المعركة الأخيرة مع الإرهاب ستجري على الأراضي الأميركية

وليد فارس يصف نفسه في كتابه الجديد بأنه «أحد ضحايا الجهادية الشرق أوسطية»

الكتاب: المواجهة ـ الفوز في الحرب على الإرهاب - المؤلف: وليد فارس
TT

حسب مؤلف هذا الكتاب، فإن أهم التهديدات التي تلوح في الأفق، هي خطط النظام الإيراني لخلق إمبراطورية في الشرق الأوسط، إذ يحاول هذا النظام «تصدير نفوذه إلى شرق الجزيرة العربية ووسط العراق وآسيا الوسطى إضافة إلى تعزيز وجوده في لبنان وبذلك يكون هدفه في النهاية «تدعيم الخمينية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وتحويل إيران إلى لاعب في ذلك البحر لأول مرة منذ 7 قرون».

في الوقت الذي انتقلت فيه النزاعات في الشرق الأوسط والتحديات المتزايدة من جانب الإسلام الراديكالي، خلال العقد الماضي، إلى قمة أجندة مخاوف السياسة الخارجية الأميركية، ظهر على الساحة نوع جديد من المحللين الذين ولدوا وتربوا في المنطقة. ويعد وليد فارس أحد أبرز فرسان تلك النوعية من المحللين الجيوسياسيين الأميركيين ذوي الخلفية الشرق أوسطية، كما أنه واحد من أبرز المدافعين عن «القيم الأميركية» والمعارضين للقوى التي تحاول تحدي دور القيادة العالمية للولايات المتحدة سواء أكان باسم الدين أو الإيديولوجيات.

وخلال مقدمة كتابه التي مال فيها إلى الاسترسال تحدث فارس عن نفسه بأنه أحد ضحايا الجهادية الشرق أوسطية، وكيف أنه اضطر في عام 1990 إلى أن يحزم أمتعته ويغادر بلاده للهرب من منطقة الشرق الأوسط التي باتت فيها القوى العسكرية الوحشية والاستبداد المسيطران على الأوضاع هناك.

بيد أنه ما إن استقر في الولايات المتحدة أدرك أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الرؤية الكاملة للصورة والمخاطر التي يمثلها «الجهاديون»، وقال إنه لاحظ غياب «الفهم الغربي لطبيعة الأيديولوجيات والأجندات السلفية والخمينية» بل إن الجهاديين كانوا يحققون انتصارات الحرب الثانية في معركة الأفكار.

ولم يذكر فارس السبب الذي أدى إلى هذا الفشل الغربي الذريع في تقييم تلك المخاطر التي واجهته، لكن ما يمكن أن يكون السبب وراء ذلك الفشل هو عادة الغرب في قياس كل شيء من قبيل منطق القوة العسكرية والاقتصادية. فمع تفكك الاتحاد السوفيتي إلى دويلات في بداية التسعينات، لم يعد هناك ما يمكن أن يشكل تحديًا للغرب من منطلق ميزان القوة.

ويقول فارس إنه كان يرى أن واجبه الأخلاقي يحتم عليه تحذير الغرب من الأخطار المحدقة، لكن أحدا لم يلتفت إليه فصار «صوتا في البرية يسمعه الجمهور لكن لا يصغي إليه صناع القرار». ثم تأتي بعد ذلك هجمات الحادي عشر من سبتمبر على نيويورك وواشنطن لتدفع الولايات المتحدة والغرب للاستماع إلى الرجل، وفجأة تحول الناس إلى الرغبة في الإنصات إلى فارس حيث برز كنجم إعلامي. ويعد كتاب فارس الجديد «المواجهة» واحدًا من أفضل الكتب التي صدرت باللغة الإنجليزية والتي تتناول الخلفية التاريخية لنهضة «الجهاد» الراديكالي في الشرق الأوسط وما وراءه.

لكن أهم ما يمكن أن يثير انتباه الساسة هو تلك الفصول التي تتعامل، حسب ما قاله فارس، مع الاستراتيجية «للفوز بالحرب ضد الجهاد المستقبلي».

