الشاعر محمد الثبيتي.. حنين لموسم الأعاصير

الشاعر محمد الثبيتي («الشرق الاوسط»)
TT

بعد أسابيع خصبة بالنشاط، كسر خلالها الشاعر السعودي محمد الثبيتي جدراناً من العزلة أحاطت به سنوات، وخلافاً لحالة السكون التي عزلته عن جمهوره، نشط الثبيتي خلال الشهور الماضية في العديد من ضواحي الأدب في السعودية، مقيماً الأمسيات، وملتقياً بأصدقاء الحرف. وفجأة أصيب الشاعر بأزمة قلبية داهمت الشاعر في منزله الأسبوع الماضي في مكة المكرمة، فرفّت لأجله قلوب الكثير من عشاق شعره ومحبي قصائده، كما رفّ له قلب قيادة بلده التي سارعت لتكفل علاجه ونقله بطائرة الإخلاء الطبي لتلقي العلاج. وطرأ تحسن ملموس على حالة الشاعر الثبيتي بعد نقله إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، ثم عاودته الأزمة القلبية أثناء تلقيه العلاج، وكان مصدر طبي صرح أنه احتاج لعملية إنعاش باليد وبالكهرباء للقلب عدة مرات، وبالرغم من أن الشاعر تعرض لغيبوبة فإن العديد من أعضاء جسمه استعاد وظائفه.

في الأسابيع الأخيرة، نشط محمد الثبيتي وأقام أمسيات شعرية في جدة والدمام وحائل فقد شارك نهاية فبراير/ شباط الماضي في الملتقى الشعري بجازان الذي أقيم تحت عنوان (الخطاب الشعري المعاصر في السعودية)، كما شارك بعدها في أمسية في نادي حائل الأدبي، وقام النادي بعدها بإعادة طباعة مجموعاته الشعرية في مجموعة واحدة تحمل عنوان «ديوان محمد الثبيتي» وتضم دواوينه: «عاشقة الزمن الوردي»، و«تهجيت حلما تهجيت وهما»، و«التضاريس»، و«موقف الرمال موقف الجناس»، إضافة إلى الديوان الشعري الجديد «بوابة الريح»، كما أصدر النادي للثبيتي ديوانا صوتيا، كما ألقى قصائد في نادي المدينة الأدبي، وأقام أمسية حاشدة في نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وشارك مطلع الشهر في فعاليات الأيام الثقافية السعودية في اليمن، حيث أقام مجموعة من الأمسيات الشعرية هناك. ليس من عادة الثبيتي المواجهة وهو الذي يجنح للسكون، ولذلك خسر معظم مواجهاته مع الخصوم الذين افترضوا فيه خصماً سهل المراس، قبل أن يفاجأوا بأن الشاعر الذي فضل الانسحاب من أرض معاركهم الفكرية والأدبية، عاود الكرة بمزيد من الشعر ومزيد من القصائد، كما حصل بعد أزمته مع نادي جدة الأدبي مطلع التسعينات، والأزمات التي تلت ذلك وصولا لسوقه للمحاكمة، مما دفعه للانكفاء حيث لاذ بالصمت قسطاً من الزمن، لكنه حوّل صمته إلى عطاء شعري، قال بعدها إن (فترة الانكفاء والصمت هي التي أنتجت ديوان «موقف الرمال»).

ولد محمد عواض الثبيتي في عام 1952 في منطقة الطائف، وحصل على بكالوريوس في علم الاجتماع وعمل في التعليم وصدرت له الدواوين: (عاشقة الزمن الوردي)1982، (تهجيت حلما.. تهجيت وهما) 1984؟، (التضاريس) 1986. ومثلت قصائد الثبيتي وأهمها (التضاريس)، (تغريبة القوافل والمطر)، (موقف الرمل)، (الجناس)، (وضّاح)، و(بوابة الريح)، مشاهد حداثية متطورة، مشوبة أحياناً بنكهة اللغة البدوية، أو سمات الصحراء. ويفسر البعض نجاح قصائد الثبيتي بقدرتها على المزج العجيب ما بين لغة الإنشاد وجماليّته، وبين الخيال الصوفي والاتكاء على استحضار أسطورة «انتظار المخلص».

يعد الثبيتي اليوم أحد أبرز الشعراء السعوديين الذين مثلوا حركة الحداثة، خاصة على مستوى «الإبداع الشعري»، لكنه بدأ تقليدياً وهو الذي نظم الشعر وعمره 16 عاماً، وظل ممزوجاً بروح بدوية، مما أكسب قصائده نكهة تبلورت في عدم تخلي قصيدته عن الموسيقى والقافية حتى عندما انتقل إلى كتابة قصيدة التفعيلة. وظلّ على تواصل مع الحركة الشعرية والثقافية بالرغم من فترات الانقطاع والعزلة، خلافاً للعديد من الشعراء السعوديين الذين نشطوا خلال الثمانينات من القرن الماضي ومثلوا ما أصبح يعرف بالتيار الحداثي، لكن إنتاجهم الشعري والثقافي تراجع فيما بعد. حصل الثبيتي على عدد من الجوائز، منها جائزة نادي جدة الثقافي عام 1991 عن ديوان «التضاريس»، وجائزة اللوتس في الإبداع عن الديوان نفسه، وجائزة أفضل قصيدة في الدورة السابعة لمؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري عام 2000، عن قصيدة (موقف الرمال.. موقف الجناس)، وجائزة ولقب ( شاعر عكاظ) عام 2007 في حفل تدشين فعاليات مهرجان سوق عكاظ التاريخي الأول.