دبي تتحدث شعرا بجميع لغات العالم

رئيس المهرجان لـ«الشرق الأوسط»: التنوع الثقافي سيعطي زخما كونه يعكس ثقافات توجد لدينا

TT

تستعد دبي في السنوات الخمس المقبلة لاستضافة أكثر من 1000 شاعر، عبر دورات سنوية من «مهرجان دبي الدولي للشعر».

ويقول منظمو المهرجان إنه «سيعقد في سبيل إحياء مكانة الشعر العربي والاحتفاء به». وسيحمل المهرجان شعار «ألف شاعر، لغة واحدة» في إشارة إلى استضافة ألف شاعر من مختلف لغات العالم على مدى السنوات الخمس المقبلة.

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الامارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أطلق، في مبادرة استثنائية، المهرجان «تنفيذاً لإستراتيجية العمل الثقافي في الإمارة، وللعمل على تشجيع الإبداع الفكري والسعي إلى تفعيل الحوار الثقافي بين العرب وشعوب العالم شرقاً وغربا».

وعما يمكن أن يضيف هذا المهرجان للأحداث الأدبية والثقافية في المنطقة والعالم، وبماذا يختلف عن مهرجانات الشعر الأخرى، يقول جمال بن حويرب المهيري، رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان دبي الدولي للشعر، لـ«الشرق الأوسط»: إن الفعاليات الثقافية التي يتم تنظيمها سواء في المنطقة أو خارجها لكل منها دوره وإسهامه في الساحة الثقافية، غير أن مهرجان دبي الدولي للشعر يأتي بوعد جديد لتفعيل دور الشعر، عبر إقامة حوار فكري جديد يقوم على استيعاب إبداع الآخر ونتاجه الشعري الذي يعكس مكنون حضارته وثقافته بما فيها من عادات وتقاليد وتوجهات فكرية».

ويضيف المهيري: «إن مهرجان دبي الدولي للشعر سيقدم إضافة جديدة ومهمة لأجندة المبادرات الثقافية التي عكفت دبي على إثرائها لتواكب المسيرة التنموية الشاملة في دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام»، مضيفا أن «دبي مؤهلة بطبيعتها ومجتمعها الذي يضم بين جنباته أكثر من 200 جنسية من مختلف أنحاء العالم لإنجاح الفعاليات الدولية التي تقام على أرضها لا سيما الثقافي والفكري منها، في حين يعطي هذا التنوع الثقافي الكبير زخما لمهرجان الشعر كونه يعكس ثقافات موجودة بالفعل على أرض دبي».

وسيشارك في مهرجان دبي الدولي للشعر في دورته الأولى أكثر 120 شاعرا من أكثر من 45 دولة، وبحسب مسؤولي المهرجان فقد تأكد، إلى الآن، حضور شعراء من 23 دولة أجنبية قبل أكثر من أربعة أشهر على موعد انعقاده.

وعن مغزى تحديد بدء فعاليات مهرجان الشعر في الفترة بين 4 ـ 11 مارس المقبل، يجيب جمال المهيري بالقول: «يمثل الشعر أقصى درجات التعبير الإنساني رهافة ورقة، ولذلك كان لا بد من توفير الأجواء التي تساهم في منح الشعراء المشاركين تجربة لا تنسى في دبي، مهيئين لهم مناخ الإبداع، الذي تكتمل مكوناته مع نسمات الربيع العليلة في دبي خلال شهر مارس (آذار)، الذي يعد واحدا من أجمل شهور السنة طقسا في بلادنا. وسيتمكن الشعراء المشاركون خلال هذه الفترة من استكشاف جمال دبي برا وبحرا وإطلاق العنان لقرائحهم وملكاتهم، كما سيتيح لنا الطقس فرصة تنظيم أمسيات رائعة وشاعرية في الهواء الطلق وفي أماكن وأوقات مختلفة، مما سيضيف مذاقاً ومتعة خاصة للجمهور، وهذا ما نصبو إليه في المقام الأول أن نقدم للشعراء المشاركين والجمهور تجربة شعرية متكاملة العناصر»، موضحا أن المهرجان لن تقتصر أنشطته على فترة محددة من السنة ولكنها سوف تمتد على مدار السنة من خلال برامج وفعاليات بيت الشعر الذي سيرفد المهرجان ويعزز دوره بأشكال وسبل مختلفة.

