هيلاري مانتل.. عشرون عاما من البحث الروائي في تفاصيل التاريخ

عاملة اجتماعية تفوز بجائزة «بوكر» البريطانية للرواية

TT

هذه المرة لم تفاجئ لجنة تحكيم «بوكر» البريطانية للرواية أحدا، فقد اختارت، كما هو متوقع على نطاق واسع، رواية «قاعة الذئب» لهيلاري مانتل لتفوز بجائزتها لهذا العام. واستحقت مانتل الجائزة، كما جاء في قرار لجنة التحكيم، لـ«قوة السرد، ورسم المشاهد، وللتوهج الموجود في التفاصيل». وبذلك تكون مانتل، وهي الروائية شبه المجهولة، التي لم ترشح سابقا لأي جائزة، قد فازت على روائي مثل جي إم كويتسي، الجنوب أفريقي، الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 2003، والحائز على جائزة «بوكر» مرتين، وروائية مثل إي إس بيات، التي فازت بالجائزة عام 1990 عن روايتها «التملك». وما يمنح فوز مانتل قيمة إضافية قوة الأسماء المرشحة في دورة هذه السنة، سواء في القائمة الطويلة أو القصيرة، مثل جون بانفيل، وتوماس كنيلي، وأنيتا بروكنر، والياباني الأصل كازو أشيغور، الذي فاز بها سابقا عن روايته الشهيرة «بقايا اليوم»، وكذلك الكندية مارغريت أتوود المرشحة لجائزة نوبل للآداب التي تعلن اليوم، والكاتب الأيرلندي المعروف وليم تريفور الذي استبعد حتى من القائمة الطويلة.

وتدور أغلب أحداث الرواية في قاعة محكمة «تيودور»، حيث يعمل توماس كرومويل، أحد موظفي هنري الثامن (1491- 1547)، الذي كان مسؤولا عن تسوية القضايا والمنازعات القانونية في عشرينات القرن السادس عشر، ومن خلال ذلك تنقل لنا ملامح عصر كامل: قضاة، ومحامون، وخيانات، وصراع على السلطة في ذلك العصر الممتلئ بالعنف والاضطراب، مسقطة ذلك على عصرنا الحالي.

وقد قضت مانتل عشرين سنة من البحث والكتابة حتى اقتنعت بصيغة الرواية النهائية، ورغم حجم الرواية الكبير، 630 صفحة، وموضوعها التاريخي البعيد الذي قد يبدو مملا، حققت الرواية مبيعات جيدة، إذ بيع منها نصف مليون نسخة، خصوصا بعد ترشيحها للقائمة القصيرة. ولا شك أنها ستبيع ملايين النسخ داخل وخارج بريطانيا بعد فوزها بهذه الجائزة ذات القيمة المعنوية الكبيرة عالميا، رغم قيمتها المادية المتواضعة (خمسون ألف جنيه إسترليني)، بالإضافة إلى مردودات الترجمة، وربما اقتباسها للسينما، وبذلك ستنتقل هذه العاملة الاجتماعية، البالغة من العمر سبعة وخمسين عاما، المعتلة الصحة منذ سنوات، والتي تنقلت في عدة بلدان، ومنها المملكة العربية السعودية، بحثا عن العمل، إلى مستوى حياتي آخر، وستدخل نادي الكتاب الأغنياء دفعة واحدة، ومن خلال رواية واحدة، وهو أمر لم تكن تتخيله حتى قبل أشهر قليلة، خصوصا أنها كتبت تسع روايات سابقة لم تتحقق أي منها نجاحا ملحوظا.

ونافس هيلاري مانتل في القائمة القصيرة، بالإضافة إلى كويتسي وإي إس بيات، سارة واتر عن روايتها «الغريب الصغير»، التي تستلهم أيضا أحداثا تاريخية تدور في العصر الفيكتوري، رابطة إياها بالقرن العشرين، وسايمن ماور عن روايته «الغرفة الزجاجية»، ويعود فيها أيضا إلى التاريخ، ولكن القريب، من خلال تناول تأثيرات التاريخ الأوروبي في عشرينات القرن العشرين على عائلة يهودية تعيش في تشيكوسلوفاكيا السابقة. والمرشح الأخير هو آدم فولدس عن عمله «المتاهة المتسارعة»، وتدور حول شاب يحجز في ملجأ بسبب مرضه، متناولا من خلال ذلك إشكالية الهوية، وحكايا الاضطراب والجنون في حقبة زمنية معينة.