي عقد قبل أربع سنوات تقريباً؟

ـ التوصيات التي تخص كل وكالة من وكالات وزارة الثقافة والإعلام أعطيت لها للعمل على ضوئها، والتنفيذ عادة يأخذ وقتاً أطول من وضع التوصيات، وإن كان بعض هذه التوصيات تم تنفيذه مثلما حدث مع المؤسسات الثقافية والتغييرات الجذرية التي حدثت فيها. بعض هذه التوصيات كانت تعبر عن طموح ورغبة المثقفين في الارتقاء بالنشاط الثقافي، ومثل هذه التوصيات تحتاج إلى فترة أطول وهي في طريقها إلى الإنجاز، وهناك توصيات ومقررات صدرت عن الملتقى تحمل طموحات عالية نتمنى، نحن في وزارة الثقافة والإعلام، أن ننجز بعضاً منها، كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن بعض هذه المقررات والتوصيات متغير لأنه يكون متناغما مع الأحداث المحيطة بنا سواء في الداخل أو في الخارج.

* لماذا لم يعقد الملتقى مرة أخرى؟

ـ ليس المهم الفترة التي مضت على عقد الملتقى الأول، أو عدد مرات عقد الملتقى، المهم إنجاز التوصيات والمقررات التي تمخض عنها الملتقى الأول. وإذا ما رأت وزارة الثقافة والإعلام الحاجة إلى دعوة المثقفين السعوديين إلى هذا الملتقى لن تتوانى في ذلك.

* يؤخذ على القائمين على تنظيم الأيام السعودية التي تنفذها وزارة الثقافة والإعلام في عدد من الدول بهدف التعريف بالسعودية من عدة جوانب ومن بينها الجانب الثقافي والحضاري، عدم دعوة المثقفين السعوديين ذوي الوزن الفاعل في الثقافة السعودية؟

ـ أتمنى أن لا يكون التصور بأننا في الوزارة نتجاهل دعوة المثقفين الحقيقيين أو المثقفين من الوزن الثقيل كما يسمون هذه الفعاليات تصوراً صحيحاً. إن المشهد الثقافي ليس حكراً على طيف واحد من الأطياف الثقافية، وإذا كان المقصود بالمثقف الحقيقي الروائي والشاعر والناقد والقاص فهؤلاء لهم حضور متميز في كل الفعاليات التي نقيمها. إما إذا كان المقصود بالمثقف الحقيقي المثقف المكرم والمثقف الذي تسلط عليه الأضواء، فعادة هذا النوع من المثقفين يكونون فئة قليلة في كل بلد وليس في السعودية وحدها. ومن المؤكد أننا قمنا بدعوتهم لكن من الظلم أن نأخذهم في كل الفعاليات ونهمل غيرهم من المثقفين الناشئين، وقد نكون دعوناهم إلى هذه المناسبات والفعاليات واعتذروا عن المشاركة فيها لأي سبب كان لظروفهم. وقد يكون المثقفون الذين يعتبون علينا في عدم دعوتهم لا يجيدون لغة البلد التي تقام فيها الأيام السعودية، مثلما حدث في السنغال حيث كان المشاركون ممن يجيدون اللغة الفرنسية، أو كما حدث في روسيا عندما أقمنا الأيام السعودية هناك حيث تمت دعوة من يجيد اللغة الروسية، لذا يعتقد البعض أننا نهمل الأسماء الثقافية في البلد ولا نبرزها في المناسبات والفعاليات الدولية التي نقيمها، ولكن لكل مقام مقال.

ومع أنني لا أعرف ما هو المقصود بالمثقف الحقيقي، الذي يتردد دائماً بأننا لا ندعوه، لكني أؤكد أننا لا نميز بين المثقفين. إننا ندعو الجميع للمشاركة في هذه الفعاليات التي تبرز الوجه الحضاري والثقافي للسعودية، لكن البعض يعتذر لأنه لا يريد أن يكون ضمن طيف ثقافي واسع، وهذه هي الحقيقة.

