مسرح الجنادرية.. رافعة للمسرح السعودي أم تراجع في الأداء؟

شهد في الدورة الحالية 14 عرضا مسرحيا

لقطة من عرض «لأجله استدار الزمن» لفرقة نورس المشاركة بمسابقة العروض القصيرة بالدمام (تصوير: أثير السادة)
TT

ينتظر المسرحيون السعوديون الدورة المسرحية المصاحبة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) كل عام لتصنع موسما مسرحيا لمجموعة من فرق لا تزال تنمو خارج الرحم الثقافي في السعودية، وسط صعوبات بالغة تتمثل في التشكيل، والتعبير، وتكوين الأداء المسرحي.

في مهرجان (الجنادرية 24)، تنافس على خشبة العرض 14 عرضا مسرحيا لجمعيات وجامعات. وكانت مسرحية «موت المؤلف»، المقدمة من جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، أولى العروض التي افتتح بها النشاط المسرحي في الجنادرية هذا العام، وهي مسرحية حققت حضورا في الداخل والخارج، وتختزل في مضمونها الصراع الدائر بين مناصري المسرح والرافضين له في السعودية.

وعلى الرغم من الجدل الذي يحدثه المسرح لدى جمهور لا يزال مشدودا لقيم التحريم، فإن المسرحيين السعوديين أنفسهم لا يزالون مختلفين حول إمكانية المواسم التي يقتطفون فيها الفرصة لتطوير المسرح وإثراء التجربة الفنية للفرق المشاركة والتمهيد لأرضية مسرحية تأخذ طريقها ببطء.

أحمد بن عبد الرحمن الهذيل، رئيس مجلس إدارة جمعية المسرحيين السعوديين، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتفق مع الرأي الذي يقول إن هناك تراجعا فيما يسمى بمسرح الجنادرية، مشيرا إلى أن هناك لجنة تتكون من خبراء مسرحيين للمهرجان توكل إليها مهمة اختيار عدد من النصوص المسرحية الناجحة والناضجة المقدمة من قطاع المسرحيين على مختلف توجهاتهم وأفكارهم بحيادية تامة وبدقة متناهية، وأن ما يقدم من مسرحيات تؤكد تنامي النجاحات التي حققها المسرح السعودي.

في حين أكد المسرحي علي السعيد (ممثل وكاتب ومخرج مسرحي)، أن مهرجان المسرح المصاحب لفعاليات الجنادرية يعد من أهم الفعاليات المسرحية التي أسهمت في تطوير النشاط المسرحي بالسعودية، وذلك من خلال ما يتيحه من فرصة للمسرحيين لتقديم إبداعاتهم في العاصمة والالتقاء ببعضهم بعضا.

وقال: «منذ انطلاقة المسرح بشكل فردي في ثاني دورة من دورات المهرجان عام 1968 تم تقديم مجموعة إصدارات مسرحية متنوعة، كان أبرزها كتاب «مدخل لدراسة تاريخ المسرح في المملكة العربية السعودية» للباحث ناصر الخطيب، وطباعة النصوص المسرحية الفائزة في الدورات المختلفة من المهرجان، وكذلك طباعة أوراق العمل التي قدمت في الندوات التي نظمتها لجنة المسرح وكانت في كتابين.

وذكر أن المهرجان يشهد هذا العام، بالإضافة إلى عروض المسابقة، عروضا (موازية) على هامش المسابقة، مشيرا إلى «أن المهرجان المسرحي بالجنادرية يحتاج إلى نظرة إدارية داعمة ماديا وإداريا من قبل اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة. وعلى أقل تقدير لا بد أن يبقى المشاركون طيلة فترة فعاليات المسرح، حتى تتحقق الفائدة، وأن تعد لائحة تنظيمية مكتوبة للمهرجان، بالإضافة إلى الإعلان المبكر عن محور الدورة القادمة له، حتى تتمكن الفرق من الاستعداد المبكر للمشاركة».

وبخلاف هذين الرأيين، فإن الناقد المسرحي السعودي محمد العثيم، يرى أن هناك تراجعا للمسرح السعودي في مهرجان الجنادرية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسرح الجنادرية عمره قرابة 12 دورة. وقد رصد المهتمون مشكلة النمو في الكم والتراجع في مستوى الكيف الثقافي، لأسباب محددة تحاط علما بها كل عام الجهات المنظمة لهذا المهرجان المحلي الذي تشارك فيه أكثر من عشرة عروض كل عام».

وذكر العثيم: «قدمت مقترحات كثيرة للنهوض بمستوى الإشراف الفني... فالمشكلة تبدأ من قيام لجان التنظيم من رجال العلاقات العامة بالإشراف على العروض والندوات بدل إسناد هذه المهمة للجان ثقافية نخبوية، لذلك تجد الارتباك يعم التنظيم، وينصرف المثقف النخبوي عن مشاهدة العروض تحججا بضعف المستوى والمحتوى، ويتراجع مستوى العروض لأنها لا تتعرض لمراجعات نقدية وتحليل من قبل مختصين. إن اللجان الحالية ومنذ سنوات لا تستطيع إدارة عمل ثقافي نخبوي لحساسية الطرح الثقافي وحواراته التي تتحول في كثير من الأحيان إلى مهاترات، كما لا يوجد إشراف دقيق في اختيار العروض من قبل لجان متخصصة قبل أن تدعى... فتأتي عروض أقل بكثير من المستوى».

ويتفق المخرج المسرحي صالح إمام مع الرأي القائل بتراجع الأداء المسرحي في الجنادرية، مضيفا: «أنه من أهم أسباب هذا التراجع، الذي يمكن أن يكون تراجعا عاما لهذه التجربة، عدم وجود وعي مسرحي لدى العديد ممن يعملون في مجال المسرح، وعدم اهتمام المسرحيين بالدورات المسرحية واعتمادهم على التلقي والمشافهة في تطوير إمكاناتهم المسرحية، ومحاولة البعض فرض توجهاتهم المسرحية وإلغاء غيرهم، مما نشأ عنه فراغ كبير بين المسرحيين، وجفوة ساهمت في تراجع تماسك المسرحيين وتكاتفهم، إضافة إلى عدم وجود معاهد أو قاعات عرض مسرحية أو حوافز تساهم في دفع عجلة التقدم المسرحي».