وسنبدأ بما أكد عليه فارس، وهو أن ما نجابهه بحق هو حرب بين رؤيتين متعارضتين للعالم ومكانة الإنسان فيه، فالإرهاب الذي تمارسه القاعدة ومقلدوها والخمينيون لا بد وأن يخاض في ميدان المعركة وفي ميدان الأفكار والقيم معًا، وبعبارة أخرى: ذلك النوع من الإرهاب ليس نوعًا من أنواع الجرائم التي يجب التعامل معها من قبل الشرطة.

ويرفض فارس الزعم بأن هذه النوعية الجديدة من الإرهاب جاءت نتيجة للفقر والتخلف الاقتصادي، ولذا فإن من الحماقة، إن لم يكن من قبيل الانتحار، الاعتقاد أن المساعدات الاقتصادية، واستحداث صيغ أفضل للتجارة والتعامل مع بطء التنمية يمكن أن يزيل ذلك التهديد، غير أنه بالرغم من ذلك، لا يرفض فكرة المساعدة الاقتصادية على الإطلاق. وما يقوله هو أن الجهادية لا يمكن ترويضها بالمال وحده.

وفي ذات السياق يرفض فارس الادعاء بان الأصل في كل قضايا الشرق الأوسط نابع من القضية الفلسطينية، فأوضح أن القضية الفلسطينية أحد أسباب تلك الأزمات الحالية ولكن ليس بالضرورة أهمها.

ويشير فارس إلى أن «التغيير الثوري» يكون مطلوباً إذا ما كان العالم الحر سينتصر بتلك الحرب. ونظرًا لأن التهديد موجه نحو العالم بأسره فإن من الخطأ الاعتقاد بأن «الجهادية الإسلامية» تستهدف الديمقراطيات الغربية وفقط، بل إن دول العالم الإسلامي كلها مستهدفة، ومن هنا تنبع الحاجة إلى سلسلة من الحلفاء لمواجهة وهزيمة هذا العدو المشترك».

كما ينتقد فارس مظاهر الطريقة التي شنت بها الحرب على العراق من قبل إدارة الرئيس بوش، لكنه لا يزال على اعتقاده أن الإطاحة بصدام حسين من السلطة كانت أمرًا ضروريًا وعادلاً، كما أصر أيضًا على أن منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) يجب أن تظل في أفغانستان حتى يتحقق الاستقرار وتتم هزيمة القاعدة وطالبان على نحو لا تقوم لهما قائمة بعد ذلك.

ووفق ما قاله فارس فإن تعزيز الديمقراطية في لبنان يجب أن يكون هدفًا رئيسًا للقوى الغربية، وفي هذا السياق يدعم فارس تغيير النظام في سوريا، دون تدخل مباشر من الحكومة الأميركية. ويحمل فارس سوريا جزءا من المسؤولية عن العنف الذي يحدث في العراق منذ تحريره، ويذهب إلى القول أن القيادة السورية تأمل في «الالتقاء بالنظام الإيراني وفتح طريق بين النظامين عبر الشريك الراديكالي العراقي». وربما يكون أهم التهديدات التي تلوح في الأفق، كما يعتقد فارس، هي خطط النظام الخميني لخلق إمبراطورية في الشرق الأوسط. فيشير إلى أن نظام طهران «يحاول تصدير نفوذه إلى شرق الجزيرة العربية ووسط العراق وآسيا الوسطى، إضافة إلى تعزيز وجوده في لبنان وبذلك يكون هدفه في النهاية «تدعيم الخمينية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وتحويل إيران إلى لاعب في ذلك البحر لأول مرة منذ سبعة قرون». وعلى الرغم من أن الجهاديين فشلوا في تنظيم هجمات أخرى ضد الأراضي الأميركية في السنوات السبع الأخيرة، إلا أن فارس يعتقد أن المعركة الأخيرة في الحرب ستكون على الأراضي الأميركية، حيث ينظر الخمينيون والقاعدة وأنصارهم إلى الولايات المتحدة على أنها باتت «التهديد الرئيس لأجندتهم»، ويضيف فارس بشأن ذلك: «وجهة نظرهم تشير إلى أن الأراضي الأميركية هي المكان الذي يمكن أن تتم فيه المواجهة العالمية» وهو شيء ربما يتوجب على الولايات المتحدة أن تفكر فيه مليًا في الموسم الانتخابي الحالي.