* يؤخذ على الأيام السعودية وكذلك الفعاليات الثقافية أن حصة الأسد فيها لصالح الفلكلور الشعبي، مما يؤدي إلى تقليص حصة الجانب الثقافي والحضاري للنشاطات التي تقام في هذه الأيام؟

ـ هذا التصور غير صحيح، ودائماً ما نواجه بذلك من قبل المثقفين، لكن الفعاليات الأدائية تجعل الناس تتفاعل أكثر وتجذب جمهوراً أكبر. أما الفعاليات الثقافية الأخرى من شعر ورواية ونقد فهذه فعاليات نخبوية. ويجب أن ندرك أن هناك فعاليات عامة تستوعب مختلف أطياف المجتمع الثقافية وغير الثقافية ومن بينها الفعاليات الفلكلورية، بينما هناك فعاليات نخب ذات جمهور قليل وتحتاج مستوى معيناً من الثقافة حتى يتم الإقبال على حضورها، وإذا كانت تقاس الحصص بالحضور الجماهيري فأعظم شاعر لن يكون جمهوره في أمسية بحجم جمهور مباراة كرة قدم.

الفعاليات الفنية والفلكلورية عادة لها جمهور واسع بعكس النشاطات المنبرية. فلا يضخم المثقفون الأمر، ويعتقدون أن هناك سلباً لحصتهم في الفعاليات.

*هل هذا يجعلكم كقائمين على هذه الفعاليات تركزون على النشاطات الفلكلورية؟

ـ لا لم يجعلنا ذلك نركز في الفعاليات على هذه النشاطات فقط، ولكن برامجنا الثقافية تضم الكل، كما أننا نحاول أن ننقل المشهد بشكل عام خلال هذه الفعاليات، ونوضح الصورة كلها.

* ما هو تقييمكم للأيام الثقافية السعودية التي تقام في عدد من دول العالم؟

ـ أتمنى أن يكون التقييم ممتازاً رغم أنني أعرف أنها ليست كذلك، لكن ردود الفعل التي نتلقاها في الخارج جيدة، لأن المشهد الثقافي والحراك الثقافي لدينا غير معروف بشكل واسع، إضافة إلى أن كثيراً من البلدان التي أقمنا الأيام الثقافية فيها كان يملك طيف واسع منها صورة نمطية وسلبية عن السعودية، فاستطعنا من خلال الفعاليات التي أقمناها في تلك البلدان أن نخلخل هذه الصورة.

*ي ؤخذ على وزارة الثقافة والإعلام عدم التنسيق الجيد للأيام الثقافية الدولية التي تستضيفها السعودية، حيث تواجه بعض الفعاليات بمحاولات المنع؟

ـ لم تكن النشاطات التي نستضيفها داخل السعودية أو التي نقيمها في الخارج بهذه الكثافة من قبل، لذلك نحتاج إلى وقت لكي نستوعب هذه الكثافة ونتكيف معها، كما ان مؤسساتنا الثقافية التي تقيم الفعاليات أو التي تستضيفها ليس لديها تاريخ طويل في هذا الجانب، لذلك تظهر بعض الأخطاء التنظيمية أو الأخطاء البيروقراطية التي تؤثر على هذه الفعاليات. لكن لننظر إلى النصف المملوء من الكوب، ونقول اننا بدأنا على الطريق الصحيح في تفعيل هذا التواصل مع الثقافات الأخرى.

نعترف بهذه الأخطاء التي تكون تنظيمية أو نتيجة لإجراءات بيروقراطية نعاني منها ونحاول أن نصححها في الفعاليات المستقبلية، لكن الأهم من التركيز على هذه الأخطاء هو أن يكون لدينا جمهور لهذه الفعاليات، وحينها، عندما يحكم على التنظيم بالنجاح أو الفشل، يكون الحكم صادراً من الجمهور الذي حضر ورافق الفعاليات واستمتع بها وتعرف من خلالها على الثقافات الأخرى.

* عندما تنظم أيام ثقافية دولية في السعودية، نلاحظ أنها تقام في مدينة الرياض فقط بينما تكون حصة المناطق الأخرى ضئيلة جداً من الفعاليات؟

ـ الأيام الثقافية تقام عادة في العاصمة لأنها مركز البلد، وعادة تطلب الدولة التي تنظم أياما ثقافية لها في السعودية اقامتها في العاصمة. ونحن ننقل هذه الفعاليات إلى مناطق أخرى عندما يتراجع الإقبال عليها، فعندما تكون الدولة التي تقيم هذه الأيام دولة إسلامية ننقل هذه الفعاليات إلى المنطقة الغربية لكي يؤدوا مناسك العمرة والزيارة بعد انتهاء الفعاليات، وأحياناً ننقل الفعاليات إلى المنطقة الشرقية، والمناطق الأخرى التي تطالب بجزء من هذه الفعاليات. وفي الواقع نحن جهة تنظيمية ولا يمكن أن نرضي الجميع أو أن نوزع الفعاليات التي تقام على مدار أسبوع واحد على مختلف المناطق.