مترجمون غير معتمدين ومتوسط الترجمة 52 كتابا في السنة

مؤتمر في الرياض يبحث دور المترجمين في التفاعل الثقافي وحقوقهم الفكرية

عدد الكتب المترجمة التي أمكن إحصاؤها وصل 1260 كتابا مترجما خلال 75 عاما مضت» («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد يبدو غريبا تحول مترجمين سعوديين من ممارسة مهنة الترجمة إلى مهن أخرى، يأتي على رأسها الانخراط في السلك التعليمي، رغم التوسع الأكاديمي وافتتاح أقسام وكليات جديدة للترجمة واللغويات في السعودية، إلى جانب تزايد الاحتياج للمترجمين على ضوء الانفتاح الثقافي، واتساع قطاعات الأعمال المختلفة. إلا أن مسؤولي هذه القطاعات لا يفضلون تعيين الكثير منهم «لعدم كفايتهم في الترجمة»، حسبما يقول الدكتور أحمد البنيان، رئيس مجلس إدارة «الجمعية العلمية السعودية للغات والترجمة».

ولتسليط الضوء على واقع وتطلعات المترجمين السعوديين، يعقد في الرياض في الفترة من 28 إلى 30 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أهم مؤتمر سنوي للمترجمين السعوديين، بنسخته الثالثة، تحت عنوان «الترجمة والتعريب في المملكة العربية السعودية»، الذي تنظمه الجمعية العلمية السعودية للغات والترجمة، التي يرأس مجلس إدارتها الدكتور أحمد البنيان. وهو يقول في هذا الصدد: «إن حجم الإنتاج المترجم في السعودية ما زال متدنيا. وحسب مكتبة الملك فهد الوطنية، فإن حجم النتاج المترجم في السعودية خلال 42 سنة منذ عام 1966 إلى 2007 وصل إلى 2200 كتاب، أي بمعدل 52 كتابا سنويا، كما أوضحت دراسة علمية، بأن عدد الكتب المترجمة التي أمكن إحصاؤها وصل 1260 كتابا مترجما خلال 75 عاما مضت».

في ظل هذا الواقع يهدف المؤتمر، كما يقول البنيان، للوصول إلى «كلمة سواء بخصوص وضع الترجمة بالمملكة». ويضيف البنيان «لا يزال نظام الاعتماد حلما يداعب الكثير من المترجمين السعوديين، إذ لا يوجد لدينا اعتماد لمترجمين بالصفة الطبيعية، ولكن بالصفة الاعتبارية عن طريق اعتماد مكاتب للترجمة، في الوقت الذي فاق عدد المترجمين في دولة مثل الصين 60 ألف مترجم، حيث تقوم وزارة شؤون العاملين الصينية بالإشراف على تنفيذ اختبار للحصول على مترجمين أكفاء. أما في السعودية فلا يمكن التكهن بعدد المترجمين السعوديين، لأنه لا توجد إحصائية دقيقة لعدد مكاتب الترجمة، إلا أنها تقدر بحوالي 300 مكتب، يتركز معظمها في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية».

ويشرح البنيان معاناة المترجمين السعوديين، وظاهرة تسربهم إلى مهن أخرى (قد لا يكونون مؤهلين لها)، «وسبب هذه الظاهرة عائد إلى عدم وجود سلم وظيفي يترقى فيه المترجم»، ولذلك يرى البنيان أن برامج تعليم الترجمة في السعودية بحاجة «لإدخال مشروع التدريب التعاوني فيها، من خلال جعل التدريب لدى القطاعين الحكومي والخاص أحد متطلبات التخرج». صحيح أن عددا كبيرا من كليات اللغات والترجمة، وأقسام اللغات الأجنبية، قد أنشئ في الفترة القليلة الماضية، لكن المشكلة تكمن في إيجاد هيئة التدريس المؤهلة لتلك الأقسام، التي لا تزال تعاني من نقص عدد أعضاء هيئة التدريس».

