مفكر سوداني يدعو إلى علمانية الدولة وليس المجتمع

يرى أن على المسلمين في كل مكان تطبيق الشريعة لأنها واجب ديني

TT

منذ هجوم 11 سبتمبر (أيلول)، صدر في أميركا أكثر من أربعمائة كتاب عن الإسلام والمسلمين. منها كتب كتبها مسلمون، ومنها هذا الكتاب الممتاز، الذي كتبه البروفسور عبد الله النعيم، أستاذ القانون في جامعة أموري (ولاية جورجيا)، وكان أستاذ القانون في جامعة الخرطوم. وعنوان الكتاب هو «الإسلام والعلمانية»، وضم فصولا مثل «الدولة العلمانية ضرورية للسلام»، و«الإسلام والدولة والسياسة تاريخيا»، و«الدستورية وحقوق الإنسان والمواطنة»، و«الهند: علمانية الدولة وعنف المواطنين»، و«تركيا: تناقضات العلمانية الدكتاتورية»، و«إندونيسيا: حقائق التنوع وتوقعات التعددية»، وأخيرا «مستقبل الشريعة». في البداية، يرى مؤلف الكتاب أن الشريعة جزء أساسي في الإسلام، لكن هذا شيء، وتطبيقها شيء آخر. ويقول «مثل ضرورة حماية الدولة من الذين يستغلون الدين، لا بد من حماية الشريعة من الذين يستغلون الدولة، ولا بد من إصدار قوانين حكومية محايدة، تطبق على كل شخص، مسلم أو غير مسلم، وأن تكون هذه هي قوانين المجتمع المدني، تطبق لأسباب مدنية، ولضمان حقوق مدنية».

ويعتقد المؤلف أنه، ليكون «مسلما حرا»، يحتاج إلى دولة علمانية محايدة في موضوع الدين، فعبر التاريخ الإسلامي فصل الإسلام عن الدولة. ولا يدعو المؤلف في هذا الكتاب إلى «مجتمع علماني»، ولكن إلى دولة علمانية. لكن ما هي الدولة العلمانية؟ ويجيب «الدولة العلمانية هي التي تسهل تطبيق الدين، اعتمادا على إيمان مخلص». فهناك، بالنسبة للمؤلف، فرق بين أن تكون الدولة إسلامية، وأن يكون المجتمع إسلاميا، فالدولة مؤسسة سياسية، لا دينية، كما أن هناك فرقا بين الشريعة كمفهوم وتطبيق، والإسلام كدين وتنفيذ، حسب أهواء السلطة. إنه يتحدى «الذين يقولون إن الدولة الإسلامية تملك حق فرض الشريعة، والذين يقولون بفصل الإسلام عن الحياة العامة». إنه يريد فقط «علمنة الدولة، لا علمنة المجتمع». واعترف عبد الله النعيم بأن اسم «العلمانية» اسم سلبي، وذلك لسببين:

أولا؛ عدم التفريق بين الدولة والسياسة.

ثانيا؛ الخوف من أن الفصل بين الدولة والدين سوف يسيء إلى الإسلام. «لهذا، أقترح (دولة علمانية)، بدلا من (العلمانية)، حتى لا يساء فهم قصدي».

وقال إن من أسباب القلق والتوتر وسط المسلمين، هو أن الدول الغربية متطورة أكثر من الدول الإسلامية، وأننا نقلدها، لكن «لا بد من قبول الأمر الواقع، ليس ضعفا، ولكن لأن الواقعية جزء من التقاليد الإسلامية». وقال الكتاب إن الحكومات الإسلامية لا تقدر، منطقيا، على تطبيق الشريعة، ولا على تطبيق الإسلام، وهو دين الحرية. ثم إن تطبيق هذه الحكومات للشريعة لا يؤذي المسلمين فقط، ولكن أيضا الأقليات غير المسلمة (مثل الجنوبيين في السودان، والأقباط في مصر، واليهود في إيران، إلخ...). إن أهم شيء، حسب قول المؤلف، هو أن يتمتع المسلمون بحرية ممارسة دينهم كما يرون، وأن يطبقوا الشريعة دون أن تفرض عليهم، بل أكثر من ذلك، يجب على المسلمين في كل مكان تطبيق الشريعة، لأنها واجب ديني. ويفضل تطبيق ذلك عندما تكون الدولة محايدة، فالإسلام دين يؤمن به الناس، لكن الدولة مؤسسة سياسية وقضائية.

ولهذا، كما يقول، لا بد من دولة علمانية، لا يجبر فيها أحد أحدا على شيء، فـ«هذا هو الطريق الوحيد الشرعي والصحيح، ليكون المسلم مسلما».