الأندية الأدبية السعودية.. محركات جديدة للجدل الثقافي

فعاليات أسهمت في تفعيل المشهد وبعضها أحدث صخبا واسعا

جانب من حضور إحدى أمسيات «جمعية الثقافة» (تصوير: عمران حيدر)
TT

برز مؤخرا النشاط الثقافي في السعودية كواحد من محركات التجاذب بين الأطياف الثقافية والفكرية في البلاد. وكان مثيرا أن العديد من هذه الأنشطة التي أحدثت جدلا بعضه إعلامي وبعضه معرفي، تمت داخل أروقة مؤسسات ثقافية كانت حتى وقت قريب تصنَّف باعتبارها محافظة وتقليدية. وبعض هذه الأندية، كنادي المنطقة الشرقية الأدبي، أخذ زمام المبادرة في تنظيم مسابقة الأفلام السعودية التي يستعد لإقامة دورتها الثانية، التي جعلت من النادي وجهة رئيسية لعشرات الشباب الذين لم يلجوا عالم المؤسسات الثقافية من قبل، كذلك أحدث نادي جازان في أقصى الجنوب الغربي من البلاد صخبا كبيرا واكب تنظيمه الملتقى الشعري الثالث الذي أقيم تحت عنوان «الخطاب الشعري المعاصر في المملكة العربية السعودية». وحفل الملتقى بعدد من الدراسات النقدية والأمسيات الشعرية والمداخلات، أسهم فيها أسماء بارزة بينها محمد العلي وعلي الدميني وحسن النعمي وعلي بافقيه ومحمد الثبيتي والدكتور محمد حبيبي وعيد الخميسي وهدى الدغفق والشاعر أحمد الملا والشاعر جاسم الصحيح وعبد الله الوشمي والدكتور عالي سرحان القرشي ومحمد الحرز.

وكذلك نظم نادي جدة الأدبي ملتقى «قراءة النص» التاسع بعنوان «الرواية في الجزيرة العربية» بالإضافة إلى الأمسيات الفكرية والشعرية في نادي حائل الأدبي ونادي تبوك. وفي استطلاع لـ«الشرق الأوسط» تحدث مسؤولون ثقافيون في الأندية الأدبية عن الدور الثقافي الجديد الذي تنهض به هذه المؤسسات ودورها في اجتذاب الطاقات الشبابية.

* أول ناد يعرض أفلاما سينمائية

* ويُعتبر نادي المنطقة الشرقية أول ناد يقوم بعرض أفلام سينمائية. ويقول جبير المليحان رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي: «لاحظنا الإقبال الكبير من الشباب السعودي على حضور المناقشات التي تلي عرض الأفلام القصيرة التي أنتجها وأخرجها شباب سعوديون هواة. ومن هنا انبثقت فكرة إقامة مسابقة الأفلام التي نفذها النادي مشاركة مع فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام. ونحن نعمل الآن على إعداد المسابقة الثانية للأفلام القصيرة». ويقول المليحان إن النادي الذي وضع له شعار «لا نتوقف»، ينفذ ثلاث فعاليات أسبوعيا على الأقل، وبشكل مستمر، وسبب ذلك أن جمهور المنطقة الشرقية جمهور متعدد، ومقبل على الأنشطة الثقافية والأدبية المتعددة، بالإضافة إلى التركيز على الإصدارات، كالمجموعات القصصية والشعرية، ونقد وبحوث، وإصدار مجلة «دارين».

وأضاف المليحان: «نصمم برنامجنا كل ستة أشهر، يتم خلالها تحديثه وتطويره حسب الظروف، كما نغتنم أيام المناسبات العالمية لنقيم أنشطة مخصصة لها، مثل يوم المرأة، ويوم حقوق الإنسان، ويوم الشعر العالمي، الذي نحتفل به كل عام بتخصيص أسبوع كامل لفعالياته».

* خطاب ثقافي أشمل

* الدكتور عبد المحسن القحطاني رئيس نادي جدة الأدبي يقول: «الأندية الأدبية تسعى لكي تلم بالمشهد الثقافي من جميع جوانبه، والنشاطات المنبرية جزء من مكونات هذا المشهد. لكن الملتقيات والمهرجانات والمسابقات التي ينظمها بعض الأندية والتي يحضرها متخصصون يمكن أن تثري هذا المشهد وتعمقه وتؤسس لخطاب ثقافي أشمل». ويضيف: «إن نادي جدة يضم لجنة تُعنى بالفنون البصرية من فن سينمائي وفنون تشكيلية وتصوير وغيرها». ويقول القحطاني إن الأندية الأدبية تحاول أن تتبنى المناشط الثقافية كافة، لكنها تحتاج إلى إمكانيات مكانية حتى تقدم هذه الفنون والأشكال الثقافية بما يحقق الهدف من تنظيمها، وهي تواجه صعوبة كبيرة في هذا الجانب نظرا إلى قلة الإمكانات التي تقدم لها. ويقول القحطاني: «في العام الماضي طرحنا في ملتقى النص في نادي جدة الأدبي محور (السيرة الذاتية) في الأدب السعودي، وقُدمت دراسات وبحوث خاصة بالملتقى، مما يعني تحريك الجانب النقدي، وطرحنا عدة محاور في السنوات الماضية مثل تكريم الرواد السعوديين وكذلك طرح محاور مثل الترجمة وغيرها».

* حراك ثقافي

* ويشير أحمد الحربي، رئيس نادي جازان الأدبي، إلى أن مسؤولية المؤسسة الثقافية تكمن في الاجتهاد في استحداث البرامج والفعاليات. وقال الحربي: «إن الحراك الثقافي الذي نراه في الساحة الآن تشارك فيه كل الأندية الأدبية وليس أندية معينة فقط، كما أن مجالس الإدارات الجديدة عملت على كسر الجمود وتفعيل نشاطات نوعية لاقت رضا كثير من المثقفين». وقال: «لعل أهم ما يميز نادي جازان الأدبي هو الملتقى الشعري الذي يقام في مطلع كل عام هجري منذ إدارته الجديدة». وذكر أن الملتقى الثالث للشعر في جازان أحدث أصداء واسعة، لأن موضوعه كان مهما لجميع الأطياف الشعرية.