كاتب إماراتي يجمع خطوط أكثر من 100 شاعر وكاتب

استغرق 7 سنوات في الإعداد وجمع مؤرخين ومثقفين وصحافيين من مراحل تاريخية مختلفة

نموذج من الخطوط التي تضمنها الكتاب («الشرق الأوسط»)
TT

هذه المرة أراد أديب إماراتي أن يؤرخ للمثقفين والشعراء في بلاده بطريقة مختلفة، وبدلا من أن يستخدم المقولة الشهيرة «من فمك أدينك» استعاض عنها بعبارة تقول «من خطك أدينك» في كتاب متخصص هو الأول من نوعه، يصدر قريبا، ويشتمل على خطوط أشهر الكتاب والشعراء في الإمارات خلال المراحل التاريخية المختلفة.

ولكن ما جدوى مثل هذا الكتاب؟ يعتقد سعيد حمدان أن جدواه تأتي من كونه توثيقا لأسماء وخطوط أدباء وشعراء وكتاب خلال مراحل زمنية مختلفة حتى الجيل الجديد. ويقول عن ذلك: «الكتاب لا يحمل ما يمكن أن نسميه رؤية الكاتب أو بحثا علميا، لكنه يعطي بالإضافة إلى التوثيق فكرة عن جمالية وتطور خط الكاتب والأديب، ودلالات وأفكارا لمشاريع مقارنة أو مكملة عن مدى تأثير الإبداع في خط الكاتب».

ويضم الكتاب أكثر من 11 خطا نسائيا، كما يضم نماذج لخطوط رؤساء التحرير ولأعمال أشهر كتاب الزوايا في صحافة الإمارات مثل: خالد محمد، ظاعن شاهين، عبد الحميد أحمد، راشد العريمي، سامي الريامي، محمد الحمادي، ناصر الظاهري، عادل الراشد، عبد الله رشيد، عائشة إبراهيم سلطان، فضيلة المعيني، علي عبيد، السعد المنهالي، مريم سالم.

ولكن كيف جاءت الفكرة؟ يجيب سعيد حمدان بالقول: «خلال فترة عملي الصحافي في جريدة البيان، عملت فترة مشرفا على صفحة الدراسات، وكذلك عملت سكرتير تحرير كعضو في لجنة الديسك المركزي للجريدة. كانت تصلني مقالات الزملاء كتاب الزوايا والمقالات في الجريدة وأيضا كتاب صفحة الرأي والدراسات من مختلف الدول العربية، أغلب الكتابات إن لم يكن جميعها خلال تلك الفترة مكتوبة بخط يد الكاتب. ومع الممارسة بدأت أحفظ أشكال خطوط الزملاء وأميزها من بين عشرات الخطوط. بعض الكتاب خطه في الأصل جميل، ويصر خلال كتابته أن يعتني بذلك ويحرص على التقيد بشروط الكتابة ولوازمها، والبعض الآخر خطه جميل، ولكن طبيعة الكتابة الصحافية المستمرة، والسرعة، تجعله ينسى ضرورات التقيد بالفواصل والنقاط، وآخر خطه سيئ ويحاول أن يجمله، وبعضهم خطه «ساخر» كما هي طبيعة كتاباته، فالخط هو جزء من شخصية الكاتب يعبر عن طبيعته ونفسيته. هناك خطوط عندما ألاحظها اليوم أضحك، ولو أن الكتابة لا توحي بشيء من ذلك، لكني أربطها وأتذكر صاحبها الكاتب الساخر، أو الآخر الجامد، أو الشاعر مرهف الحس. إيحاءات كثيرة يولدها خط الكاتب».

ويقول حمدان عن كيفية جمع خطوط عشرات الكتاب: «بدأت عمليا من عام 2001 أجمع الخطوط، وأجري اتصالات مع الكتاب والشعراء والأدباء وغيرهم. وأعتقد أنني محظوظ لأنني بدأت في تلك الفترة، لو تأخرت لما حصلت على هذه النتيجة والتنوع وهذا الكم من الخطوط. أنا شخصيا كنت من عشاق الكومبيوتر منذ بدايات استخدامه بفضل العمل الصحافي الذي رغبني شخصيا في البداية لاستكشاف هذا العمل والتمرن عليه، ثم طورت قدراتي بدراسة مهارات الكومبيوتر والممارسة اليومية في العمل الصحافي. كنت أكتب التحقيقات والأخبار اليومية خلال تلك الفترة على الكومبيوتر، وأقوم بمهمة المراجعة والتدقيق على صفحات الجريدة من خلال الكومبيوتر، لكن الشيء الذي لم أستطع عمله وقتها هو أن أكتب مقالي الأسبوعي مباشرة على الكومبيوتر، وأيضا لم أتخيل وقتها أن كاتبا ما يمكن أن يولد إبداعه من غير قلم وورقة، وأن يفعل ذلك دون وسيط، مباشرة إلى الكومبيوتر. لكن بعد سنوات وجدتني أتعود كتابة المقالة مباشرة على الجهاز، واليوم ما عدت أستطيع أن أكتب مقالة بالقلم، تخيل حجم التحول خلال مدى زمني لا يزيد على عشر سنوات، وهذا حال الكثير من الكتاب والشعراء اليوم، إنهم يكتبون مباشرة على الكومبيوتر ويحفظون كتاباتهم على الكومبيوتر، ويقرأون على الكومبيوتر، أي أنه لم يعد هناك مكان للقلم والورقة في إبداعاتهم».