وعن أبرز الشعراء المشاركين في الاحتفالية الشعرية، يذكر مدير المهرجان الشاعر الألماني يواخيم سارتوريوس، أما من العالم العربي فهناك أدونيس، والمنصف المزغني، وأحمد عبد المعطي حجازي، وغيرهم من الشعراء.

وسيبدأ المهرجان، كما يقول المهيري، بحفل افتتاح يتم الاعداد له من الآن ليخرج بمستوى يليق ومكانة الحدث. وسيتضمن الافتتاح مسرحية شعرية وقراءات وأمسيات شعرية تتوزع في الهيئات والنوادي الثقافية والجامعات والمدارس، كما ستكون هناك فعاليات رئيسة أخرى تستعيد مكانة الشعر والتراث العربي وتبث فيه الحياة من خلال المشاهد التمثيلية الحية لقصص وحكايات ومطارحات الشعر العربي والعالمي.

دبي أعلنت أيضا أخيرا عن مبادرة أخرى مصاحبة لمهرجان دبي الدولي للشعر تمثلت بتأسيس بيت الشعر في دبي. وعن طبيعة هذا البيت، يقول جمال المهيري: «سيكون لبيت الشعر دور كبير في تعزيز الشعر وتوطيد مكانته، وسوف يرفد المهرجان بإصدار الدوريات الأدبية والدراسات النقدية، والمجموعات الشعرية بأكثر من لغة، وإقامة الأمسيات والندوات على مدار العام وغيرها من الأنشطة التي سيتم الإعلان عن تفاصيلها تباعا في المستقبل القريب». وعما إذا كان المهرجان سيركز على الشعر الفصيح أم أن هناك فرصة للشعر الشعبي المحلي، يجيب المهيري: «الشعر هو وسيلة للرقي بالأخلاق والعلم، وقد يكون باللغة الفصحى أو بلهجات عربية متصلة اتصالاً مباشراً باللغة العربية. سوف يعتني المهرجان بالشعراء القادمين من أنحاء الوطن العربي والعالم، وسيفسح الفرصة أمام الشعراء لتقديم أنفسهم بألسنتهم، سواء بالفصحى أو باللهجات المحلية».

وعن كيفية معالجة مسألة الترجمة، خاصة بوجود لغات متعددة خلال المهرجان، يقول المهيري: «سنقدم مساعدة كبيرة للحضور من خلال عرض ترجمة مكتوبة للقصائد بالعربية والإنجليزية على شاشات ترافق الشعراء في أماسيهم، وسوف نوفر ترجمة فورية لجلسات النقاش والمحاضرات، للغتين الإنجليزية والعربية، وفكرة المهرجان تقوم على هذا النهج في ربط الثقافات وتمهيد الحوار حتى مع اختلاف مفردات اللغة، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه من خلال هذا المحفل الثقافي المهم».

وتتجه نية المهرجان لتغطية الأمسيات الشعرية فضائيا، مع التركيز على الأمسيات الكبيرة، والشعراء المتميزين، بحيث يستمتع المشاهدون من الدول الأخرى ومن لم يحالفهم الحظ لحضور الأمسيات بمتابعة القراءات الشعرية المتلفزة.

كما سيكون هناك موقع إلكتروني مخصص لمهرجان دبي، سيوفر تغطية شاملة للحدث، وسيقدم جميع ما يحتاجه المهتمون بالمهرجان، وبالشعراء المشاركين وشعرهم، وكذلك الإعلاميين، كما ستقوم اللجنة المنظمة للمهرجان بطباعة الأعمال الشعرية والدراسات النقدية والأدبية في مجموعات خاصة توثق فعاليات هذه الدورة.

تجدر الإشارة إلى أنّ المهرجان سيمنح اهتماماً خاصاً بالشعر النبطي كونه يمثل أحد السمات الأساسية لثقافة دول الخليج العربي وأحد أبرز مكوناتها التراثية وأكثر الأشكال الأدبية شيوعاً بين أبناء المنطقة لما يمثله من أهمية كعنصر من عناصر هويتهم الوطنية.