لأجل عيني «زهرة المدائن» أكثر من 360 خطة و100 كتاب

رام الله وغزة لكل نهجه في إحياء العيد

TT

بعد عام كامل من الأخذ والرد حول مدى نجاح أو إخفاق فعاليات احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، بدأ الاستعداد لحفل ختامي، يتم خلاله تسليم الراية للقدس. وسيكون العرب جميعاً أمام نقاش من نوع آخر ينبع من خصوصية القدس بكل ما تعنيه من قضية كبرى، إذ لن تكون للاحتفالية أمانة عامة واحدة، وإنما أمانات متعددة، وليس ثمة من مدينة أو بلد واحد يحتضنها، وإنما مدن وبلدان. وقد حاولنا جاهدين تقصي أخبار تلك الجهود فمنها ما يبذل في رام الله وأخرى في غزة وثالثة في العواصم العربية، وكل منها بمعزل عن الأخرى حينا ومتشابكة حينا آخر، ليكون تمييز بعضها عن بعض أشبه بقضية شائكة ومعقدة، حيث ان الانقسام الفلسطيني انعكس على دعم الاحتفالية والذي بدوره انقسم ما بين أمانة عامة في رام الله وأخرى في غزة. فذهب الدعم الرسمي العربي إلى رام الله، والدعم الأهلي إلى المؤسسات المستقلة وغزة. فالمؤتمر العربي التاسع عشر للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) الذي عقد الشهر الماضي أصدر قراراً بتقديم 250 ألف دولار لدعم مشروعات الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية بالتعاون مع اللجنة الوطنية الفلسطينية. وتبنى جملة من التوصيات ودعت المنظمة إلى مواصلة المساعي لإسقاط «القدس» من القائمة التمهيدية «الإسرائيلية» المؤقتة للتراث والعمل على إقناع الدول الأعضاء في لجنة التراث العالمي بهذا الأمر.

كما تشكلت لجنة فلسطينيةـ سورية برئاسة وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا ووزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة، وأبدت وزارة الثقافة السورية رغبتها في المساعدة وبإقامة احتفاليات في سورية، لوجود عدد كبير من المثقفين الفلسطينيين فيها، يقوم عدد منهم بترويج أعمالهم في سورية بتمويل من وزارة الثقافة الفلسطينية وهناك أعمال أخرى ستمولها وزارة الثقافة السورية ليتم عرضها في دمشق. وأعلنت «مؤسسة القدس الدولية المستقلة» حملة أهلية للاحتفالية، أطلقتها نهاية الشهر الماضي معلنة عن مخطط مقترح يقام في 11 بلدا عربيا هي (سورية، مصر، السعودية، الأردن، السودان، اليمن، لبنان، الجزائر، الكويت، البحرين، غزة) بالإضافة إلى أوروبا. وطرحت المؤسسة أكثر من 360 مشروعاً منها إصدار نحو 100 كتاب، وإنتاج أعمال سينمائية وثائقية وفنية غنائية وأعمال مسرحية ومهرجانات تراث ورياضة ومسابقات. وقد اختار فرع سورية لمؤسسة القدس الدولية حوالي 25 مشروعاً، بالإضافة إلى مبادرة إطلاق اسم القدس على أحد الشوارع والمدارس في المحافظات، كما اختارت طباعة 6 كتب، وإصدار مجلة شهرية باسم «زهرة المدائن» يصدر العدد الأول منها مع بداية الاحتفالية، وتعنى بنشر دراسات متخصصة تؤكد الهوية العربية للقدس.

نشأت فكرة مشاركة العواصم العربية في احتفالية القدس خلال اجتماع وزراء الثقافة العرب في مسقط عام 2006. وعلى هذا الأساس عقدت السلطة الفلسطينية مؤتمراً صحافياً أعلنت فيه عن تشكيل لجنة الاحتفالية، رئيسها الأعلى الرئيس محمود عباس، وتضم الشاعر محمود درويش رئيساً للجنة، وحنان عشراوي رئيسة للمكتب التنفيذي، إضافة إلى ممثلين عن المؤسسات الأهلية في القدس، لكن محمود درويش اعتذر تلته عشراوي وتتالت التطورات على خلفية الانقسام الفلسطيني إلى أن تم تشكيل المكتب التنفيذي في 2/1/ 2008. وبدورها أعلنت وزارتا الثقافة والإعلام في قطاع غزة عن تشكيل لجنة للاحتفالية تضم رموزاً ثقافية ودينية وسياسية من القطاع، ووضعت اللجنة خطتها لإطلاق الفعاليات.

من جانبها بادرت «مؤسسة القدس الدولية» بالشراكة مع «مؤسسة فلسطين للثقافة» و«مركز الزيتونة للدراسات والنشر والاستشارات» و«قضائية القدس» لانتهاز الفرصة وايجاد تحرك عربي شامل في مواجهة المشروع الصهيوني، وارتأت مؤسسة القدس أن تحافظ على حيادها تجاه الأطراف الفلسطينية. وبحسب تصريح لـ «الشرق الأوسط» قال عادل الحلواني أمين سر مجلس الأمناء:«لسنا طرفا في الانقسام الفلسطيني، وإنما هي حملة أهلية تتكامل مع كل الجهود الأخرى لإنجاح الاحتفالية».

منشورات المؤسسة الفخمة، والموقع الالكتروني المتميز، ناهيك عن المقرات المؤثثة بعناية والكوادر العاملة، جميعها توحي بأن تمويلات ضخمة تتدفق عليها، وبالتالي فإن تحقيق الأهداف الموضوعة تغدو ممكنة جداً، إلا ان ذلك يحتاج إلى تضافر جميع الجهود.

وتشارك القاهرة بدورها في الحدث بحيث تسلم جائزة القدس لأرملة المفكر عبد الوهاب المسيرى في 1 يناير كفاتحة للأنشطة، ويتم إصدار طابع بريدي عن القدس، كما تنظم ندوات ضمن فعاليات معرض الكتاب القادم تناقش مواضيع: «القدس فى التاريخ»، «آثار القدس»، «الأوضاع الاجتماعية فى القدس»، «السينما في القدس» خصوصاً وفلسطين عموماً، إضافة إلى معرض فنون تشكيلية يحمل عنوان «رسوم مقدسية» وحفل فني كبير يحتفي بقراءات لأشعار عن فلسطين ولمحمود درويش وقد تم الاتفاق حتى الآن مع الشعراء سيد حجاب وفاروق شوشة ويرافق القراءة عزف لنصير شمة. وفي بيروت تشكلت لجنة لتنظيم أنشطة الاحتفالية أعلنت عن نفسها منذ أيام ودعت للتحرك من أجل القدس، وسنرى في السنة الحالية احتفالات في مختلف الدول العربية للتضامن مع المدينة التي تشكل الجرح الأكبر في الوجدان العربي المعاصر. معلوم ان احتفاليات المدن العربية التي اختيرت سابقاً كعواصم ثقافية، لم تقدم كثيراً أو تؤخر، وآلت إلى النسيان. لذلك كي لا تظلم زهرة المدائن في عيدها ما على العرب سوى السباحة في مياه دعم القدس بقوة كعاصمة لثقافتهم عام 2009.