وماذا عن المعوقات؟ يجيب سعيد حمدان: «هناك عدد من الأدباء كنت أشرح له فكرة المشروع، ولكنه كان يعتقد أنه لا فائدة منه، أو أنه لا يرغب أن يكون له خط في الكتاب. والبعض يعد أنه سيرسل لك وتكرر الطلب، ويكرر الاعتذار وأنه سيرسل لك سريعا ولا يصلك منه شيء، وبعض الأدباء يبقى مترددا حتى يعرف بقية الأدباء المشاركين».

وتم تصنيف الكتاب بحيث يضم فصلا لخطوط الأدباء، وآخر لشعراء الفصيح والنبطي، وفصلا ثالثا للكتاب الصحافيين. والمساحة المخصصة لكل كاتب لا تزيد على الصفحتين.

ويعترف سعيد حمدان أن هذا الكتاب من أصعب المشاريع التي عمل عليها: «أخذ مني سنوات طويلة، مرة أحبط ومرة أتحمس، مرة أفشل، ومرات أنجح في الوصول إلى أكثر من أديب، وأجد استجابة سريعة منهم، إضافة إلى ذلك، لم أجد مؤسسة يمكنها أن توصلني إلى أكبر عدد من الأدباء أو حتى الحصول على قائمة محدثة تضم أسماء الأدباء أو الشعراء ووسيلة الاتصال بهم. إنها عملية غير متوفرة في أي مؤسسة ثقافية».

وعن تصوره لفكرة الكتاب، يقول: «كنت في البداية قد وضعت تصورا لدراسة تاريخية وفنية لتطور الخط في الإمارات، وأيضا دراسة تحليلية للخطوط والمدارس الأدبية، من خلال الاستعانة بخبراء متخصصين في هذا المجال، لكني وجدت أنني سأخرج عن نطاق فكرة المشروع وسأتشعب كثيرا، وقد تفقد الفكرة هدفها الرئيسي».

ولا يجزم سعيد حمدان حول ما إذا كان كتابه هذا هو الأول من نوعه عربيا: «لا أعلم صراحة، لكن في الإمارات يوجد عدد من المجلات والكتب الوثائقية والإبداعية طبعت بخط اليد، غير أنها أعمال تخص مبدعا أو كاتبا. لكن مثل هذا المشروع لا يوجد له شبيه. قد تجد وثائق مكتوبة بخط اليد ملحقة في الكتب، ولكن يصعب أن تجد كتابا متخصصا في الخطوط يضم هذا الكم والتنوع من الكتاب والشعراء في مكان آخر. شخصيا لم أعثر على عمل مشابه».

ومن أهم الشعراء القدامى الذين يضم الكتاب نماذج من خطوطهم كل من: راشد الخضر، ومبارك العقيلي، وأحمد بن سليم، والدكتور أحمد مدني، سلطان العويس، حمد بوشهاب، وسالم الجمري، وأيضا يعرض أعمال عدد من المؤرخين والأدباء مثل: إبراهيم المدفع، محمد سعيد غباش، محمد بن علي المحمود، أحمد الشيباني، محمد نور سيف، مبارك سيف الناخي، حميد بن سلطان الشامسي، عبد الله بن صالح المطوع، وغانم غباش.

كما يعرض مجموعة من أدباء العصر الحالي مثل: محمد المطوع، الدكتور سعيد حارب، عبد الله صقر، الدكتورة نادية بوهناد، الدكتور حمد بن صراي، نجيب الشامسي، عبد الله السبب، الدكتورة فاطمة البريكي، وشعراء لهم أسماء بارزة في الساحة الشعرية، في الجانب النبطي أو الفصيح مثل: محمد بن حاضر، خالد البدور، سيف المري، أحمد راشد ثاني، سلطان العميمي، سالم الزمر، علي الخوار، محمد أحمد السويدي، عارف الخاجه.