وهو يرجع أسباب هذا النقص إلى «افتتاح عدد كبير من كليات وأقسام الترجمة في وقت متقارب جدا، مما جعل التنافس على استقطاب الأساتذة على أشده، في ضوء ازدياد أعداد الطلاب، بالإضافة إلى قلة الحوافز المتاحة لجلب أعضاء هيئة التدريس المتميزين»، مؤكدا أن دول الخليج الأخرى تقدم لهم ميزات أعلى، مما يفوت فرصة استقطابهم محليا. وأشار البنيان إلى «بيروقراطية جلب أعضاء هيئة التدريس من الخارج، حيث يتطلب الأمر مرور المعاملات على عدد من المكاتب قبل وصولها إلى الملاحق الثقافية السعودية بالخارج، مما يجعل الأساتذة، المراد التعاقد معهم، يعملون على تغيير وجهتهم».

أما بالنسبة لجدول أعمال المؤتمر، فيقول رئيس الجمعية: «إن مؤتمر هذا العام يختلف عن سابقه، حيث سيتميز بتركيزه على الترجمة من العربية وإليها، كما سيقوم بتسليط الضوء على جهود الترجمة بالسعودية، واستقطاب علماء بارزين من العالم في حقل الترجمة، للمشاركة في تقديم أفضل الحلول في سبيل الرقي بمهنة الترجمة».

ومن المنتظر أن تنشر أوراق العمل المقدمة في المؤتمر في كتاب خاص بعنوان «وقائع المؤتمر الثالث للغات والترجمة»، فيما سيصاحب المؤتمر معرض بعنوان «ترجم في السعودية»، وهو معرض متخصص يجمع كل ما تمت ترجمته في السعودية، وله رقم إيداع في مكتبة الملك فهد الوطنية، بحيث تتولى كل جهة أمر إعداد قائمة بالأعمال التي تولت ترجمتها، وتوضع في لوحة خارج جناحها، كما تتولى أمر إعداد بطاقة تعريفية بسياستها في الترجمة، وبخطوات الترجمة وضوابطها المرعية فيها.

ويتناول المحور التنظيري للمؤتمر: أثر الترجمة في التفاعل الثقافي، ودور الترجمة في تغيير الصورة وتحسينها، وأوجه التعاون مع الآخرين من أجل النهوض بالترجمة السعودية، وكيفية الإفادة من أطروحات دراسات الترجمة الحديثة حول العالم، ودراسة وتحليل سياسات الترجمة في المؤسسات المختلفة، والطرح العلمي السعودي في مجال الترجمة، ومرويات الترجمة، ومعوقات الترجمة، وكيفية ترشيح مادة للترجمة، وواقع قواعد بيانات وببليوغرافيات العناوين المترجمة، الميزان بين ترجمة الآداب والعلوم، ودور «دور النشر» في دعم مشروع الترجمة، بالإضافة إلى دراسات نقدية لما تمت ترجمته.

أما المحور الإجرائي، فيتضمن: دراسة لترجمات معاني القرآن الكريم والسنة النبوية، ودراسة لقوانين الترجمة التنظيمية الرسمية، وتدريب المترجمين، وتقويم جودة الترجمة، ومتطلبات اعتماد المترجمين، وواقع مكاتب الترجمة، وتقدير المترجم وحفظ حقوقه الفكرية، وطرق الرفع من كفاءة المترجم، والفرص الوظيفية للمترجمين. إلى جانب تقارير عن مراكز الترجمة، وجوائز الترجمة، والأندية الأدبية، وجهود الجامعات في هذا المجال، والوزارات الحكومية، ومكاتب توعية الجاليات، ودور النشر الخاصة، والشركات.

ومن المعروف أن مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض أطلقت جائزة عالمية للترجمة باسم «جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة»، من أجل تبادل المعارف وتقوية التفاعل بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى، ودعم حوار الحضارات والثقافات. وهي تتكون من خمس جوائز سنوية تقديرية للأعمال المتميزة والجهود البارزة في مجال الكتب المعربة من اللغات الأخرى أو المترجمة من اللغة العربية إلى لغات أخرى. وقيمة كل جائزة منها نصف مليون ريال في مجالات: العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وفي العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وفي العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وفي العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وجائزة الترجمة لجهود المؤسسات والهيئات.